إصرار أردوغان على إرسال الجنود الأرتراك إلى قرة باع يغضب ليس فقط روسيا بل الغرب أيضاً
أعلن مساعد وزير الخارجية الأمريكي فيليب ريكير أن رؤساء مشتركين لمجموعة “مينسك” لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا المخصصة بتسوية الصراع في قرة باغ سيزورون كلا ايريفان وباكو بهدف إجراء المباحثات مع السلطات الأرمنية والأذربيجانية في السبت ويوم الأحد. وشدد الدبلوماسي الأمريكي على أن ليس لدينا بديلاً سوى جهود قائمة رامية للتسوية الدبلوماسية لنزاعات حول قرة باغ.
تخفى وراء هذا الإعلان استياء واشنطون من النشاطات التركية المتعلقة بشأن قرة باغ وخاصة محاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأذربيجاني إلحام علييف بتثبيت دور أنقرة كدولة ضامنة لتسوية الصراع في المنطفة المتنازعة عليها التي تقوم بها الزعيمان منذ توقيع الاتفاق بين أرمينيا وأذربيجان بالوساطة الروسية. من المرجح أن أنقرة ستنشر القوات التركية إلى قرة باغ فور بروزها كـ دولة ضامنة لتتعمل بشكل مستقل من العسكريين الروس الموجودين في المنطقة حالياً.
لقد حاول أردوغان بلا طائل بسعيه لتوسيع النفوذ التركي في جنوب قوقاز التواصل إلى الاتفاق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول إنشاء المركز التركي لمراقبة على التزام الطرفين بنظام وقف النار ليكوم مستقلا من موسكو. وبعد فشل هذه المبادرة كشف المسؤولون الأتراك خطة إرسال الوحدات الهندسية التركية إلى قرة باغ بذريعة إزالة الألغام ولكن أعبر الخبراء العسكريون الروس والأرمن عن قلقهم بأن أنقرة سترسل القوات الخاصة إلى المنطقة تحت ستار نشر مهندسين وذلك للقيام بالعمليات التخريبية.
أثارعدم رغبة للتعاون من قبل روسيا غضب أردوغان الذي قرر بإلغاء الاتفاق الثلاثي تم توقيعه تحت الرعاية الروسية.بالإضافة إلى ذلك، أصر الرئيس الأذربيجان إلحام علييف بإصرار على صيغة الاتفاق الجديد الذي يثبت سيطرة أذربيجان على منطقة قرة باغ انتهاكاً للاتفاق الحالي. في وقت حالي، تطلب باكو أن الاتفاق يشير إلى أن القوات الروسية تم نشرها في الاراضي الأذرية. من غير المحتمل أن الرئيس الأذربيجاني أطلق بهذا المساع المفاجئ بدون التشاور مع أردوغان الذي لا يزال يكون حامياً سياسياً لباكو.
في غضون ذلك، توقفت موسكو وأنقرة عن محاولتهما لإخفاء الصراعات الدبلوماسية بين البلدين. يعطي ذلك فرصة للغرب لاغتنام زمام المبادرة في حل نزاع قرة باغ.
من غير المرجح أن الغرب بنفسه سيلعب الدور الرئيسي في تسوية الأزمة في قرة باغ وسط الاضطراب الاقتصادي الهائل الذي سببته جائحة فيروس كورونا ويمكنه تهدئة أردوغان إذا تحالف مع موسكو.
ومن جانبه، يمكن كرملين أن يعقد صفقة مع شركائه في مجموعة “مينسك” في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا من أجل كبح طموحات الرئيس التركي.
من المرجح أن الخطوة المشتركة الأولى للتحالف بين روسيا والغرب ضد تركيا تكون منح قوات حفظ السلام الروسية المتمركزة في قرة باغ بتفويض منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وسيؤدي ذلك على الفور إلى فشل محاولات أردوغان في إرسال “خوذه الزرقاء” إلى المنطقة، تجنباً المؤسسات الدولية.
على هذه الخلفية، تبدؤ تصريحات فلاديمير بوتين، الذي يعبر عن احترامه لجهود فرنسا والولايات المتحدة لتعزيز الوساطة في قرة باغ، مقدمة للتحالف المستقبلي. يشير الخبير الأمريكي برادلي رينولدز إلى اهتمام موسكو بتشكيل تحالف خاص مع باريس وواشنطن.
“الآن عندما تبذل روسيا قصوى جهودها في اللعبة الجيوسياسية في جنوب القوقاز، وترتفع المخاطر فيها، تحتج موسكو إلى المساهمة في إيجاد حل سياسي للنزاع في قره باغ”، قال العالم السياسي.
لا ينكر البيت الأبيض استعداده لبناء جسور مع الكرملين لإبقاء الرئيس التركي خارج اللعبة. “نحن قلقون بشأن دور تركيا ومشاركة المقاتلين الأجانب وتزويد اذربيجان بالسلاح. هذه القضايا موجودة على جدول أعمال لحوارنا مع روسيا”، قال فيليب ريكير.
في ظل هذه الظروف، تتحول منطقة قره باغ، التي كانت مؤخرا ساحة المعركة بين أرمينيا وأذربيجان، إلى ساحة اشتباك لمصالح تركيا والغرب. في الوقت نفسه، يخاطر الزعيم التركي رجب طيب أردوغان بالبقاء وحيدا أمام تحالف الغرب وروسيا، اللتان قد تنسى الخلافات السابقة لإجبار أردوغان للخروج من السياسة العالمية.