صاحب الكلمة وحامل الفكر تقع على عاتقه مسؤولية كبرى, تفوق مسؤولية السياسيين والحاكمين والرؤساء, فهو مسؤول عن توعية الناس وتقديم المعلومات وتحليلها لهم بدقة وحيادية كي يفهموا ما يدور من أحداث في أي ساحة تتمحور حولها القضايا.
لذلك فالكاتب المفكر يجب ان يجعل من قلمه مَطِيَّةَ للارتقاء بالمعرفة إلى أعلى مراتبها وهو –الكاتب- ملزم بان ينتهج مسطرة التبليغ المعرفي باستقامة, ودون النظر لتحقيق مصالح شخصية أو فئوية معينة, وأنا أرى إن الكاتب الحقيقي هو من يتجرد عن الأهواء, ويقول الحق وإن ضره وأن يترك الباطل وإن نفعه, وهو منهج شرعي وأخلاقي عظيم.
طلع علينا الكاتب والمفكر سليم الحسنى –القابع في لندن- بسلسلة من المقالات بعنوان إسلاميو السلطة التي هاجم فيها الاسلاميين والمرجعية, ورمى بسهامه كل القادة الشيعة الذين يختلف معهم, واخذ يشرق ويغرب باتهامات لا أساس لها من الصحة, بل راح يقول أبعد من ذلك! وهو تحميل الشيعة بما يحصل من خراب في العراق, وكأن باقي المكونات خالية من الفساد والظلم-رغم أن الحسني والمنتمي لحزب الدعوة سابقا كان شريكا في حكم العراق بعد عام حينما كان مستشارا للسيد الجعفري وبعدها للسيد المالكي والذي يبدو أنه أبعده لمعرفته بكواليس أفكاره-.
بعد أن أنهى الحسنى سلسلته إسلاميو السلطة تفرغ لضرب المرجعية الدينية في النجف الأشرف ولكونه – كما غيره بقية الكتاب الذين عل شاكلته- لا يستطيع أن يطعن بشخص السيد السيستاني مباشرة لذا انتهج منهج الطعن بمكتب المرجعية والعاملين فيه, وكذلك الطعن الشخصي بسماحة السيد محمد رضا السيستاني محملا إياه دعم الفاسدين حسب ما يدعي الحسني.
الحقيقة إن كل منصف وقريب من أجواء المرجعية يعرف زيف وكذب وبهتان ما يدعيه ويكتبه الحسني, فالسيد محمد رضا السيستاني لا يتدخل بشيء, وكل ما يصدر عن المرجعية من توجيهات هي حصرا من توجيهات السيد المرجع, وليس لمكتبه دخلا فيها سو تنضيدها وطباعتها ونشرها, كما إن السيد محمد رضا بعيد تماما عن التدخل بالتفاصيل السياسة وليس له أي دخلا فيها.
سلوك الحسني هذا هو مكمل لسلوك أعداء العراق وأعداء التشيع, فهو بعمله هذا مشابه لما تقوم به مؤسسات معادية ودوائر استخبارية وتنظيمات تكفيرية ومؤسسات إعلامية بعثية في الطعن بالشيعة والتهجم عليهم.
العيب ليس في الحسني وبما يكتبه لثبوت انه كاذب مفترٍ, ولكن العيب في من يصدق سليم الحسني ويتناقل افكاره ومقالاته, ويأخذها أخذ المسلمات وكأنها حقيقة واقعة.