19 ديسمبر، 2024 1:12 ص

هل من سبيل للقضاء على الفساد ؟

هل من سبيل للقضاء على الفساد ؟

سؤال يبدو ساذجا في ضوء تغول احزاب الفساد واحكام قبضتها على ادق مفاصل العملية السياسية التي ولدت مشلولة بفعل اعتماد مبدأ المحاصصة الذي كان اللبنة التي شيد عليها الفاسدون صروح امبراطورية فساد غريبة لم يشهد لها العالم مثيلا . ومع ذلك فان السؤال يبقى مشروعا وضروريا بعد مسلسل الازمات التي نعيشها واخرها وليس اخرها الازمة المالية وما رافقها من تأخير صرف رواتب الموظفين وارتفاع سعر شراء الدولار مقابل الدينار .. ازمة مالية خانقة لايمكن عزلها عن الواقع السياسي الهش والفوضوي الذي لابد ان ينعكس سلبا على الاوضاع الامنية والاقتصادية والاجتماعية .. ومن هنا فان اي حديث عن محاربة الفساد يكون محض هراء ومجرد انشاء وكلام مضلل للاستهلاك المحلي اذا لم يكون حديثا صريحا وشجاعاُ يأتي على راس العلة ويشخص حقيقة الاسباب المرتبطة بهيكلية النظام السياسي المحاصصاتي واحزاب جعلت من السلطة الغاية والوسيلة لتحقيق مأربها ، لذلك فانها لاتتورع عن استخدام اخس الاساليب واكثرها وحشية للمحافظة على مواقعها السلطوية وما تحققه لها من غنائم خيالية .. لذلك فان مظاهر الفساد في عراق ما بعد الاحتلال بقيت تكبر وتتضخم كدليل على عدم جدية السلطات في محاربتها بل وحتى للحد منها .. فساد مشرعن ومحمي بمظلات سياسية وزعامات تقاسمت ثروات العراق المالية والعينية من ثروات نفطية ومعادن ..وهكذا فرخ الفساد طبقة سياسية اثرت على حساب جوع وفقر الملايين من المواطنين وحرمانهم من ابسط الخدمات التي دفعت الشباب الواعي للقيام بانتفاضة شعبية واسعة من اجل انقاذ الوطن مما هو فيه في تشرين من عام 2019 قفزت بشعاراتها على القضايا المطلبية لانها ،اي الانتفاضة وشبابها ، ادركت بانه من دون استعادة الوطن من الفاسدين لايمكن تحقيق تطلعات المواطنين بحياة حرة كريمة تسودها العدالة والمساواة خالية من الظلم والاستغلال .. لقد اثبتت السنوات السبع عشرة الماضية ،وبما لايقبل اي مجال للشك بان الفساد ظاهرة مرتبطة باحزاب السلطة التي تعمدت تدمير العراق ، وان مصير كل الاجراءات الترقيعية والسطحية الفشل ولا تعدو ان تكون محاولات لتخدير الجماهير وتأخير فرص النهوض بواقعها المزري .ومن الوهم التعويل على ممارسات احزاب تحكمت بمقدرات الوطن منذ اكثر من سبعة عشر عاما فكان منها النواب والوزراء والمديرين العامين وبقية المناصب ومواقع المسؤولية ، غير انها لم تقدم لنا سوى الوعود والتصريحات الجوفاء بوضع حد للفساد الذي تمارسه علنا من وباغطية متنوعة ما عادت تنطلي على المواطنين الذين اكتوا من ممارساتها .
ان تجربتنا ومنذ الاحتلال الى اليوم اكدت انه من دون تغيير شامل يضع حد للمحاصصة التي رسختها الاحزاب الاسلاموية لا يمكن وضع حد للفساد الذي نخر كل مؤسسات الدولة من دون استثناء وهذا يحتاج الى ارادة وطنية شجاعة وايمان بالشعب وحقوقه وهو ما تفتقده احزاب السلطة .. لذلك فان الامل معقود على التيارات الوطنية لتنهض بمسؤولياتها وتنظيم صفوفها ومغادرة حالة التشتت لمحاربة الفساد بدءُ بالفساد السياسي المحاصصاتي من هنا يمكن القول اننا بدأنا الخطوة الاولى لمحاربة الفساد وتطهير العراق من حيتانه .

أحدث المقالات

أحدث المقالات