فئات ثلاث كثر ظهورها في الآونة الأخيرة بما يمكن توصيفهم بمجملهم بأنهم”لا دفع ولا نفع” سواء اكان ذلك للدين أم للشعوب والامم على سواء، الفئة الأولى هي -وعاظ الشياطين- ويتقدمهم الحاقد الشعوبي الباطني المقيم في بريطانيا ،امير القريشي،الذي لايفتأ يثير الفتن تلو الأخرى يوميا على نهج كبيره الشعوبي الباطني الأخر الذي علمه السحر،ياسر الخبيث،المقيم في لندن ايضا والذي انفق 15 مليون دولار من تبرعات المتصدقين لإنتاج فيلم سيثير من الفتن والاحقاد الطائفية ما يثيره في هذا التوقيت العصيب الذي تمر به الأمة جمعاء من اقصاها الى اقصاها بأخطر منعطفاتها على الاطلاق ،حيث التطبيع مع الكيان المسخ على قدم وساق،وانتشار وباء كورونا المستجد ،ولقاح الشريحة الالكترونية المثير للشبهات وبمليارات الدولارات ، وارتفاع اسعار العملات الصعبة مقابل انهيار العملات الوطنية بما يهدد شعوبا بأسرها بتسونامي من التضخم والركود الاقتصادي وغلاء الاسعار واستشراء البطالة واندلاع حروب لاحصر لها هنا وهناك بحثا عن موارد لانقاذها من ازماتها المتلاحقة قدر الامكان ، حيث افلاس الاف الشركات والمصانع الصغيرة والمتوسطة حول العالم وتسريح عمالها وموظفيها بالجملة، مع تلويح الامم المتحدة بوجود جائحات وبائية – مصنعة مخبريا ضمن الحروب البايولوجية – اشد فتكا من فايروس التاج في طريقها الى البشرية قريبا، وحيث البنك الدولي وصندوق الحقد الدولي قد أغرقا دولا وفي مقدمتها العراق بقروض ربوية هائلة لن تمتلك فكاكا منها لعقود مقبلة مع فرض هاتين المؤسستين الماسونيتين التابعتين لآل روتشيلد وآل روكفلرالصهيونيتين شروطا مجحفة على الدول المدينة لها تتضمن اغلاق المصانع،اهمال المزارع ،ايقاف التعيينات،الغاء الحصة التموينية ان وجدت ، خفض قيمة العملات المحلية،رفع اسعارالمشتقات النفطية،خصخصة القطاع العام والسيطرة على مصادر الطاقة والصحة والتعليم والنقل والخدمات والسياحة بثمن بخس لصالح شركات احتكارية تحددها المؤسستان حصرا تمهيدا لتحويل المجتمع الدولي بأسره الى الرأسمالية البشعة التي يتحكم بمقتضاها مجموعة صغيرة من العوائل والشركات بمصائر شعوب تتلاعب بمقدراتها كليا ،وحيث الصهيونية العالمية وحكومة العالم الخفية – الماسونية – بكل اذرعهما الاخطبوطية تعيثان في الارض فسادا وافسادا بعد أن جاهرا بسيادتهما على العالم وتحكمهما بمقدرات الشعوب وثرواتها تحت شعار”التجويع أو التطبيع” و” الاستحمار أو الاستدمار “و”الاستعباد أو الاستبداد” و” الاذعان أو الهوان “الى حد صار فيه انتقادهما على مواقع التواصل يفضي الى حظر وتجميد وتقييد وسجن واعتقال وربما اغتيال يطاول المراقبين والنشطاء بذريعة ارتكاب جرائم معلوماتية وانتهاك حقوق النشر وتجاوز ضوابط حرية التعبير عن الرأي ومعاداة السامية وما الى ذلك،حيث الشذوذ الجنسي بكل صوره واشكاله وعمليات التحول الى الجنس الثالث والرابع ،الزواج بالجمادات ونكاح الدمى الجنسية الجزئية أو الكاملة ،الحمل خارج اطار الزوجية وبروز ظاهرة الامهات الصغيرات العازبات،اباحة الاجهاض،تأجير الارحام والنطف والبويضات،اباحة الخيانات الزوجية…الترويج للعملات الافتراضية الوهمية وفي مقدمتها البتكوين ،اللتكوين،الإيثريوم،الريبل،زد كاش،مونيرو،داش،ايوس،وغيرها بما يعادل 19 عملة رقمية افتراضية