خاص: إعداد- سماح عادل
“خيرية المنصور” مخرجة عراقية، أولى المخرجات العراقيات في عالم السينما الروائية، وتكاد تكون الوحيدة، فهي أولى من خطا نحو صنع سينما المؤلف في العراق. وهي من العلامات الهامة في تاريخ السينما العراقية، وبشكل خاص بعد فيلمها الكوميدي الشهير 6/ 6 (ستة على ستة)، بطولة “قاسم الملاك”. الفيلم يعتبر أحد أهم الأفلام الكوميدية العراقية، وخطوة كبيرة في تاريخ السينما الكوميدية العراقية.
حياتها..
ولدت في 1958، والتحقت بكلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد 1976. وعلى بكالوريوس فنون ـ أكاديمية الفنون الجميلةـ بغداد 1976- 1980، وماجستير في إخراج الخدع التلفزيونيةـ القاهرة 1987، والتحقت بدورة تدريبية في الصوت السينمائي درس فيها الخبراء الروس وقد أقامتها وزارة الثقافة بغداد 1982، ودورات تدريبية في الإخراج السينمائي مع المخرج الكبير “يوسف شاهين” في فيلم “حدوتة مصرية” و”إسكندرية كمان وكمان” 1983 و 1989. دورة تدريبية في الإخراج التلفزيوني ـ معهد الخبراء العرب ـ تيم ـ القاهرة 1985.
غادرت المنصور العراق بعد احتلاله وإثر تهديد ميليشيا منظمة بدر، المرتبطة بإيران، لها ولأسرتها، متسللة إلى إقليم كردستان شمالي العراق، ومنه إلى القاهرة لتعمل مديرة لقسم الأفلام الوثائقية في قناة النهرين المصرية. إذ قدمت سلسلة أفلام تلفزيونية زادت عن الـ65 فيلماً بعنوان “بروفيل” من إنتاج القناة، كان أبرزها عن الفنانين العراقيين يوسف العاني وجعفر السعدي وَعَبَد الخالق المختار وآسيا كمال.
الإخراج..
بدأت المخرجة “خيرية المنصور” تجربة الإخراج كمساعدة مخرج مع مخرجين مهمين مثل “صلاح أبو سيف” في فيلم “القادسية”، “يوسف شاهين” في أربعة أفلام (حدوتة مصريةـ إسكندرية كمان وكمان ـ المصيرـ كلها خطوة)، ومع “محمد راضي” في “حائط البطولات”.
من عام 1980 إلى عام 2003، أخرجت “خيرية المنصور”42 فيلما تسجيليا سينمائيا وتلفزيونيا في العراق ومصر وسوريا والأردن، وفيلمين روائية طويلة سينمائية ومسلسلات وسهرات تلفزيونية.
الأفلام الروائية السينمائية الطويلة التي أخرجتها: (فيلم 6/6 سيناريو وإخراج 1988- فيلم 100/100 سيناريو وإخراج 1992).
الأفلام التسجيلية ل”خيرية المنصور” 42 فيلما أهمها:
- فيلم بنت الرافدين سيناريو وإخراج، حصل الجائزة الثانية في مهرجان طشقند السينمائي 1984.
- الأنامل الساحرة عن الفن التشكيلي النسوي في العراق.
- كنائس العراق.
- ينابيع العطاء.
- انظروا، عام 1991. حصل الفيلم على جوائز عدة وشهادات تقدير منها الجائزة الأولى في المغرب ـ أحسن فيلم تسجيلي في العراق ـ شهادة تقدير من مهرجان المبدعات العربيات في تونس وغيرها.
- أحلام بيضاء الجائزة الذهبية في مهرجان الأفلام التسجلية في العراق ـ جائزة الإبداع السنوية التي تقيمها وزارة الثقافة ـ شهادة تقدير من جمعية نقاد السينما في مصر الفيلم كتبت السيناريو له إرادة الجبوري.
- البناة، سيناريو محمد الجزائري.
- عاشق السينما، سيناريو ثامر مهدي، حصل على الجائزة الأولى مهرجان معهد الفنون الجميلة في العراق.
- الحلم الذاكرة سيناريو ثامر مهدي.
- ذاكرة العين.
- نداء العراق، سيناريو إرادة الجبوري.
- الملائكة تموت، سيناريو وفاء عوض، إنتاج هاي فيلم – مصر. قامت بقراءة التعليق الفنانة سميحة أيوب. حصد هذا الفيلم كثير من الجوائز منها جائزة الإبداع التي تمنحها وزارة الثقافة في العراق ـ شهادة تقدير كأحسن فيلم نقابة الصحفيين المصرية ـ جائزة ذهبية والوسام الذهبي من اتحاد النساء في العراق ـ وشارك في كثير من المهرجانات العربية والعالمية منها مهرجان القاهرة ـ مهرجان قرطاج السينمائي ـ مهرجان فيلم هاوس في إسبانيا وحصل على شهادة النقاد الفيلم يتحدث عن أطفال الحروب في الوطن العربي.
- يوم واحد في بغداد، إنتاج وفاء عوض من مصر.
- اللوحة الأخيرة، إنتاج هاي فيلم، مصر سيناريو وفاء عوض حصد هذا الفيلم كثير من الجوائز واشترك في كثير من المهرجانات العربية والعالمية وحصد جائزة أحسن إخراج وجائزة الإبداع كأحسن فيلم واشترك في المسابقة الرسمية لمهرجان قرطاج السينمائي.
- حدث في العامرية، تحويل مقطوعة نصير شمة الموسيقية إلى فيلم، إنتاج وفاء عوض ـ مصر.
- نازك الملائكة إنتاج شركة البطريق، محمود حميدة.
- هذا زمان فلسطين، سيناريو وإخراج. حصد الجائزة الذهبية كأحسن إخراج في المسابقة التي أقامتها نقابة الصحفيين المصريين في أسبوع التضامن مع فلسطين.
- التحدي الصامت سيناريو وإخراج.
- العزف على الذاكرة، سيناريو وإخراج، ويتكلم عن تاريخ السينما في العراق.
- فردوس الجهات الأربعة، عن تاريخ العراق الحضاري والسياحي.
- مدينة الشمس، سيناريو وإخراج، إنتاج شركة الفيصل السورية.
- انهض، سيناريو وإخراج.
- القرار117.
- هجرة إلى الله، سيناريو خضير ميري (قصيدة الشاعرة نازك الملائكة).
- جعفر السعدي، مسيرة إبداع.
المخرجة الوحيدة..
تعتبر “خيرية المنصور” المخرجة السينمائية الأولى والوحيدة في العراق من دون منافس. في حوار معها لصحيفة ”العرب” أجراه “سلام الشماع” تقول “خيرية المنصور”عن عملها: “إنجازاتي عديدة في السينما قيّمها النقاد. لكن يبقى المهم أنني راضية عمّا قدمته إلى السينما العراقية، لأن العراق احتضنني وقدم إليّ الكثير، وكان عليّ أن أعطيه بقدر عطائه لي، وخير دليل تكريمي الأخير في السنة الماضية بمهرجان قابس الدولي في تونس عن مجمل أعمالي السينمائية سواء للسينما العراقية أم العربية”، لي أفلام وثائقية أقف عندها معتزة بها، منها فيلم عن الشاعرة نازك الملائكة التي عايشتها في بيتها، وللقصيدة الشعرية في فيلم اللوحة الأخيرة، إذ حولت قصيدة الشاعر الكبير حميد سعيد عن الفنانة التشكيلية العراقية الشهيدة ليلى العطار إلى فيلم أخذ منّي وقتاً وجهداً استثنائيين، وفيلم ‘حدث في العامرية’، وآخرها فيلمي الروائي ‘الثلج لا يمسح الذاكرة’، الذي يدور حول احتلال العراق، وهو أول فيلم عراقي ينتج في مصر ليجسد بشاعة الاحتلال الأميركي للعراق”.
