كان من ضمن المنهاج الوزاري لرئيس الوزراء (الكاظمي) محاربة الفساد و المفسدين، و هذا من سابع المستحيلات حيث أن سابقوه كانوا يقولون نفس الشيء و لكن الفساد كان يزداد وطأة. و لذلك لغرض تلهية الشعب عن هذا الوهم لجأت دائرة التقاعد للإقتطاع من رواتب المتقاعدين لشهر حزيران عام 2020، بعد شهر من تولي الكاظمي للسلطة، مما أدى إلى حدوث ضجة حول الموضوع، فلجأ مجلس النواب إلى الإجتماع و إصدار قرارً برفض هذا الإستقطاع، و على إثر ذلك قام الكاظمي بعقد مؤتمر صحفي أعاد فيه القطوعات للمتقاعدين. و هذا جعل الناس عموماً و المتقاعدين خصوصاً ممنونين لحرص كتل مجلس النواب و رئيس الوزراء على تأمين رواتبهم و بالتالي نسيان موضوع محاربة الفساد و الفاسدين و أن النوم مع الرواتب أفضل من دوخة الراس بمحاربة الفساد و الفاسدين، و مثلما يقول المثل “إللي يشوف الموت يرضى بالصخونة” أي “إللي يشوف قطع الراتب يرضى بالفساد و الفاسدين”.
ميزانية 2021 التي أقرها مجلس وزراء الكاظمي تضمنت تجويع مضاعف للشعب، التجويع الأول عن طريق تخفيض قيمة الدينار أمام الدولار بمقدار الربع تقريباً مما سيلقي بتبعات شديدة الوطأة على القدرة الشرائية للناس بتخفيض مقداره الربع تقريباً، لأن جميع السلع المتداولة في السوق هي مستوردة و حتى المنتجة محلياً فهي تعتمد على مواد أولية مستوردة. أما التجويع المضاعف فهو عن طريق إستقطاع جزء من رواتب الموظفين و المتقاعدين و هذا يعني تقليل السيولة النقدية في السوق مما يتبعه زيادة شدة الفقر و زيادة عدد الفقراء.
عندما وصلت الميزانية إلى مجلس النواب لمناقشتها و إقرارها، تعالت أصوات الكتل البرلمانية، التي وافقت على تخفيض قيمة الدينار بإعتراف رئيس وزراءها، بإعتراضها على إستقطاع جزء من رواتب الموظفين و المتقاعدين و إدعاءها بأن رواتب الموظفين و المتقاعدين خط أحمر، و لكن هذه الكتل أعطت الأذن الطرشة للتجويع بتخفيض قيمة الدينار.
وسط تهريج إعتراض كتل مجلس النواب على إستقطاع جزء من رواتب الموظفين و المتقاعدين تم نسيان التجويع بتخفيض قيمة الدينار، و أصبح هم الجميع عدم الإستقطاع من الرواتب، و مثلما يقول المثل “إللي يشوف الجوع بقطع الراتب يرضى بالتجويع بتخفيض قيمة الدينار”.