وهمية غايتها الاساس هي تبييض وغسيل الاموال القذرة حول العالم وحصر النقد بالبنوك والمصارف التي تسيطرعليها الماسونية العالمية وذيولها فحسب وبما يمكنها من السيطرة التامة على أية احتجاجات مناهضة لسياساتها الانتهازية واخمادها عن طريق قطع الرواتب أو تأخيرها، تجميد صرف المخصصات،وضع اليد على الايداعات والمدخرات ما يدفع المحتجين الى الاستسلام والخضوع والاذعان نتيجة لضيق ذات اليد والفقر المدقع …كذلك الترويج للخمور والمخدرات والسحر والتنجيم وسرقة وبيع والاتجار بالاعضاء البشرية والرقيق الابيض ،تشجيع الانتحار ودعارة الاطفال الذي تروج لها المسلسلات المدبلجة والافلام الـ”هول يهووودية ” والفرق الغنائية الكورية الجنوبية وشركة نتفليكس الترفيهية الاميركية العملاقة حاليا، اما الفئة الثانية فهي فئة -وعاظ السلاطين- وهذه فئة موجودة في كل العصور الا ان اعدادها ودائرة نفوذها قد اتسعت الى مستويات خطيرة جدا ووصل الحال بها الى تبرير – تطبيع الحكام مع الكيان -، الى الدعوة علنا الى ما بات يعرف كذبا وزورا بـ”الديانة الابراهيمية ” بذريعة وحدة الاديان واحلال السلام وما هي في حقيقتها الا ترهات تعبد الطريق لخطوات فاعلة تهدف الى محو كل الاديان السماوية وإجتثاثها من الوجود والتمهيد لظهور ما يسمى بـ – ديانة او حكومة الاعورالدجال – سواء اكان هذا الدجال مخلوقا بشريا ، أم انه نظام عالمي جديد، دجال جنته نار وناره جنة ، دجال يوظف كل انواع السلاح والمال والتكنولوجيا الحديثة لصالحه ولخدمة اهدافه الشيطانية الدنيئة، اما الفئة الثالثة فهي فئة – الوعاظ النائمين المطنشين المُخَدِرين والمُخَدَرين- ولن يفلح أحد قط على مستوى الدول والشعوب والأحزاب والمنظمات والمؤسسات لايجيد قراءة مجمل الأحداث وعموم المشهد الدولي والاقليمي ببصيرة حادة وذهنية ثاقبة،فالعقلية المثالية الحالمة اذا لم تكن مصحوبة بعقلية واقعية ثاقبة وواعية وناقدة فإن النهايات ستكون كارثية لامحالة وغير سعيدة بالمرة بما لايشجع جموع الحالمين على مواصلة بقية الحلم بعد تحوله الى كابوس فظيع لن يمهلهم طويلا ..وقد ينقلب الحالمون المثاليون في هذه الحالة جزئيا او جماعيا،على-من خدروهم -بالمثاليات الحالمة التي تفتقر الى مناهج عمل مدروسة تواكب المتغيرات من شأنها أن تحولها الى واقع معاش ردحا طويلا من الزمن برغم كم الاعاصير المرعبة والبراكين الهائلة التي مروا بها ومرت بهم من دون ادنى تغيير يذكر لا في المنهجية ولا في العقلية ولا حتى في الادبيات والقيادات والسلوكيات وكأن ما قيل لهم يوما على لسان طائفيين ومتحزبين وفئويين وشوفينيين بمثابة تعاليم خالدة من وحي السماء ليس بوسع احد تغييرها ولانقدها ولا شطبها ولاتعديلها اذا ما جد الجد وادلهم الخطب واقتضى الامر، كما هو حاصل اليوم ،فيما تجد أن المعمم الطابقي ياسر الخبيث،كذلك تلميذه الاخبث امير القريشي ومن لف لفهما من اذناب التاج البريطاني يلهيان الامة عن كل ما يحيق بها من دسائس ومؤامرات وانهيار قيمي واخلاقي واجتماعي واقتصادي ويحرصان اشد الحرص على صرف انظار الجماهير المسحوقة وعلى مدار الساعة الى قضايا لاتسمن ولاتغني من جوع بقصد الالهاء،واثارة الفتن ،وتكريس التناحر،وتوسيع هوة الخلاف، واثارة الفوضى العارمة التي لم ولن تصب الا في مصلحة اعداء الامة .
