17 نوفمبر، 2024 3:21 م
Search
Close this search box.

التعديلات الدستورية ومكامن الخلاف

التعديلات الدستورية ومكامن الخلاف

نقلت صحيفة الصباح بعددها 4981 الصادر يوم السبت الموافق 28 من شهر تشرين ثاني الماضي عن عضو لجنة التعديلات الدستورية النائب يونادم كنة ، ان اللجنة بصدد الانتهاء من عملها ، ولم يبق سوى ثلاثة نقاط مختلف عليها الا وهي هل يؤخذ بالنظام الرئاسي ام البرلماني ، وموضوع الصلاحيات المشتركة وعلوية القوانين للاتحادية ام للاقاليم ، والمادة 140 . أما مأتم عليه الاتفاق هو الكتلة الفائزة . قبل البدء بمناقشة الموضوع نود التساؤل . هل كانت اللجنة تستمع إلى الرأي العام و اتجاهاته ، ام انها كانت تستمتع وتمثل رأي الجهات المتنفذة ؟ اذا كانت قد أخذت بالاتجاهين ،فلها الحق في الوقوع في هذا الخلاف ، ولكن من وجهة نظر علم السياسية ، فإن لاتجاه الشعبي العام يميل وبشدة كما نراه للنظام الرئاسي لقلة ثقة المواطن بالوكالة الممنوحة للنواب ، كونهم كانوا وسطاء متحازين لكتلهم لا لشعبهم في مسألة اختيار رئيس الوزراء او حتى رؤساء الجمهورية ، وهنا تاتي مسألة استعادة الوكالة التي ركز عميد القانون الدستوري دكي عليها ، حين أصر على امكانية الغاء الوكالة المنوطة بالنواب ، وهكذا وعلى الطبيعة هتف المتظاهرون ومن ورائهم اغلب الناس بضرورة الاخذ بالنظام الرئاسي ، الذي يتولى فيه الشعب الاختيار بنفسه ولنفسه رئيسا منتخبا بالانتخاب الحر المباشر ، تكون مسؤوليته مسؤولية مباشرة امام الشعب وأمام البرلمان وبهذا تكون مسؤولية الرئيس مضاعفة ، وان يتم ذلك بسن قانون انتخاب الرئيس على مرحلتين ، الاؤلى تتمثل بضرورة حصول الرئيس على توقيع ما لا يقل على نسبة 3% من سكان جميع المحافظات ، وان يحصل على نسبة 50%+1 من مجموع عدد الناخبين المشتركين في الانتخاب ، وفي حالة عدم حصوله على هذه النسبة ، تجري انتخابات تكميلية خلال مدة أقصاها شهرا واحدا ، والفائز بأعلى الأصوات هو الرئيس ومن يليه بعدد الأصوات يكون هو نائبا للرئيس . أما النظام المختلط كما هو معمول به في فرنسا ومصر ، فإنه في العراق حلقة زائدة تعمل على تكوين الخلافات . وبهذا يكون الرئيس ونائبه ممن انتخبهم المواطن وفي عموم العراق وهو المسؤول عن اختياره . (اختصار بالإجراءات والنفقات ) . اما ما يخص الصلاحيات المشتركة وتوابعها بين الاتحاد والإقليم ، نقول ان الإقليم مع كل الاحترام ينازع المركز دون مسوغ دستوري في صلاحيات كثيرة ، ونذكر هنا ان الدولة الاتحادية كما يرى الأستاذ الدكترر حسن الجلبي في كتابه القانون الدولي العام ص 234 بانفراد الاتحاد باختصاص ادارة الشؤون الخارجية والعسكرية او المحافظة على الأمن العام وأمور الجنسية وإصدار العملة وتنظيم التجارة مع الدول الاجنبية وبين الدول الأعضاء ومعالجة الجرائم … وفرض الضرائب الاتحادية ، ويترك للدول الأعضاء اختصاص التصرف في الشؤون ذات الاختصاص المحلي الإقليمي ، ويستطرد يقول والى جانب هذا شؤون يشترك كلا الفريقين في الاختصاص بتنظيمها فيترك التشريع فيها مثلا الى الاتحاد على ان تتولى الدول الاعضاء أمر التنفيذ ، وكما تعلمنا أكاديميا ان الأقاليم لا يحق لها وفق ما تقدم ان تقيم علاقات خارجية بعيدا عن نظر المركز او ان يتحول رئيس الإقليم او رئيس وزرائه إلى رؤساء دول يسافرون يستقبلون كقادة دول او يقوم الإقليم بعقد اتفاقيات نفطية طويلة الأمد مع دول أخرى بعيدا عن موافقة المركز ،
