“الشام الجديد” بين العراق ومصر والأردن .. هل يحل أزمات الدول الثلاث أم يُشكل خسارة لبغداد ؟

“الشام الجديد” بين العراق ومصر والأردن .. هل يحل أزمات الدول الثلاث أم يُشكل خسارة لبغداد ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

يبدو أن ملامح العمل الثلاثي المشترك بين، “العراق والأردن ومصر”، بدأت تظهر للعلن؛ فبعد إجراء العديد من القمم الثلاثية المشتركة التي اتفق فيها الأطراف الثلاثة على العديد من القضايا، من بينها توحد الرؤى تجاه “القضية الفلسطينية”؛ والملفان الليبي والسوري والأمن المائي وتحقيق التكامل العربي من خلال التعاون والتنسيق بين الدول الثلاث في مجالات الطاقة والكهرباء والنفط، بالإضافة إلى ملف إعادة الإعمار في “العراق”، من خلال الاستفادة من الشركات المصرية والأردنية في إعادة إعمار المدن، التي دُمرت في العراق، وذلك يعكسه مشروع “الشام الجديد”.

وهو مشروع؛ تعود فكرته إلى عهد رئيس الوزراء الأسبق، “حيدر العبادي”، وتم استكمالها من قِبل رئيس الوزراء السابق، “عادل عبدالمهدي”، وفقًا لما تم إطلاقه: “آلية التعاون الثلاثي”؛ في إطار “قمة القاهرة”، آذار/مارس 2019، والقمة المنعقدة على هامش اجتماعات الأمم المتحدة بـ”نيويورك”، أيلول/سبتمبر 2019، ثم جاء “الكاظمي” لتطوير الفكرة لترتقي إلى تحالف تكاملي بين الدول الثلاث. ويرتكز المشروع في جوهره على التعاون الاقتصادي في مجالات الطاقة والكهرباء، حيث يتم في مجال “الطاقة” مد خط أنبوب نفطي من “ميناء البصرة”، جنوب العراق، إلى “ميناء العقبة” في الأردن ثم إلى مصر، ويقوم العراق باستيراد الكهرباء من “مصر” و”الأردن”، بالإضافة إلى تطوير المناطق الصناعية المشتركة، والتعاون في مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة ودعم الإبتكار وريادة الأعمال والتعاون في قطاعات الصحة والبنية التحتية، بالإضافة إلى زيادة التبادل التجاري.

يُشكل خسارة للعراق..

وفي الوقت الذي يؤكد فيه النائب عن محافظة البصرة، “عبدالأمير المياحي”، أن خطة مد أنبوب نفطي مع “الأردن”، الذي تخطط له حكومة “الكاظمي”، هو مخطط أميركي بإمتياز، ومنذ سنوات، مبينًا أنه سيُخسر “العراق” أموال إضافية في أجور النقل.

وقال “المياحي”؛ إن: “أميركا تخطط، منذ سنوات، لمد أنبوب نفطي من البصرة إلى الأردن؛ لتصدير النفط ومن دون جدوى اقتصادية للعراق”.

يأتي في إطار اندفاع العراق نحو الشرق..

إلا أن الخبير الاقتصادي، “صالح الهماشي”، يرى أن: “العراق يسعى لتوسيع منافذ تصدير النفط، ومن هذه المنافذ هو خط الأنبوب (العراقي-الأردني)، لكن المشكلة أن هذا الأنبوب لا يعود بالنفع على البلدين، وإنما على الجهة التي قامت باستثماره، حيث أن كمية النفط المصدرة للأردن قليلة، والحكومة العراقية هي من تتكفل بتكاليف هذا الأنبوب”.

وتابع “الهماشي” بالقول: “من الممكن أن يمتد هذا الأنبوب إلى مصر، في إطار النفط مقابل الإعمار والطاقة الكهربائية، لكن ذلك سيكون في مرحلة ثانية، أما التصدير عن طريق ميناء العقبة، فلا توجد هناك جدوى اقتصادية من ذلك، في ظل وجود موانيء أخرى”.

وأضاف “الهماشي” قائلاً: “هناك دوافع سياسية وراء إنشاء هذا الأنبوب، فهو موجود منذ زمن حكومة العبادي، وبدأ العمل به في حكومة عبدالمهدي، على أساس كسب ود الجوار العراقي، ومن الممكن أن تنشأ مصافي في الأردن لتكرير النفط وإعادة بيعها للعراق، وهذا كله يأتي ضمن إطار اندفاع العراق نحو الشرق”.

بلورة رؤية إستراتيجية مشتركة..

بينما رأت “ماري ماهر”، الباحثة بالمركز “المصري” للفكر والدراسات، إن تأسيس “الشام الجديد”، أو “المشرق الجديد”، القائم على التعاون التجاري والأمني بين “مصر والعراق والأردن”، هدفه بلورة رؤية إستراتيجية مشتركة للتعامل مع القضايا العربية.

