خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
شهد العالم، في 13 كانون أول/يناير 2019م، أخطر وأخبث عمليات الإرهاب، خلال التاريخ المعاصر، بغرب آسيا، حيث فقدت “الجمهورية الإيرانية” أكبر جنودها خارج الحدود.
لقد حقق الجنرال “قاسم سليماني”، أمنيته بعد سنوات من القتال، إلا أنه ترك ألمًا كبيرًا في قلوب ملايين الإيرانيين والأصدقاء بـ”جبهة المقاومة” على الصعيد الدولي. بحسب صحيفة (رسالت) الإيرانية الأصولية.
على كل حال، ما تصنفه العديد من الدول والفصائل في منطقة غرب آسيا؛ تحت عنوان: “محور المقاومة”، أو “جبهة المقاومة”، هو بالأساس نتاج مساعي الجنرال “سليماني”، في بلورة المقاومة.
وأهم سؤال يدور حاليًا في أذهان المحللين هو: ما هي أوضاع “جبهة المقاومة” بعد استشهاد القائد السابق لـ (فيلق القدس) ؟.. والإجابة على هذا السؤال الحيوي يستدعي البحث في تاريخ “جبهة المقاومة”، منذ الميلاد وحتى البلوغ.
طرف فاعل..
لو نعزو أساس ميلاد “جبهة المقاومة”، لـ”الثورة الإيرانية”، فقد شهدت العقود الأربعة الأخيرة الكثير من التطورات والأحداث التي أضفت على هذه الجبهة الشكل والتماسك.
فلم تؤثر الحروب الأهلية، والهجمات الدولية، والمؤامرات والاغتيالات الداخلية، لا على الدول ولا على الفصائل أعضاء “جبهة المقاومة”، وإنما كانت سببًا في بيان أهمية هذا المحور وخطابه بالمنطقة. وحاليًا أضحت “جبهة المقاومة” طرف فاعل ومؤثر في دول المنشأ وعموم المنطقة، ولا يمكن لأي تغيير أو تطور جذري في المنطقة أن يتبلور أو يستمر دون الأخذ في الاعتبار لتلكم الجبهة.
تغيير المعادلات الإقليمية..
وكأنما ضاعف اغتيال الجيش الأميركي، للجنرال “سليماني”، دور “محور المقاومة” في المعادلات الإقليمية على نحو غير مسبوق، في حين أن الإدارة الأميركية خططت للعملية للقضاء على هذا الدور.
فكان تغير المعادلات والتوازنات الإقليمية أحد أهداف عملية الاغتيال، وهو ما يبدو بعيدًا بالنظر إلى تطورات الماضي.
إن البحث في تاريخ فصائل المقاومة بـ”لبنان، والعراق، وفلسطين، واليمن”، يثبت عكس هذه الفرضية. إذ تعرض بعض قيادات فصائل المقاومة للاغتيال، خلال العقود الأخيرة، على أيدي العملاء في الداخل أو المؤامرات الخارجية، لكن مسار التطور لم يتقدم فقط على نحو زاد من قوة “جبهة المقاومة”، وإنما ساهم في انتشارها، بحيث استحالت طرف مهم في الإقليم وفوق الإقليم.
فرض نفسه وأهميته لمنطقة غرب آسيا..
من ثم؛ فإن اغتيال الجنرال “سليماني”، لن يتسبب في الإخلال بهذا المسار، ولكن سوف يضخ دماء جديدة في عروق “جبهة المقاومة”، ويجب أن يفضي إلى تطورات جذرية مستقبلاً.
كذلك فإن أحد أهم المكونات التي ساهمت في بلورة واستمرار حياة “جبهة المقاومة”، هو اختلاف طبيعتها عن سائر النماذج على الصعيد الدولي. من هذه المكونات أيضًا خطاب المقاومة الثوري في غرب آسيا. وقد سعت المقاومة إلى تفكيك وتحليل هذه المكونات. لذا فالمقاومة لا ترتبط بفرد أو قائد وإنما بالأفراد، والفصائل، والدول المشمولة بخطاب المقاومة، وأضحت عضوًا أو جزء من المقاومة في مسار التطورات الراهنة والمستقبلية.
وبخلاف هذه الرؤية الواقعية، فإن وجود “محور المقاومة” أفضى إلى نوع من الردع في منطقة غرب آسيا لصالح الدول والفصائل المنضوية تحت لواء المقاومة.
إنجازات “محور المقاومة”..
وقد ارتفعت تكلفة المواجهة ضد عناصر “محور المقاومة” بشكل كبير، ويمكن الإشارة إلى الكثير من الأمثلة على غرار، وقف الاعتداءات الصهيونية العسكرية على “لبنان”، بعد حرب الـ 33 يومًا، عام 2006م. كذلك فشل اعتداء “التحالف العربي”، بقيادة “السعودية”، عام 2015م، في إنهاك حركة (أنصار الله) اليمنية، وساهم في تحويلها إلى طرف رئيس في التطورات اليمنية. والمستنقع السعودي، في “اليمن”، يحتاج من المنظور المالي والعسكري إلى تكلفة باهظة للخروج منه.
وبالنسبة للحرب السورية الأهلية، ورغم “التحالف الدولي” الكبير لإقصاء، “بشار الأسد”، فقد تابعنا فشل الفصائل الإرهابية واعتراق العالم ببقاء، “الأسد”. والأمر نفسه ينطبق على “العراق”، إذ كان فشل الفصائل الإرهابية والتكفيرية أحد أهم إنجازات “محور المقاومة”، خلال السنوات الماضية.
فضلًا عن ذلك؛ فإن إقرار الأمن بهذه الدول ساهم في زيادة تأثير “محور المقاومة”.
وهذا لا يعني أن التطورات سوف تستمر دون صراع، وإنما سوف تستمر على نحو واسع على صعيد القوى الكبرى، جهود الدول الغربية لاتهام فصائل المقاومة بالإرهاب، والمؤمرات الدولية، والعقوبات والضغوط الاقتصادية…. إلخ.