حكت “خيرية المنصور” عن أنها قدمت استقالتها من قناة النهرين لتلتحق بقناة “البغدادية” العراقية كمدير فني، وهذا المنصب، ، عزلها عن عالمها السينمائي الذي أحبّته، لكنها استطاعت خلاله إخراج فيلم عن الجيش العراقي، الذي حلّ بقرار من الحاكم المدني الأميركي على العراق بول بريمر وعدّ أهم فيلم ينصف الجيش العراقي، كما أنجزت، خلال المدة نفسها، فيلماً عن النحات العراقي الراحل محمد غني حكمت وأكملت سيناريو فيلمها عن الشاعر مظفر النواب على أمل تصويره في سوريا ولكنها تركت قناة البغدادية. وبعد خروجها من قناة البغدادية، أخرجت فيلمها الروائي “الثلج لا يمسح الذاكرة”، الذي تناول احتلال العراق وأنتجته شركة “ون شوت” المصرية، بعده أنتجت 16 فيلماً وثائقياً من إخراجها في سلسلة “مبدعون راحلون”.
وعن تعرفها ب”يوسف شاهين” تقول: “عملت مساعدة للمخرج توفيق صالح في فيلم “الأيام الطويلة” فتعلمت منه وسألته عن كل شيء يخص السينما، وفِي إحدى زيارات يوسف شاهين إلى العراق زار توفيق صالح في موقع التصوير. كنت أرتعش من الرهبة كيف سألتقي هذا العملاق؟ كان الجوّ عاصفاً ثلجياً في شمال العراق مما اضطر شاهين أن يمكث معنا يومين.. عرفته أكثر وناقشت معه فيلم ‘العصفور’ وبدا على شاهين أنه معجب بما أقول، فقاطعني والتفت إلى توفيق صالح قائلاً باللهجة المصرية: أنا عاوز البت دي تعمل معي. والتفت إليّ وسألني: تشتغلي معي؟ فكاد أن يغمى عليّ من الفرح”.
شاهين هو الذي صقلني سينمائياً وعلّمني ماهية السينما فكراً وأداة ووضع قدمي على الطريق الصحيح، بدأت معه من كتابة السيناريو في فيلم ‘حدوتة مصرية’ إلى كتابة السيناريو التنفيذي (الديكوباج) والتصوير إلى نهاية الفيلم حتى عرضه. عاملني كإحدى بنات أسرته، وتحملت المسؤولية وعمري 22 سنة ونجحت وواصلت العمل معه كمساعدة في أربعة أفلام سينمائية هي “حدوته مصرية وإسكندرية كمان وكمان والمصير وكلها خطوة””.
أول فيلم وثائقي..
وتروي “خيرية المنصور”:”أخرجت أول فيلم وثائقي قصير باسم “بنت الرافدين” وعرضت السيناريو على “يوسف شاهين” فوضع لمساته عليه، وحصد الفيلم جوائز محلية وعلى مستوى العالم في مهرجان موسكو السينمائي حصد الجائزة الثانية، وقال لي شاهين “إنها خطوة تبشر بالخير..”، وعندما عدت إلى القاهرة حاملة سيناريو فيلم روائي طويل هو “6/ 6” وقرأته معه سطراً سطراً أبدى غضبه عليّ لأني سأبدأ بفيلم كوميدي، ولكني قلت له إنه لن يخرج عن مدرستك الشاهينية، وعندما شاهد الفيلم بعد انتهاء التصوير في إحدى زياراته إلى العراق على المفيولا، قبل عرضه، شعرت بالخوف وهربت منه لكنه أخذني في حضنه، وقال لي “مش خسارة فيك التعب يا بت”، وأحتفظ بوثيقة نشرتها جريدة الثورة البغدادية أعلن فيها عن رأيه بالفيلم، وبعدها واصلت العمل بين الفيلم الوثائقي والروائي وقطعت أشواطاً طيبة، وقدمت حصيلة جيدة من الأفلام التي أعتز بها والتي حصلت على جوائز عدة”.