ولامفر ولامهرب من ذلك الغثاء كله الا بأمهات صالحات ناصحات مربيات يلدن ويربين علماء بحق ودعاة للوقوف بوجه اعتى هجمة شرسة على الاسرة والفضيلة والاخلاق الحميدة عرفتها البشرية يوما عبر التأريخ ،اقول كلماتي تلك وقد دفعني اليها اربعة بوستات في منتهى الروعة ،الأول نشره الاكاديمي جمال مكي،على صفحته يتضمن حكمة تصلح ان تكتب بماء الذهب :” كانت تُـوصيـهِ كلَّ صَبـاح ..قُـد علـى مَـهـلك ، فـبُـعـدك مُـهـلك”،اما البوست الثاني فنشره الشيخ قتيبة السماوي،على صفحته عن سيرة الامام مالك وأمه على لسان من قيل فيه لايفتى ومالك في المدينة ” كانت أمي تجهز عمامتي وأنا صغير قبل ذهابي لحلق العلم،قائلة : يا مالك خذ من شيخك الأدب قبل العلم “،اما الثالث فمقال تربوي مهم جدا للكاتب والصحفي المصري حاتم سلامة ،بعنوان “عظمي زوجك”،واما الرابع فبوست يتحدث عن امتناع المدير العام الأسبق لوكالة الطاقة الذرية الحاصل على نوبل “للسلام” محمد البرادعي ،من السفر الى مصر لحضور جنازة امه ما فتح الباب على مصراعيه لجملة من التكهنات والافتراضات فضلا عن الملامات والانتقادات ليس هذا محلها ..!
والحق يقال وكما جاء في البيت الشهير لحافظ ابراهيم ،الملقب بشاعر الشعب وشاعر النيل والذي كان قد فقد والده وهو بعمر الرابعة فدفعت به امه الى خاله ليكفله ويربيه ويعلمه :
الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها..أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ
الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَهَّدَهُ الحَيا..بِالرِيِّ أَورَقَ أَيَّما إيراقِ
الأُمُّ أُستاذُ الأَساتِذَةِ الأُلى..شَغَلَت مَآثِرُهُم مَدى الآفاقِ
ومما قرأته لكم واحببت نقله اليكم انه ليس الامام مالك وحده من كانت امه ترعاه وتلبسه الثياب، وتعممه وهو صبي، وتوجهه إلى ربيعة بن أبي عبد الرحمن ليعمله ناصحة اياه بأخذ الادب قبل العلم”، وانما رابع الفقهاء الاربعة الامام احمد بن حنبل رحمه الله تعالى، نشأ يتيما ببغداد فكانت امه كذلك هي التي ترعاه وتدفعه لطلب العلم حتى قال عن ذلك “حفَّظتني أمي القرآن وعمري عشر سنوات، وكانت توقظني قبل صلاة الفجر بوقت ليس بالقصير،ثم نصلي أنا وإياها من قيام الليل ما شاء الله ، ثم ننطلق إلى المسجد ؛لنصلي الفجر في المسجد، وتبقى معي حتى منتصف النهار لتعلم القرآن والفقه، ولما بلغت السادسة عشرة قالت: يا بني سافِرْ في طلب الحديث؛ فإن طلب الحديث هجرة في سبيل الله..”فصار الامام احمد بن حنبل صاحب كتاب المسند ويضم 40 ألف حديث نبوي .
والدة الشيخ عبد القادر الجيلاني كانت امرأة صالحة زاهدة عابدة ،هي ابنة أبي عبد الله الصومعي ، وقد اشترطت على ولدها الجيلاني أن يلتزم الصدق في جميع أحواله ولايكذب ابدا فكان صدقه سببا في توبة عصابة من قطاع الطرق ذهلوا بعد ان سرقوا القافلة التي كان فيها متجها الى بغداد لطلب العلم ، ولم يجدوا معه مالا فسألوه تهكما “وانت ماذا يوجد معك ؟”، قال أربعون دينارا !” واخبرهم بمكانها وقد خاطها تحت جبته ولم يعلموا بها، وعندما سألوه وعلامات الدهشة بادية على وجوههم ،”ولماذا تخبرنا بمكان المال ؟”قال لقد اوصتني امي وعاهدتها على أن لا اكذب !”،فقال له رئيسهم “اتخاف من خيانة عهد امك، ولانخاف نحن من خيانة عهد الله عز و جل ؟” فتابوا جميعا على يديه “، فصار الشيخ عبد القادر الجيلاني محيي المذهب الحنبلي مع الافتاء بالمذهب الشافعي وقد انتهت اليه رياسة المذهبين ببغداد .
