18 ديسمبر، 2024 7:42 م

أقلمة القيادة وفرعنة السلطة / ٢ الخوف من انحسار السلطة

أقلمة القيادة وفرعنة السلطة / ٢ الخوف من انحسار السلطة

تحدثنا في المقال السابق عن معنى التأقلم، وما نعني به ولماذا نركز على هذا المفهوم بالذات .
ان التغييرات السريعة والمفاجئة التي تواجه البشرية، كشعوب وحكومات، وانظمة سياسية تتطلب من الجميع الى التحرك نحو تغيير الأفكار وطرق العلاج السابقة للمواقف والأحداث، واستبدال الخبرات السابقة وبمعرفة جديدة تناسب موجة التغيير الحاصلة في العصر الحاضر.

في البداية علينا ان نقر ان القيادة طاقة عطاء، والسلطة طاقة أخذ، أي ان القيادة ترسل إشارات اطمئنان للناس، كونهم مع القائد، إذن هم في أمان، لوضوح الرؤية والهدف والغاية، فهي أشبه بهندسة لمنظومة العلاقات الانسانية، للوصول الى غاية ترمي الى صلاح العامة، في حين ان السلطة هي طاقة استقبال، أي استقبال الصلاحيات، وفي اكثر الأحيان التنازع على هذه الامتيازات والصلاحيات، بحجة تقديم ثمارها للعامة.

عند المقارنة بين القيادة والسلطة، نجد ان القيادة تمثل الايجابية بدون ادنى شك، أي لا يمكن للقائد ان يكون متغطرساً، فالمتغرطس هو الدكتاتور ، كما ان القيادة تنسجم مع السنن الكونية، لانها تتماشى مع التغيير، والتقدم والتطور اما السلطة يمكن ان تكون بجانبها الإيجابي وهي السلطة العادلة، او بجانبها السلبي وهي السلطة الظالمة، كما انها تعبر عن السكون، وتنبذ التغيير حتى لو كان للأفضل، لانها تراه تهديد لها.
اذن القيادة سلوك عام، ولكن لا يمارسه الجميع، الا من وجد بنفسه الشجاعة الكافية لرفع راية المبادرة و التغيير والتجديد،ولا يقتصر هذا السلوك على بني البشر فقط، لذلك نرى أسراب الطيور تحلق بطريقة راس الحربة اذ يتقدمهم القائد بشكل واضح، كذلك قطعان الحيوانات لا تدب بشكل عشوائي، بل يتقدمها بالغالب من جنسها، من يكون هو قائد المجموعة، الذي يكون في المقدمة عادة لاكتشاف المكان، او لصد أي هجوم مفاجئ، او ربما يكون في المؤخرة لحماية القطيع من الهجوم المباغت!
مصيبة الشعوب العربية، انها تهمش القادة الذين لا يملكون سلطة، ربما بفعل الثقافة الشرقية التي تسود المجتمع، او بسبب الفكر الجمعي الذي ترسخ منذ عقود، الذي يقدس الحاكم، سواء كان هذا الحاكم عادل او ظالم، فهالة السلطة تزغلل عيون الشعوب العربية التي تجعلها تتعامل معها بشىء من التملق والتزلف، اما رجال السلطة ادركوا هذا الأمر مبكراً، وحولوه لصالح بقائهم في السلطة لأطول فترة ممكنة، وذلك بتقريب، تلك الفئات من الناس من تهوى المديح والتزلف، حتى لو كانت بعيدة عن الكفاءة والمهنية فهم (الحاشية الفاسدة) التي تلتقط فتات الامتيازات الساقطة من الحاكم.

خير مثال ما حصل في الربيع العربي، الذي كان اشبه بانفجار بركان للشعوب، بسبب بعد الحكام عن هموم شعوبها

المشكلة التي تواجه المجتمع العربي، انه ابتلى برجال سلطة ولم يرزقوا بقادة، رجال لاهثين لجني ثمار السلطة والتمتع بصلاحيات مطلقة تحت شعار(القائد الضرورة) يعيد للذاكرة اسماء خلفاء بني العباس !
يعتقدون رجال السلطة انهم خلفاء الله على الأرض، وان مقاليد الحكم ستبقى بايديهم الى الأبد، ولا يعلمون ان السلطة بهذه الطريقة لن تصمد الى ما لا نهاية، مهما بلغت قوتها، والتاريخ مليئ بالأمثلة

ان الاتجار بمقدرات الناس تحت مسمى القيادة، هو السبب في معاناة البشرية، وهذا ما ستنطق له في المقال القادم ، والذي سيكون (انحدار القائد بأتجاه السلطة)

أقلمة القيادة وفرعنة السلطة / ٢ الخوف من انحسار السلطة
رسل جمال
تحدثنا في المقال السابق عن معنى التأقلم، وما نعني به ولماذا نركز على هذا المفهوم بالذات .
ان التغييرات السريعة والمفاجئة التي تواجه البشرية، كشعوب وحكومات، وانظمة سياسية تتطلب من الجميع الى التحرك نحو تغيير الأفكار وطرق العلاج السابقة للمواقف والأحداث، واستبدال الخبرات السابقة وبمعرفة جديدة تناسب موجة التغيير الحاصلة في العصر الحاضر.

في البداية علينا ان نقر ان القيادة طاقة عطاء، والسلطة طاقة أخذ، أي ان القيادة ترسل إشارات اطمئنان للناس، كونهم مع القائد، إذن هم في أمان، لوضوح الرؤية والهدف والغاية، فهي أشبه بهندسة لمنظومة العلاقات الانسانية، للوصول الى غاية ترمي الى صلاح العامة، في حين ان السلطة هي طاقة استقبال، أي استقبال الصلاحيات، وفي اكثر الأحيان التنازع على هذه الامتيازات والصلاحيات، بحجة تقديم ثمارها للعامة.

عند المقارنة بين القيادة والسلطة، نجد ان القيادة تمثل الايجابية بدون ادنى شك، أي لا يمكن للقائد ان يكون متغطرساً، فالمتغرطس هو الدكتاتور ، كما ان القيادة تنسجم مع السنن الكونية، لانها تتماشى مع التغيير، والتقدم والتطور اما السلطة يمكن ان تكون بجانبها الإيجابي وهي السلطة العادلة، او بجانبها السلبي وهي السلطة الظالمة، كما انها تعبر عن السكون، وتنبذ التغيير حتى لو كان للأفضل، لانها تراه تهديد لها.
اذن القيادة سلوك عام، ولكن لا يمارسه الجميع، الا من وجد بنفسه الشجاعة الكافية لرفع راية المبادرة و التغيير والتجديد،ولا يقتصر هذا السلوك على بني البشر فقط، لذلك نرى أسراب الطيور تحلق بطريقة راس الحربة اذ يتقدمهم القائد بشكل واضح، كذلك قطعان الحيوانات لا تدب بشكل عشوائي، بل يتقدمها بالغالب من جنسها، من يكون هو قائد المجموعة، الذي يكون في المقدمة عادة لاكتشاف المكان، او لصد أي هجوم مفاجئ، او ربما يكون في المؤخرة لحماية القطيع من الهجوم المباغت!
مصيبة الشعوب العربية، انها تهمش القادة الذين لا يملكون سلطة، ربما بفعل الثقافة الشرقية التي تسود المجتمع، او بسبب الفكر الجمعي الذي ترسخ منذ عقود، الذي يقدس الحاكم، سواء كان هذا الحاكم عادل او ظالم، فهالة السلطة تزغلل عيون الشعوب العربية التي تجعلها تتعامل معها بشىء من التملق والتزلف، اما رجال السلطة ادركوا هذا الأمر مبكراً، وحولوه لصالح بقائهم في السلطة لأطول فترة ممكنة، وذلك بتقريب، تلك الفئات من الناس من تهوى المديح والتزلف، حتى لو كانت بعيدة عن الكفاءة والمهنية فهم (الحاشية الفاسدة) التي تلتقط فتات الامتيازات الساقطة من الحاكم.

خير مثال ما حصل في الربيع العربي، الذي كان اشبه بانفجار بركان للشعوب، بسبب بعد الحكام عن هموم شعوبها

المشكلة التي تواجه المجتمع العربي، انه ابتلى برجال سلطة ولم يرزقوا بقادة، رجال لاهثين لجني ثمار السلطة والتمتع بصلاحيات مطلقة تحت شعار(القائد الضرورة) يعيد للذاكرة اسماء خلفاء بني العباس !
يعتقدون رجال السلطة انهم خلفاء الله على الأرض، وان مقاليد الحكم ستبقى بايديهم الى الأبد، ولا يعلمون ان السلطة بهذه الطريقة لن تصمد الى ما لا نهاية، مهما بلغت قوتها، والتاريخ مليئ بالأمثلة

ان الاتجار بمقدرات الناس تحت مسمى القيادة، هو السبب في معاناة البشرية، وهذا ما ستنطق له في المقال القادم ، والذي سيكون (انحدار القائد بأتجاه السلطة)