ان التظاهر السلمي يعد وبحق وسيلة مهمة للغاية من وسائل التعبير عن الرأي والضغط على المؤسسات والجهات الرسمية والحكومية لتحقيق مطالب معينة او من اجل طرح تلك المطالب بشكل فعال .
حق التظاهر من الحقوق الاساسية للانسان, وهو يشمل حق الانسان في التجمع وحرية الرأي والتعبير, وقد نص عليه جميع لوائح حقوق الانسان والدساتير في الدول مهما اختلفت في انظمة حكمها او درجة نموها الاقتصادي والترابط الاجتماعي فيما بين ابناءها .
المظاهرة، تعني إعلان رأي او اظهار عاطفة في صورة جماعية وتعني التعاون ايضاً والنزول الى الشوارع والتجمع في الاماكن العامة والمسيرات الحاشدة للمطالبة بحق سياسي او اداري او اقتصادي او طرحه على الملأ في سبيل ايصال صوتهم الى الحكومة والجهات المعنية وقد نظم حق التظاهر في الدول وفق الانظمة والقوانين بعدما كفلها الدساتير.
المظاهرات انواع منها الصامته واخرى مصاحبة للصياح والهتافات والاناشيد والصور والاعلام او الاشارات ومنها ما تكون واقفة واخرى سيارة وتختلف انواع المظاهرات بأختلاف طبيعة الحق المطالب به وهناك مظاهرات تحصل على الموافقات الرسمية واخرى غير مرخصة واخيراً مظاهرات سلمية واخرى تحمل العنف والشغب .
درجة وعي الشعوب والافراد المتظاهرين وثقافتهم وحبهم للوطن ومستوى شعورهم بالمسؤولية تجاه بلدانهم يلعب دوراً مهماً في تنظيم التظاهر وعدم تحويلها الى اعمال شغب وعنف.
بين حين واخر تخرج ارتال من مواطني اقليم كوردستان للمطالبة بحق او استنكار وشجب قرار او دعم موقف وتكفل الاجهزة المعنية بحمايتها ومنع تحويل مسارها الى وجهة اخرى وفق القوانين والانظمة المرعية.
تظاهرات إقليم كوردستان المطالبة بضرورة دفع رواتب الموظفين بصورة منظمة هذه المرة كسابقاتها تحمل تساؤلات عديدة منها من هو السبب الحقيقي لعدم دفعها والتي هي الحكومة العراقية بعد قطعها لموازنة اقليم المالية منذ عام 2014 ؟؟ ولماذا توجيه التهم الى الحزب الديمقراطى الكوردستاني مع العلم ان احزاب اخرى مشاركة في الحكومة منها الاتحاد الوطني الكوردستاني وحركة التغيير وآخرين.
نظمت سلطات الاقليم المظاهرات وفق القانون رقم 11 لسنة 2010 وان الدستور العراقي كفل هذا الحق وفق المادة(38)
ولكن عند إلقاء نظرة متأنية الى طبيعة مظاهرات اقليم كوردستان بصورة عامة، اننا نستطيع ان نستنبط من مجريات هذه التظاهرات التي تخرج بين حين و آخر بمطالب متنوعة مجموعة من النتائج التي تعكس الوجه السلبي لأقليم كوردستان بأعتباره التجربة الديمقراطية الناجحة والوحيدة في المنطقة وتؤثر على سمعتها الدولية وثقتهم بها ومنها :
التخريب: ما ان يخرج مجموعة من المواطنين وفي اكثر الحالات إلا وتبدأ اعمال التدمير والتخريب والحرق للمباني الحكومية والاحزاب السياسية وحتى الدور السكنية وكأنه اشارة واضحة على وجود ايدي خفية في الموضوع يدفعهم الى الوجهة التي يريدها وهو يتفرج النار الملتهب واعمدة الدخان المتصاعدة ونهب الاثاث والاموال.