تدير “خيرية المنصور”، حالياً، موقعاً إلكترونياً اسمه “الصدى نت” وهو موقع سياسي ثقافي فني أسسته، ويضم نخبة من كتاب الوطن العربي، هدفه جمع شمل المثقفين بعد أن فرقتهم السياسة، كما تقول.
وتنتوي “خيرية المنصور” تأليف كتابين الأول عن فيلم “المصير” ل”يوسف شاهين”، وهو الكتاب الثاني عنه بعد كتابها الذي كتبته عن تجربتها معه في فيلم “حدوته مصرية” وكان بعنوان “شرنقة شاهين الحريرية” الذي ترجم إلى اللغة الانكليزية، والثاني سيكون بعنوان “سجني باختياري” وهو عن الشاعرة “نازك الملائكة” من خلال معايشتها معها في إخراج فيلم عن حياتها، وتقول إنها ستنصف الملائكة في هذا الكتاب كما أنصفتها في الفيلم الذي أنجزته عنها، وبالإضافة إلى ذلك فهي مستمرة في الكتابة عن السينما والأدب في كثير من المواقع الإلكترونية.
أيقونة السينما العراقية..
وفي مقالة بعنوان (خيرية المنصور أيقونة السينما العراقية) يقول “باسم محمد كريم”: “كان ل”خيرية المنصور” اسم فني مهم في العراق سينمائيا وتلفزيونيا، فعملت في أعمال عراقية تلفزيونية هامة مثل، المسلسل العراقي “البحث عن ندى” لكاتبه “صباح عطوان” وهو يتكون من أثنان وثلاثون حلقة تلفزيونية، ومسلسل “خطوط ساخنة” ويتكون من سبع ساعات تلفزيونية وهو من تأليف “حسن دكسن”، مسلسل “مضت مع الريح” الذي يقع في ثلاثين حلقة وهو من تأليف الكاتب العراقي التلفزيوني “عادل كاظم”، عملت “خيرية المنصور” في العراق مع أسماء لامعه مثل سامي عبد الحميد وجعفر السعدي وطعمه التميمي وراسم الجميلي ومقداد عبد الرضا وقاسم الملاك وسناء عبد الرحمن وفوزية عارف وسامي السراج، وعملت مع جيل آخر جديد ومجموعة من الممثلين مثل عبد الخالق المختار وهند كامل وكان لها الفضل في اكتشاف أسماء مهمة مثل لؤي أحمد وميس كمر، والكثير من فناني النخبة وممن تركوا بصمة مهمة في تاريخ الدراما العراقية”.
ويواصل: “إن خير من يتحدث عن خيرية المنصور هي أعمالها السينمائية الخالدة لذا فهي تمتلك وبجدارة لقب المخرجة الأولى والوحيدة في العراق حتى الآن، بل ومن خلال تجربتها نعتبرها الآن أهم مخرجة في الوطن العربي، واختيارها من بين أفضل مخرجات جيلها عراقيا وعربيا، يكفي أن خيرية المنصور أول من ساهمت في كسر الحصار المفروض على صناعة السينما في العراق وكان ذلك حدثا مدويا يوم صعدت على خشبة مسرح سوريا السينمائي كأول مخرجة سينمائية عراقية.وبعد هذا التاريخ الطويل.. يحق لنا أن نقول بأن خيرية المنصور هي آيقونة السينما العراقية التي كرمتها كل مؤسسات الفن في مختلف دول العالم لاقت اليوم ظلما وأجحافا كبيرين في وطنها العراق، الذي أفنت زهرة شبابها في خدمته ومثلته بصورة مشرفه وناصعة البياض. تقول خيرية المنصور أن السينما هي ابنة غير شرعية لوزارة الثقافة والأعلام في حين أن السينما هي تمثل الوجه الحضاري للوطن في كل دول العالم”.