وأضافت “ماهر”؛ أنه على المستوى الأمني فإن التحالف يهدف إلى رؤية مشتركة لمواجهة كافة أشكال دعم وتمويل الإرهاب، لالفتة إلى أن “مصر” تستطيع ان تساهم عن طريق التعاون الاستخباراتي في مساعدة “العراق” في التحديات الإرهابية، وبالأخص لمواجهة تنظيم (داعش) الإرهابي.

وأكدت “ماهر” على أن التحالف غرضه رسم صورة لحل القضايا العربية بناءًا على مصالح الأمن القومي العربي، ومراعاة وحدة وسلامة واستقرار الدول العربية، مشيرة إلى أن أهمية التحالف على الصعيد الأمني، هو بلورة رؤية مشتركة لمواجهة كافة أشكال ودعم وتمويل الإرهاب.

وتابعت “ماهر”؛ ستُصدر “مصر”، لـ”الأردن والعراق”، الكهرباء نظرًا للفائض الموجود حاليًا في مصر، وذلك مساعدة من مصر لإبتعاد العراق عن سياسة المحاور والاحتياج إلى “إيران” لاستيراد الكهرباء، مما يجعل هناك تطوير في العلاقات مع الدول العربية.

ولمشروع “الشام الجديد” أهمية للدول الثلاث، فعن أهميته لـ”مصر” :

ستتمكن “مصر” من الاستفادة من تصدير الكهرباء إلى “الأردن والعراق”، حيث حققت مصر فائضًا في إنتاج الكهرباء بأكثر من 27 ألف غيغاوات؛ نتيجة لمشروعات إنتاج الكهرباء التي أنجزتها خلال السنوات الست السابقة، ومن ثم تسعى مصر إلى توقيع اتفاقيات للربط الكهربائي ضمن خطتها للتحول لمركز إقليمي للطاقة.

بالإضافة إلى أن خط أنبوب النفط الممتد من “ميناء البصرة”، جنوب العراق، إلى “العقبة” في الأردن إلى مصر، يتيح لمصر تنويع وارداتها من النفط ويقلل من اعتمادها على عقود النفط قصيرة الأجل التي تعرضها للتذبذب في أسعار النفط، حيث سيؤمن النفط الخام لمصر بشكل مستمر.

وكانت مصر قد بدأت الحصول على النفط العراقي الخام، في نيسان/أبريل 2014، بواقع 12 مليون برميل سنويًا، وكذلك سيؤدي المشروع إلى تقليل فاتورة استيراد النفط، حيث ستحصل مصر على النفط العراقي بأقل من ثمنه بـ 16 دولارًا للبرميل، وفتح السوق العراقي والأردني أمام الصادرات المصرية.

وبالنسبة لأهميته لـ”العراق” :

يحقق المشروع لـ”العراق”؛ جزًءا من احتياجاته من الكهرباء عن طريق مصر؛ إذ يعاني هذا البلد من أزمة طاقة حادة دائمًا ما تكون الدافع وراء اندلاع احتجاجات عنيفة في البلاد من وقت لآخر؛ ويحتاج العراق إلى 22 ألف غيغاوات من الكهرباء، في حين أنه ينتج نحو 12 ألف غيغاوات فقط .

وبالإضافة إلى أزمة الكهرباء، يعاني “العراق” من أزمة بطالة حادة وارتفاع معدلات التضخم والفقر، لذلك سيفتح هذا المشروع بابًا أمامه لتدفق الاستثمارات المصرية في قطاعات متنوعة، وخاصة الطاقة، وإمكانية إقامة مدن صناعية وتجارية مشتركة، ما يوفر فرصًا للعمل وينقل خبرات مصر والأردن في مجالات الصناعة والتجارة إلى القطاع الخاص العراقي وسيجعل من الأردن ومصر سوَقًا للمنتجات العراقية.

وبالنسبة لـ”الأردن” :

يمثل مشروع “الشام الجديد”؛ أهمية بما يجعله مركًزا لوجيستًيا إقليمًيا لتبادل النفط والكهرباء والبضائع.

كما سيقلل المشروع من فاتورة استيراد النفط؛ إذ سيحصل عليه أيضًا بسعر أقل بنحو 16 دولارًا للبرميل.

ومن الجدير بالذكر؛ أن “الأردن” يحصل بالفعل على النفط العراقي بهذا الخصم في إطار مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين، في 5 شباط/فبراير 2019، والتي حصلت بموجبها، “عمان”، على النفط الخام العراقي للمرة الأولى بواقع نحو 10 آلاف برميل يومًيا، تُشكل 7% من حاجة البلاد للطاقة، وتوفر 160 دولارًا يومًيا تقريبًا، أي نحو 4.8 مليون دولارشهريًا.

وهو ما سيساعد “الأردن” في الخروج من أزمته الاقتصادية الحادة التي ضاعفتها جائحة (كورونا).

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة