مع تزايد الحديث عن عودة الولايات المتحدة الامريکية للإتفاق النووي وتباين وجهات النظر المطروحة بشأن هذه العودة وماقد تقترن معها، فإن هناك حالة من التناقض الاقرب من التخبط في طهران من هذه المسألة، خصوصا وإن لهذه العودة التي طالما تمناها النظام الايراني ثمة شروط ومسلتزمات أشار لها بايدن أو أعضاء في إدارته، ومع إن هناك العديد من التصريحات العنترية ضد هذه المسألة وخصوصا من حيث تقديم النظام لثمة تنازلات أخرى کشرط للعودة الامريکية، لکن مع ذلك لم يجرٶ النظام الايراني على إتخاذ موقف قطعي من ذلك وإنما ظل يناور ويماطل ويسوف ويتلاعب بالتصريحات والکلمات وکأنه أمام لعبة الکلمات المتقاطعة.
التصريحات الاخيرة لخامنئي حول إمكانية التفاوض مع الولايات المتحدة، قد نجم عنها جدلا داخل الأوساط السياسية في إيران، ما اضطره إلى إصدار توضيح عبر حسابه على موقع “تويتر”، ادعى فيه تحريف مضمون خطابه، حيث إنه “ركز على إفشال العقوبات وليس التفاوض”. لکن وکعادة هذا النظام دائما يقوم بإطلاق تصريحات بشأن مواضيع حساسة وعندما يجد ثمة ردود فعل غير متوقعة فإنه يبادر لمغالطة نفسه أو التملص من ذلك بصورة لايتمکن فيها من إخفاء الحقيقة والتغطية عليها. إذ يبدو إن لعبة تبادل الادوار لازالت محببة ومفضلة لدى هذا النظام فهو وکمسعى منه من أجل إظهار نفسه متماسکا ولايمکن أن يخضع للضغوطات يحاول دائما الإيحاء بأن هناك تيار رئيسي رافض للتفاوض وتقديم التنازلات من أجل عودة واشنطن للإتفاق النووي.
مشکلة النظام الايراني إنه يريد الامور أن تسير بالسياق الذي سارت فيه عام 2015، ويعتقد بأن خروقاته وإنتهاکاته الکثيرة لهذا الاتفاق الذي بات الکثيرون يشيرون الى إن فيها العديد من الثغرات ونقاط الضعف التي من الضرورة معالجتها والتصدي لها في سبيل سد الابواب التي قد تسمح للنظام الايراني بإنتهاك الاتفاق، خصوصا وإن النظام قد قام بإنتهاکات واسعة النطاق في مجال التخصيب وفي مجالات أخرى ولاسيما مواصلة المساعي السرية بعيدا عن الانظار من أجل إنتاج القنبلة الذرية، وهذه النقطة مضافا إليها التجارب الصاروخية للنظام وإصراره على الاستمرار في ذلك وتأکيده على إن برامجه الصاروخية لاتخضع للإتفاق النووي في حين إنها تخضع له، سيتم طرحها على طاولة التفاوض وإجبار النظام على التخلي عنها.
أوضاع النظام مع العودة الامريکية المرتقبة للإتفاق النووي، ليس على مايرام بالمرة خصوصا بعد المحاکمة الفضائحية التي جرت للدبلوماسي الارهابي أسدي وزمرته خصوصا وإن أسدي کان يشغل منصب السکرتير الثالث في السفارة الايراية في النمسا وهو الامر الذي يشير وبصورة أو أخرى الى إن وزير الخارجية الايراني متورط بهذا المخطط الارهابي ولاسيما وإنه قد تکرر في العديد من سفارات النظام الايراني، الى جانب أوضاع حقوق الانسان المتردية في إيران وسلسلة الاعدامات التي أثارت ضجة دولية نظير إعدام المصارع نويد أفکاري وکذلك إعدام روح الله زم الى جانب ماقد طالب به الخبراء السبعة للأمم المتحدة في مجال حقوق الانسان النظام بالتحقيق في مجزرة عام 1988 وثمة أمور أخرى مشابهة، کل ذلك يجعل موقف النظام صعبا ولاتسمح لعنترياته الفارغة أن تحقق له شيئا مما يبغيه إذ لاسبيل للعودة الامريکية والجلوس على طاولة المفاوضات إلا بتقديم تنازلات!