هانحنُ نودّعُ سنة من سنوات حكم الأبالسة شيعة العراق وحلفائهم المتاجرين بقضايا محافظاتهم في اقليم كردستان والمحافظات الغربية، والأزمات تتصاعد في أهم ركنين أساسيين يمسان حياة المواطن العراقي هما الحريات المدنية والاقتصاد. ولو حاولنا أن نشطّر أهم المشاكل التي يعاني من العراق نُجزأ الموضوع بشكل تفصيلي متجرد عن كل الانتماءات والخلفيات الدينية والمذهبية التي هي من سمات هويتنا. أقول أن المواطن العراقي يعاني من ثلاثة أزمات هي علّة العلل هذه الأزمات هي /
الأزمة الدينية ، الأزمة العقلية ، الأزمة الأخلاقية.
الأزمة الدينية / هناك إرث ديني موبوء برائحة العنف والدم ورثها الإنسان العراقي وهو يشهد مرحلة جديدة من واقعه السياسي كحكم للأغلبية الشيعية بعد العام 2003. كانت المؤسسة الدينية الشيعية طيلة قرون ومن خلال علمائها ومبلغيها يغذّون فكرة المظلومية التاريخية والاضطهاد المذهبي ضدهم من قبل الامويين والعباسيين ومن جاء من بعدهم. أضف الى هذا المظلومية المزعومة ضد آل بيت النبي محمد بن عبد الله من قبل الخلفاء الثلاث أبي بكر وعمر وعثمان. فتحول هذا المظلوم التاريخي المسحوق من قبل الحكام تحول الى صاحب سلطة حاكمة بيده مقدرات الدولة الاقتصادية. واستمرت ماكنة الاعلام التبليغي كاحزاب اسلامية او علماء مستمرين في ضخ الكراهية ضد من ظلمهم وظلم أئمتهم كما يزعمون. في الطرف المقابل هناك تعبئة تاريخية متوارثة ومستمرة أن هؤلاء الشيعة هم عملاء مارقين أهل بدع وفتن وضلالة ومشركين بالله من خلال معتقداتهم الخ. فتحول الموروث لديهم الى فرصة للانتقام من خلال الذهاب الى العراق بعد أن سقط النظام الذي هو منهم. واعني بهم أهل السنة والجماعة. فازدادت الازمة الدينية عند الانسان العراقي ليعيش مرحلة التسليم المطلق الى توجيهات وفتاوى المرجعيات الدينية التي يتبعها سواء كانت في الخليج او النجف او قم الايرانية . هنا دخل هذا الانسان العراقي في أزمتين اخريين هما أزمة العقل وأزمة الأخلاق. وكان للقبيلة حيّز آخر لأزمات المجتمع.
الأزمةُ العقلية / أن المشكلة هنا تعاظمت عندما لم يترك الانسان العراقي لعقله متسعا من التفكير والبحث من خلال الاسئلة التي يطرحها المنطق من واقعه والأحداث التي مرّ بها كفرد او مجموعات. فكان هذا العراقي أسيراً لموروثين قاتلين هما الدين والقبيلة. وكلاهما الدين والقبيلة متلازمان في تحالف مستمر نحو مصالح مشتركة طالما أنهما يكرسان لمفهوم الطبقية في المجتمع.فهو أي الإنسان العراقي أصبح يتخبط في ما آل إليه عقله المهووس بعبودية دينية / قبلية حفزّت في داخله النزعة العدوانية ضد من يخالفه طالما أن الشريعة الدينية لاتؤمن باختلاف الرأي، وفتاوى التكفير جاهزة من خلال نصوص قرآنية وروايات دينية. هنا سقطت آدمية الإنسان العراقي ودخل في أزمة ثالثة هي الأزمة الاخلاقية.
الأزمة الاخلاقية / لم تعد لدى الانسان العراقي اي مشكلة في قضية تأنيب الضمير عندما يختلق قصّة ضد جاره او مُستطرقا في السوق ليقاضيه مقاضاة عشائرية فهو من يقدم فروض الطاعة لرئيس قبيلته مقابل أن يوافقه وجهاء القبيلة حين يرتكب جريمة اخلاقية هي اختلاق التهمة الكاذبة من أجل الحصول على المال وهو لا يبالي بما يقوم به وتبعات ذلك على شخصيته التي انحدرت إلى قعر السقوط والمسخ. فكان جدا طبيعي أن لانجد تعاطفا مع عمليات القتل المروع بحق المتظاهرين من أبناء ثورة تشرين الوطنية. لأن غالبية الشعب هو في أزمة عقلية واخلاقية ودينية. هذه الأزمة الاخلاقية هو قد مرّ بها في السقوط من خلال الحواسم بعد سقوط النظام السابق وكذلك العنف الطائفي خلال الأعوام 2004 الى 2014 فالنتيجة الحتمية لهذا المسخ في آدمية الإنسان العراقي تكون بكل تفاصيل قصص العنف في المجتمع. عنف المعلم ضد الطلبة وعنف الطبيب ضد المرضى او المرافقين لهم وعنف التجار صعودا الى الاجهزة التي تملك السلاح وقد استخدمته بشكل غير قانوني وانساني .السؤال هل للدين علاقة بكل ما أسلفت؟ نعم لأن المعتقد الديني لدى هذا الانسان المأزوم يُجيز له السرقة والقتل . كيف؟ خذوا مثال أحد المقلدّين يسأل مرجعه عن مال قد سرقه من البنك اثناء عمليات اسقاط النظام ووظف المال في التجارة وهو الآن بعد سنين أنّبه ضميره فماهو الحل؟ جواب المرجع يقول عليك أن تسلّم المال الأصلي الذي أخذته من البنك الى الحاكم الشرعي ويقصد الى المرجع أما الأرباح فهي ملك لك. والتعليل أن المال الأصلي ينطبق عليه مصطلح مجهول المالك.
الخلاصة؟ القضية ليست كما نكتب فقط كتشخيص إنما كمراجعة أولية ونحن نحاول فك طلاسم ما يجري في العراق لنؤسس الى مرحلة فكرية هي جزء من مراحل ثورة تشرين الوطنية. الذي رسم جداريات او كتب قصائد بمفردات جديدة ذات عنفوان الشعار نريد وطن والذي أنشد أناشيد وطنية بصور شعرية ذات مضامين شاملة للمشروع الوطني كل هؤلاء ومعهم أصحاب المواقع التي تبث آراءا نقدية معارضة للعملية السياسية التي هي من رحم المؤسسة الدينية الفاشلة كل هؤلاء هم جزء مهم من مراحل تعبيد وتعميد ثورة تشرين الوطنية . هذه هي مرحلة التأسيس. اما الذين يعيشون وهم المشاركة في الانتخابات فهؤلاء ايضا يعيشون الأزمات الثلاث التي أشرت اليها وإن كانوا يدّعون أنهم من تنسيقيات ثورة تشرين. حديثنا القادم سيكون البحث في حلول الازمات الثلاث