شعارات وهتافات تشير بشكل واضح الى عمق ما يعانيه المواطن من معاناة ومآسي بحيث يقشعر منه الابدان عندما يقف الرجل اما افراد عائلته حائراَ وماء الحياء تجرى على وجهه لا يستطيع ان يؤمن لهم لقمة العيش مهما يكن من الامر لا يمكن للانسان ان ينكر انتماءه الى وطنه وقوميته، بل يطلب الاغاثة من دولة العراق التي كانت جميع حقوقه منتهكه على يدها بالتدخل والارتباط المباشر معها وضرب هيبة اقليم كوردستان ومكانته ودستورية مؤسساته عرض الحائط وهذا مؤشر خطير و دليل على عمق معاناته وضعف الخدمات المقدمة.
غالباً ما تخرج هذه المظاهرات عند وجود ازمة خارجية لحكومة اقليم كوردستان مع العراق او غيرها وهذا يعني بأن المتظاهر ينتظر الفرصة وهو يحمل اجندات سواء كانت ازمة سياسية او اقتصادية ومالية … الخ.
هذه المظاهرات تشير الى اشباع المواطن الكوردستاني من التحزب والاحزاب السياسية بل يرى ان هذه الاحزاب هي اسباب ما يعانيه من الفقر والجهل و الجوع والبطالة لذا وما ان تأتيه الفرصة إلا ويبدأ بالهجوم على مقراتها بالرشق بالحجارة وحرقها وتدميرها دون اختلاف عله يشفي غليله الهائج.
مظاهرات اقليم كوردستان في غالبها سياسية بغطاء مدني أي من اجل اهداف سياسية والهجوم على طرف او حزب سياسي معين خاصة عندما تشتد الصراع بينهم ويكونوا منافسين وهذا ما نلمسه من طبيعة الشعارات والاشارات المرفوعة فيها فقلة الخدمات والفقر والبطالة والفساد يركب على امواجها حزب معين للتقليل من وزن حزب اخر او من اجل دعاية انتخابية قادمة وكسب اصوات المواطن الاعزل الذي بات ينتظر وينتظر.
مظاهرات موجه ضد البارتي وعلى الرغم من كون الحزب الديمقراطي الكوردستاني من اقدم الاحزاب الكوردية ولها تاريخ طويل من النضال والتضحية والمواقف والمنجزات إلا ان نظرة البعض اليها كجسم غريب في مناطقهم، لذا ما ان يتيح لهم الفرصة إلا ويبدأون بالهجوم على مقراتها وحرقها ورشقها بالحجارة واطلاق الرصاص عليها ضرب كوادرها ومحاولة اهانتهم وبات هذا سلوكاً وفكراً لديهم كأنهم يتعاملون مع منظمة ارهابية مع كل احترام لمواقف هؤلاء الكوادر الذين يضربون اروع الامثلة في التضحية والفداء والالتزام بنهج البارتي والبارزاني الخالد وانهم جزء من هؤلاء ومدافعين عن حقوقهم مع علم المتظاهر نفسه بأن البارتي في تلك المناطق لا يملك السلطة .
حكومة اقليم كوردستان تعمل من اجل رفاهية المواطنين ولكن الملفت للنظر انه في كل مرة تحاول الحكومة القيام باصلاحات وضرب الفاسدين بيد من حديد او انها تقترب من تحقيق منجزات لأقليم كوردستان سواء من الناحية السياسية او الاقتصادية سواء على المستوى المحلي او العراقي او الاقليمي والدولي إلا ويبدأ المواطنين بالخروج للمظاهرات وعرقلة مسيرة الحكومة في تقديم الخدمات ومحاربة الفساد واتخاذ خطوات اصلاحية وهذا يبرهن على وجود ايدي خفية داخلية وبدرجة اقل خارجية تحرك وتلعب على عواطف المواطن ومن اجل تحقيق اهدافه باضعاف الحكومة وعرقلة سيرها نحو الافضل.
كردة فعل من الجهات الامنية، فان تعاملها يكون قاسياً مع المتظاهرين بالاعتقال و الضرب.
هذه الحقائق مُرّة كطعم الحنظل ولكنه الحقيقة اتمنى من الجهات المعنية اتخاذ الخطوات اللازمة من اجل استقامة هذه التظاهرات وعدم افلاتها لتكون سلمية ديمقراطية معبرة ومحققة لأهداف الشعب ومطالبهم وأخيراَ لا بد من القول ان من حق المواطن الكوردستاني ان يعيش بأمان ورفاهية وان يقدم له الحكومة ما تستطيع وان تفعل ما بوسعها من أجلهم.