بعد ان الغت المحكمة الاتحادية العليا قانون مجلس القضاء الاعلى رقم 112 لسنة 2012 اضحى الوضع القانوني لمجلس لقضاء الاعلى بانه ( اسم بلا جسم )، لان الدستور ينص على وجود مجلس اسمه ( مجلس القضاء الاعلى ) ويحدد مهامه ، الا انه لم يحدد من هم اعضاءه ومن هو رئيسه ، وترك ذلك لينظم بقانون .
وليس لدينا – الان – ( قانون نافذ ) يحدد من هم اعضاء مجلس القضاء الاعلى ولا من هو رئيس ، لان النصوص القانونية الثلاث التي حددت ذلك كلها ملغية ، وهي :-
االنص الاول :- كان امر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة رقم ( 35 ) لسنة 2003 الذي عد رئيس محكمة التمييز رئيسا لمجلس القضاء الاعلى ، وهذا النص عد ملغيا ( ضمنا ) بموجب المادة الخامسة والاربعون من قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية .
النص الثاني :- هو المادة الخامسة والاربعون من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية الذي شكل مجلس القضاء الاعلى برئاسة رئيس المحكمة الاتحادية العليا ، ويحل محله رئيس محكمة التمييز في حالة غيابه . وقد الغي هذا النص بالغاء قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية عام كله ( 2005) بموجب المادة ( 143 ) من الدستور التي نصت :- ( يلغى قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية وملحقه عند قيام الحكومة الجديدة .. ) .
النص الثالث :- قانون مجلس القضاء الاعلى رقم 112 لسنة 2012 والذي الغته المحكمة الاتحادة العليا اول امس ( 16 / 9 / 2013 ) بحجة مخالفتة للدستور في قرار يثير الكثير من التساؤلات والجدل وعلامات الاستفهام .
وليس لدينا غير تلك النصوص الثلاث الملغية ، والنتيجة باننا بلا مجلس قضاء ( قانوني وشرعي ) منذ عام 2005 ولحد الان لعدم وجود نصوص تحدد تشكيلته ولا من هو رئيسه او اعضاءه ، ولم يكن لدينا مجلس قضاء شرعي يستند الى نص في القانون بعد عام 2005 الا في فترة نفاذ قانون مجلس القضاء الاعلى رقم 112 لسنة 2012 من 4 / 6 / 2012 الى حين الغاءه من المحكمة الاتحادية العليا قبل يومين ، وبعدما الغي بقرار المحكمة الاتحادية الاخير فلا وجود لمجلس القضاء الاعلى من الناحية القانونية .
وبالتالي فلا حق لاحد ليدعي بانه رئيس لمجلس القضاء الاعلى لا رئيس المحكمة الاتحادية العليا ولا رئيس محكمة التمييز ، وعلى من يدعي بانه رئيس لمجلس القضاء الاعلى ان يأتينا بـ ( نص نافذ ) يقول بانه رئيس لمجلس القضاء الاعلى ، وكذلك على من يدعي بانه عضو في مجلس القضاء الاعلى ان يأتينا بنص نافذ يقول بانه عضو في مجلس القضاء الاعلى
ولن يقدر احد على ذلك نهائيا لالغاء جميع النصوص التي تنظم ذلك .
وامام هذا الفراغ التشريعي فلا يمكن تشكيل مجلس القضاء وبالتالي فأن شؤون القضاة خصوصا مساءلتهم وموازنة القضاء سوف تعطل وفي ذلك خطر كبير على الحقوق والحريات وحكم القانون والدستور الذي يحميها القضاء بشكل اساس .
فلابد – اذن – ان يتشكل مجلس القضاء الاعلى لينظر في شؤون القضاء وموازنة السلطة القضائية وغيرها من المهام ، ولحين سد الفراغ التشريعي بقيام مجلس النواب بتشريع قانون لمجلس القضاء الاعلى يفصل وفق مقاسات الحكومة ،ولكن كيف نسد الفراغ التشريعي وكيف يشكل مجلس القضاء الاعلى بلا نصوص نافذة ؟ هل يصح العمل باحد النصوص الملغية لتشكيل مجلس القضاء لحين اقرار قانون جديد له ؟
الجواب هو بانه لا يمكن العمل مطلقا بنص قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية الذي يشكل مجلس القضاء الاعلى برئاسة رئيس المحكمة الاتحادية لانه نص ملغى صراحة بنص في الدستور النافذ ، والعمل به مخالفة صريحة للدستور ، ولا اظن ان رضيع في القانون يمكن ان يقول بالعمل به .
اما نص الامر 35 لسنة 2003 الذي يشكل مجلس القضاء برئاسة رئيس محكمة التمييز فانه نص ملغي ضمنا ، ولو ان للعمل به فرصة اكبر من نص قانون ادارة الدولة لعدم وجود نص صريح بالغاءه ولان الدستور نص على بقاء التشريعات النافذة معمول بها ما لم تلغ او تعدل وفقا لاحكام الدستور بنص المادة ( 130 ) منه .
اما نص قانون مجلس القضاء الملغي بقرار المحكمة الاتحادية فانه غير قابل للتطبيق – ايضا – بالغاءه من المحكمة الاتحادية العليا ، الا ان مجلس القضاء الذي شكل بموجبه برئاسة رئيس محكمة التمييز الاتحادية هو الذي يتوجب ان يستمر بعمله – على نفس القاعدة التي استمر بها مجلس القضاء الاعلى المشكل بموجب قانون ادارة الدولة الذي استمر بعمله رغم الغاء النص الذي يشكله باعتباره المجلس الفعلي – لحين صدور قانون يعيد تشكيــــل مجلس القضاء .
ومن لا يؤيد هذا الرأي فليأتنا بالسند الشرعي لاستمرار مجلس القضاء الاعلى الذي شكله قانون ادارة الدولة بعمله رغم الغاء النص الذي شكله بنص دستوري صريح …
الم يكن المبرر هو الفراغ التشريعي وكونه المجلس الفعلي الموجود على ارض الواقع ؟؟
وها نحن بنفس الوضع الذي كنا فيه حينما الغي النص الذي شكل مجلس القضاء بموجب الدستور عام 2005 فبقي يعمل ويمارس صلاحياته كمجلس فعلي للقضاء بلا سند في القانون ، فلابد – بنفس هذه القاعدة – ان يستمر مجلس القضاء الحالي الفعلي برئاسة رئيس محكمة التمييز بعمله لحين اصدار قانون جديد ؟
مع الفارق بان مجلس القضاء الاعلى المستمر بعلمه عام 2005 كان بمخالفة نص دستوري الغاه ، اما الان فان تشكيل المجلس لا يخالف الدستور باي حال والفرق كبير بين الامرين …
هذا هو القانون ، ولو اراد اهل القوة والنفوذ والسلطة الغاشمة المستولية على حكم هذا البلد ان يسود حكم القانون لدعموا تطبيق القانون ، لكن العراق اليوم لا يدار بالقانون ، انما يدار بالتأمر والتخاتل والغدر ، ولا سلطان او قيمة لقضاء دولة تسودها القوة الغاشمة ويتحكم بها الفاشلون واللصوص .