ان النفط والغاز كما نصت المادة 111 من الدستور هو ملك لكل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات ، ، وتقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز كما جاء في المادة 112المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة على أن توزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء العراق ، وهنا نؤكد أن كلمة توزع تعني من قبل الاتحاد (المركز ) وهذا بدوره يشير الى سلطة الاتحاد للهيمنة الكاملة على كل من عملية التنقيب والاستخراج والتسعبر والتسويق ووفقا لضوابطها ووفقا لمعايير تجارة النفط الدولية وفي العراق عبر شركة سومو ، وهناك الكثير من المثالب فيما يخص الفدرالية ومنها الشؤون الدفاعية ، وما يعترض فيه الإقليم على تواجد الجيش الاتحادي في أراضيه او مشاركة جيش الإقليم في حماية أمن الحدود في العراق خارج الاقليم ، اما ما يخص المادة 140، فهل يسمح لي كل من وضع دستور عام 2005 ان اقول ان الدستور هو قواعد عرفية او مكتوبة تعالج كيفية قيام واستمرار السلطات ، وهو هوية الدولة ويد الشعب وفيه حقوق وواجبات كل من الدولة والشعب ، وهو يتكون من قواعد جامدة او مرنة نسبيا ، ويتصف بالعلوية وبالديمومة ولاجال بعيدة وما تضمين الدستور مواد انتقالية ما هو الا كفر بقواعد صياغة الدساتير ، لأن المراحل الانتقالية تعالجها القواعد القانونية الاعتيادية لا قواعد دستورية عليا ، عليه فان ما جاء بالمادة 140 كان من الأفضل للاخوة الكورد تركها للقوانين التي يشرعها مجلس النواب لأنها قابلة للبحث والتعديل وفق المستجدات ، لا مادة دستورية يصعب ملاحقتها ، عليه فهذه المادة غير قابلة للنقاش بعد مرور المدة التي نص عليها الدستور..
أما فيما يخص تفسير المحكمة الاتحادية لنص الفقرة أولا من المادة 76 فقد كان تفسيرا سياسيا لا تفسيرا قانونيا لان ما استقر عليه الفقه الدستوري او ما تعلمناه في درس النظم السياسية ان الفائز للوهلة الأولى (الفائز للتو ) هو من يشكل الحكومة ، وهذا هو ما معمول به في كل دول الغرب الديمقراطي ، وبالمناسبة ان تفسير المحكمة الاتحادية لعام 2010 جاء متزامنا مع الانتخابات البرلمانية البريطانية والتي فاز للتو فيها حزب المحافظين باغلبية بسيطة ، وهكذا توجهت الملكة بتكليف ديفد كاميرون زعيم حزب المحافظين بتشكيل الحكومة كون حزبه الفائز للتو وقام بتشكيل الحكومة بالتحالف مع حزب ثان يمتلك 57 صوتا انذاك.، والقاعدة معروفة وما الانتخاب الا لمعرفة الفائز تحت سماء الانتخاب الرحب لا تحت قبة البرلمان لأن الائتلاف بعد ظهور النتائج هو ائتلاف الخاسرين ، فالمادة واضحة وضوح الشمس ، وهو المعترف به وفقا للمعايير الدولية ، وكلمة أخيرة ، أود من كل السياسيين الانتباه إلى علماء القانون الدستوري والقانون العام ورجال علم السياسة والنظم السياسية والا فإن التعديلات ستزيد الطين بلة وتربك الأوضاع ، النصيحة الأخيرة تغيير الدستور وتهذيب الاتحاد والأخذ بالنظام الرئاسي..

أحدث المقالات