قالوا إنّه الشرق الأوسط الجديد الذي نريده لكم ولنا ، ولابد من ضحايا لكي يتحقق ما نريد و(نريد) ، وجدوا مساعدةً من أدوات كثيرةٍ ، سبق لهم أن زرعوها بيننا منذ عقود وآن الوقت لجني ثمار ذلك الزرع الذي نخر بأمّةٍ كاملةٍ ، كانت مهابة حتى بدأت (أممها) تتساقط الواحدة بعد الأخرى وكأنّها حجر دومينو تم ترتيبها بطريقةٍ معيّنة لتقع ولا تقوم لها قائمة !. دمّر وأحتل العراق وكان الضحية ليس النظام العراقي (البائد) وإنّما كان الهدف أكبر من ذلك ، إنّه السلاح والجيش العراقي ، وهما من كان يجب أن يخرجا من أي معركةٍ مستقبلية مع الكيان المسخ لبني صهيون ، طبّقت المؤامرة بدعم وتسهيلاتٍ خليجية ، جعلت حتى من أراضيها قواعد لضرب العراق ولم يكتفوا بذلك ، لأنّهم حاولوا أن يضيفوا لجرائمهم التي اقترفت ، ما هو أبشع ، وهو زرع بذور الفتنة الطائفية ونحمد الله أن العراقيين عرفوا وحتى وإن كان ذلك متأخّراً حجم التآمر على كل العراقيين وبكافة ألوانهم . قبل أن ينتهوا من العراق ، كان عليهم أن يضربوا في أماكن أخرى ومن خلال ذات الأدوات التي وجدوا في مالها المعين الذي يغرف منه الوصوليين والانتهازيين ومن صنعوهم على نارٍ هادئةٍ لكي بأتي دورهم وقد جاء ، سقطت تونس العلمانية ولتقع بيد الإسلاميين المتطرّفين ، لأن تونس كانت الحاضن لمقرّات المقاومة الفلسطينية وهو ما جرى على ليبيا أيضاً والتي اشتعلت فيها الحرب الأهلية التي تحصد وبشكلٍ يوميٍ ضحايا لم يكن ذنبهم سوى أنّهم ليبيون رفضوا الهيمنة الغربية والخليجية وكان الدور على مصر التي سلّموها بيد المتطرّفين ، ليسجّلوا أكبر فشلٍ لهم ، وهو ما دفع بالشعب المصري ليقذف بهم خارج السلطة ، بعد أن شعر أن المال الخليجي كاد يحقق هدفه بالسيطرة على مصر ومن ثم زرع الفتنة بين الشعب والجيش وليخرج بعد ذلك الجيش المصري من أي منازلةٍ مرتقبةٍ بين الدول العربية والإسلامية وبين الكيان الصهيوني ، الذي يمارس اليوم دور المراقب وهو يتحيّن الفرص ، لكون قادته سبق لهم أن أعلنوا تهديداً مبطناً وهو ، إن تجاوز أي طرف في النزاع السوري الأمريكي الغربي الخليجي المرتقب الخطوط الحمراء ، سيكون رد (إسرائيل) كبيراً ولم يعهد العرب مثله ، هنا نتوقف لنوضّح .. ما هي الخطوط الحمراء التي عناها الإسرائيليون ؟ إنّها الصواريخ التي يمكن أن تطلق من قبل حزب الله اللبناني ومن الأرض اللبنانية ، ليشعلوا على إثرها سوريا من شرقها إلى غربها !. هل نصدّق أنّهم يشعرون بالشعب السوري الذي أصبح الملايين منه خارج الديار وهم يستجدون العالم لكي يحتضنهم كلاجئين أو (متسوّلين) ؟ جوابنا هو لا ،لانهم عندما حرّكوا من يسيطرون عليهم ، كانوا يريدون أن يعرفوا قوّة الجيش العربي السوري والذي تم استنزافه في الأعمال المسلحة التي قامت بها ما تسمى مجاميع المعارضة ، والتي قدّمت خدمة لا يتوقّعها أحد ، لكونها ستسلّم ليس الجيش والسلاح السوري فقط إلى أمريكا ومن هم في حلفها ، وإنما سيفرشون الطريق بالورود ، للصهاينة ، لكي يلعبوا بالشرق الأوسط كما يريدون ، بعد أن تكون كل الجيوش العربية التي سبق لها أن نادت بوحدة العرب ، خارج نطاق الخدمة ، لكونها ستنشغل لعقود بمشاكلها الداخلية وتعمير ما تم تخريبه ، هذا إذا استطاعت ولم تتحوّل إلى دويلات صغيرة ، يمكن لها أن تؤدّي لاحقاً فروض الطاعة والولاء للصهاينة ومن دون عناء. الضربة التي يؤمّل أن توجّه للجيش العربي السوري وسلاحه ، رفضها العراق حكومة وشعباً ، لأنّه سبق وأن جرّب ما تعنيه ضربات المحتل الغاصب ، كما أنّه لا يريد لسوريا أن تضعف ، حتى لا يتأثّر هو أيضاً وتصيبه الأضرار وهو بالكاد بدأ الآن يعيد ترتيب أوراقه التي كانت مبعثرة .. عمقنا العربي السوري في خطر ولابد من تحرّك عربي مشرفٍ لاحتواء أي أزمة تسمح للغرباء بالتدخّل ، لأن ما سيكون على سوريا اليوم لن ينجو منه أي بلدٍ عربي ، بعد أن شاخ الحكام المعمّرين والذين سيفسحون المجال برغبتهم أو من دونها للجيل الشاب الذي أعدّ في المطابخ الغربية ، ليكونوا خير من يعلنوا ويروّجوا للشرق الأوسط الجديد .. حاذروا من السقوط في الفخ وتسليم مفاتيح سوريا ، وتذكّروا أنّها سوريا يا عرب ولم تكن يوماً ملكاً لأحد ولا حتى الأسد !..