أعلن البنك المركزي عن رفع سعر بيع الدولار إلى 1470 دينارا لكل دولار امريكي ، بدلا من 1182 دينار ،اي بتخفيض العملة الوطنية بنسبة تقارب ال 25 بالمئة ، وذلك بغية رفع ايرادات الحكومة لسد العجز في الموازنة العامة. فلو افترضنا ان متوسط معدل مبيعات البنك المركزي من الدولار يوميا هو 150 مليون دولار ، وان عدد ايام البيع هو 20 يوما في الشهر الواحد ، عليه فسيكون معدل البيع الشهري 3 مليار دولار ×12 = 36 مليار دولار سنويا ، وان نسبة الزيادة تقارب ال 300 دينار للدولار الواحد ، أي بنسبة ال 25 % ، فستكون العائدات وفق الزيادة المتحققة 9 مليار دولار ، اي ما يعادل وفق أسعار بيع العملة لهذا اليوم 23، 13 تريليون دينار ،(اقل تقدير ) مقابل هذه الزيادة أرادت الحكومة توفير السيولة لأغراض الموازنة التشغيلية بالدرجة الأولى ،، او لتوفير الرواتب،، غير ان هذه الطريقة قد عملت على تخفيض القوة الشرائية للدينار بنسبة الربع ، فلو افترضنا ان متوسط معدل الرواتب لعموم موظفي العراق 800 الف دينار شهريا ، فإن الاجراء الجديد جعل من هذا الراتب وفق القيمة الحقيقية للدينار لا القيمة الاسمية 600 الف دينار. ، ولو افترضنا ان متوسط معدل رواتب المتقاعدين 600 الف دينار شهريا فإن نسبة انخفاض قوة راتبه ستؤول إلى 450 الف دينار شهريا ، وبنسبة تخفيض العملة الوطنية ستزداد نسبة الفقر . وكذا ينطبق الحال على المستفيدين من نظام الرعاية الاجتماعية، اما العاطلين عن العمل فسوف لن ينالهم غير المزيد من العوز بسبب انخفاض العائد الحقيقي لرواتب واجور الاهل او المتعاونين معهم. ، كما ان لسعر الدواء شجونه هو الاخر فعلى سبيل المثال فان سعر علبة دواء منظم الضغط ميكاردس في الصيدليات الآن 16 الف دينار بموجب هذه الزيادة سيصبح 20 الف دينار ، والعلبة تكفي فقط ل 28 يوما ، وكذا مثلا ينطبق الحال على قطرة ضغط العين زولامول حيث سعرها الحالي 16 الف دينار سيكون سعرها 20 الف دينار وهي كافية للاستعمال شهرا واحدا ، وكذا الحال على كافة الأدوية للامراض المزمنة التي تلحق بأغلب المتقاعدين والموظفين من كبار السن او الفقراء،، هذه السياسة جاءت على وفق مقولة وداوني بالتي كانت هي الداء ،
ان خضوع البنك المركزي لإرادة الحكومة جاء ذلك خلافا لقانون استقلاليته عنها من ناحية ومن الناحية الثانية جاء مخالفا لقواعد إدارة اقتصاد البلد ، لان مسألة تخفيض العملة الوطنية لها اثار جانبية على التصنيف الائتماني للعراق ، سييما وان ديونه لم تعد تتناسب وحجم الانتاج القومي ، وان موازناته تشغيلية لا إنتاجية ، اضافة الى زيادة أعباء التضخم على مجمل النشاط الاقتصادي. لقد كان حري بوزارة المالية تعظيم مواردها من مداخيل الشركات الكبيرة والمتوسطة بل وحتى الصغيرة . او زيادة مناسيب الضرائب على أصحاب الدخول العالية ، او زيادة الضرائب على أصحاب مئات الآلاف من العمارات السكنية او عمارات الشركات ،وأصحاب المعامل او على الاقل محاسبة مستحصلي الضرائب والرسوم بسبب عدم تناسب الضرائب والرسوم لمدخولات الكثير من أصحاب الأنشطة الاقتصادية . او محاسبة دوائر الحكومة الاخرى جراء ضياع الكثير من الإيرادات لصالح الخزينة بسبب تهاونها او سكوتها على العبث بتلك الموارد ، او تنقل وزارة المالية وجهتها صوب أموال العراق الحكومية المجمدة في بنوك دول العالم او التحاسب مع وزارة الخزانة الأمريكية بشأن أصول العراق المجمدة لديها الناتجة عن مذكرة التفاهم (النفط مقابل الدواء والغذاء ) ، او معرفة اصوله الاخرى ، او ديونه على الغير ، كان عليها فعل ذلك قبل التحرش بسعر العملة الوطنية الذي هو بدوره لايليق بالعراق صاحب النفط والأرض والعقول….