الامام الشافعي ولد في اسرة فقيرة ، توفي ابوه فانتقلت به أمُّه إلى مكة وعمره سنتان، ليحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين،وحفط موطأ الامام مالك وهو ابن عشر سنين ،وهو القائل في ذلك “كنت يتيماً في حجر أمي، ولم يكن معها ما تعطي المعلم، وكان المعلم قد رضي من أمي أن أخلفه إذا قام، فلما ختمت القرآن دخلت المسجد، وكنت أجالس العلماء، فأحفظ الحديث أو المسألة، وكان منزلنا بمكة في شِعب الخَيْف، فكنت أنظر إلى العظم فأكتب فيه الحديث أو المسألة، وكانت لنا جرة عظيمة، إذا امتلأ العظم طرحته في الجرة !” فصار الامام الشافعي احد الفقهاء الاربعة وصاحب كتاب ” الام ” .
الامام والفقيه الكوفي سفيان الثوري كانت امه تدفعه لتلقي العلم،قائلة له “اذهب، فاطلب العلم حتى أعولك بمغزلي، فإذا كتبت عشرة أحاديث، فانظر هل تجد في نفسك زيادة، فاتبعه، وإلا فلا تبتغينّ” ، فصار الثوري وهو مؤسس مذهب فقهي راق جدا يحمل اسمه اندثر لعدم متابعة تلامذته له من بعده لأسباب – سياسية بحتة – حيث كان الثوري مطاردا بعد رفضه تولي القضاء عقب وفاة الامام ابي حنيفة النعمان الذي سجن بدوره لرفضه القضاء ايضا زمن ابي جعفر المنصور ، وظلت ملاحقة الثوري قائمة حتى عهد الخليفة المهدي بالله، وفي الثوري قال الامام الذهبي ” هو شيخ الإسلام، إمام الحفاظ، سيد العلماء العاملين في زمانه ” فكان الثوري .
الامام البخاري وقد نشأ يتيما في بخارى بعد وفاة والده في سن مبكرة ..وقد اصيب البخاري بالعمى في صغره – عمى مؤقت وليس دائميا – فكانت امه تدعو الليل والنهار ليشفى ولدها مما الم به حتى استعاد بصره فذهبت به مع اخيه احمد الى الحج وتركته هناك مع اهل العلم ” فصار صاحب كتاب ” الصحيح ” الشهيربـ” صحيح البخاري ” .
الامام الاوزاعي رحمه الله عاش فقيرا ويتيما وكفلته امه وانتقلت به من البقاع الى بيروت حتى صار امام بيروت وسائر الشَّام والمغرب والأندلُس وهو صاحب مذهب فقهي معروف يحمل اسمه .
الشيخ البطل احمد ياسين ، مات والده ولما يتجاوز من عمره الثالثة بعد فتولت أمه سعدة عبد الله الهبيل ،رعايته وتربيته..فكان الشيخ احمد ياسين الذي اوقف الكيان الصهوني المسخ على قدم واحدة .
وغيرهم المئات حول العالم من العباقرة والمشاهير والمبدعين الذين ربتهم امهاتهم بعد وفاة ،أو فقدان ، او طلاق أو هجرة أو سجن ،او سفر ابائهم بما لايتسع المجال لذكره ها هنا ولو كان في العمر بقية فسأجتهد حقا للبحث في تأريخ كل الصالحين والفضلاء من جهة، وكل الظلمة والطغاة من جهة اخرى ممن كان لأمهاتهم الدور الاكبر في خيرهم او شرهم ، في صلاحهم او طلاحهم ،في إيمانهم او الحادهم ، طيلة سني حياتهم اللاحقة لأبين للناس بأن الام هي الأساس في التربية والتعليم والنصح والتوجيه ..فأحسنوا اختيار امهات اولادكم يرحمني ويرحمكم الله …وحقا ما قاله الشاعر الزهاوي :
لَيْسَ يَرْقَى الأَبْنَاءُ فِي أُمَّةٍ ..مَا لَمْ تَكُنْ قَدْ تَرَقَّتْ الأُمَّهَاتُ
اودعناكم اغاتي