لم يكن نبينا محمد (ص) موجودا ولم يكن الإسلام معروفا وفي عقيدة ابوجهل وابولهب وابوسفيان وعتبة وشيبة ان أشهر ((ذو القعدة , ذو الحجة , محرم , رجب)) هي أشهر حُرم يوقف فيها القتال والصراع بين القبائل العربية المتناحرة في أيام الجاهلية وكان الجميع يلتزمون بها بدون وثيقة شرف يتحدث عنها الخزاعي والنجيفي وآخرون: إنها وثيقة لابد منها للسلم الأهلي والاجتماعي الذي معناه تقبل الآخر المختلف والعيش معه تحت خيمة الوطن وليقم كل بطقوسه وليقل أفكاره وليمارس حريته على ان تقف عند بداية حدود حرية الآخرين,, كانت تلك الأشهر بمثابة وثيقة شرف وكان للرجل العربي شيمة وشرف وكلمة لا ينقضها ولو كان السيف على رقبته ,, أما أتباع ديننا الحنيف في القرن الواحد والعشرين لا يعترفون لا بسنن محمد(ص) ولا بأعراف الجاهلية الايجابية التي اقرها الإسلام…فهم يضعون وثيقة شرف لا قيمة لها لان الإرهاب لا شرف له ولا يعترف بالسلم الأهلي ولا المواثيق الإنسانية لان وراءه قوم يشربون الدماء ويقتلون الأطفال من أجل مصالحهم العليا المتمثلة بإطاعتهم للأجندات الخارجية ..وكما عوّدتنا أمثال هذه الاجتماعات الرمزية التي تصالح أشخاص لا يدركون أين هي المشكلة الحقيقية ..فبعد طاولة الحكيم ازداد وارتفع معدل التفجيرات وبعد وثيقة الشرف بيوم او يومين كان تفجير مدينة الصدر الذ ي ذهب ضحيته المئات..اذاً ما هي وثيقة الشرف وما هو السلم الاهلي ؟ كلنا نعرف ان السلم الأهلي هو عقد لقاء بين أطراف المشكلة ومعالجة جذورها ومنابعها التي تروّج وبصورة مستمرة لإصدار فتاوى قتل الآخر المختلف في الفكر والمذهب والعقيدة..فما لم يتم تجفيف منابع الإرهاب من خلال عقد مؤتمر بين علماء السعودية والأزهر وحوزة قم وحوزة النجف لا يمكن ان تكون هناك وثيقة شرف ولا فائدة من هذه الحلول الترقيعية لان فتاوى التكفير وفضائيات الفتنة التي تنبش التاريخ وتقوم بنقله بكل صراعاته ومزاجاته الى الواقع المعاصر وخلق صِدام فكري وعسكري بين أطراف المذاهب المختلفة..اذاً لابدّ من وضع النقاط على الحروف والتي في مقدمتها تجفيف منابع الإرهاب الفكرية ومنع فضائيات الفتنة الطائفية وتوحيد الخطاب بين الفرقاء السياسيين ورفع الإحساس لديهم بالانتماء الى وطنهم وعدم الاحتماء والارتماء بأحضان دول الجوار من اجل نصرة المذهب سوى كان شيعي ام سني..اذاً لابد من خلق فهم حقيقي لدى الجيل الناشئ لمعنى السلم الاجتماعي والمواطنة ورفع شعار الإمام علي “ع” في باب كل المدارس والمؤسسات((الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق)) وكذلك الابتعاد عن النبرة الطائفية لدى بعض خطباء المنابر وقيام الدولة بمحاسبة كائنا من كان اذا كان في خطابه ما يوحي للطائفية ومنع أصحاب المنصات من إطلاق التصريحات التي تساهم في التعبئة الطائفية وقتل الآخر وتقضي على فكرة السلم الأهلي ,, لكي يكون هناك سلم أهلي واجتماعي فاعلا في المجتمع يجب ان تتكاتف الجهود وتلتقي كل مفاصل وفصائل المجتمع من اجل بناء كيان هذا السلم بناءا رصينا قائما على الإرادة الشعبية الحقيقية للقضاء على العنف وبمشاركة فاعلة من الجهات الدينية العليا.
[email protected]