من الواضح للجميع و بإعتراف أعضاء برلمانيون و من على شاشات الفضائيات الخاضعة للأحزاب الحاكمة بأن مليارات الدولارات قد إختفت عن طريق المشاريع و العقود الوهمية و من ثم تسربت إلى خارج العراق عن طريق البنك المركزي، بواسطة إجازات إستيراد وهمية حيث يقوم البنك المركزي بتحويل أموال المشاريع و العقود الوهمية المختفية من الدنانير العراقية إلى الدولارات الأمريكية و تخرج إلى خارج العراق بصورة رسمية.
وزير المالية من ضمن الذين يعرفون بهذه الحقائق. و قد كشف في ندوة اقتصادية قبل شهرين أن الفساد الإداري أضاع على العراق أكثر من 250 مليار دولار. و أيضاً قال في هذه الندوة إن صرف هذه الأموال كان إستفادة مالية لبعض الجهات مما أدى إلى تراجع قدرات الدولة. الوزير بكلامه هذا فإنه يعرف هذه الجهات و لكنه لم يتخذ أي إجراء ضدها لإسترداد هذه الأموال لإعادة قدرات الدولة التي يتباكى عليها، و كان أمامه حل ثاني لإنقاذ ما تبقى من قدرات الدولة و هو تخفيض الرواتب العالية و إيقاف المشاريع و العقود الوهمية و المصاريف الإدارية، و لكنه لم يفعل ذلك، و إنما قام بتخفيض سعر صرف الدينار أمام الدولار، و كما أشار، بالإتفاق مع رؤساء الكتل الحاكمة و صندوق النقد الدولي (اليد المالية الضاربة لأمريكا) ضارباً بذلك عصفورين بحجر واحد ترضي الكتل الحاكمة على حساب المستضعفين المستهدفين من هذا الإجراء.
1- تصفير تبعات الأموال المسروقة، حيث بتخفيض قيمة صرف الدينار سيطبع دنانير إضافية ليوزعها رواتب بدون إقتراض من البنوك الداخلية.
2- تجويع أكبر قدر ممكن من الشعب العراقي، و هؤلاء سيمكن شراء أصواتهم الإنتخابية بتوزيع البطانيات عليهم، لأن البطانية سيرتفع ثمنها بالنسبة إليهم و ستكون ذات قيمة كبيرة عندهم، و بذلك سيزداد عدد الذين سيشتركون في الإنتخابات لصالح المرشحون الذين سيوزعون البطانيات، و سيخسر المرشحون الذين لا يستطيعون توزيع البطانيات.
و لكن هذا الإجراء سيؤدي إلى نتائج سلبية عديدة منها:
1- خلق كتلة شعبية فقيرة حانقة على الكتل الحاكمة ستستخدمها أمريكا للضغط على هذه الكتل الحاكمة لمحاولة تمرير التطبيع.
2- إحداث المزيد من التفتيت الإجتماعي، ففي ظل الجوع يزداد الجهل و تزداد الجرائم و الفوضى في المجتمع و ستزداد شريعة الغاب أكثر مما هي الآن.
3- في ظل الجوع و الجهل و الفوضى التي ستحل بالعراق سيكون من السهل على القوى الخارجية تجنيد الكثير من الهامشيين في منظمات مسلحة منفلتة لإحداث المزيد من الضرر بالمجتمع.
و عسى أن لا يحدث ذلك مصداقاً لقوله تعالى “وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ” (هود 117).