خاص: إعداد- سماح عادل
افتتح، اليوم الأربعاء، 9 ديسمبر 2020 معرض العراق الدولي للكتاب في معرض بغداد الدولي. بدورته الموسومة (دورة مظفر النواب)، يشارك في المعرض أكثر من 300 دار نشر من 21 دولة عربية وأجنبية، وتضم أجنحته نحو مليون عنوان يغطي مختلف الميادين المعرفية والإبداعية والفنية.
ويفتتح المعرض أبوابه في تمام الساعة 10 صباحا ويستمر إلى الساعة 10 مساء خلال الأحد عشر يوما، وسيتضمن عشرات الفعاليات الفنية والثقافية والإعلامية، من ضمنها أمسيات الرقص الشعبي والغناء والشعر، بالإضافة إلى طاولات حوارية وندوات في موضوعات متنوعة، كما ستشارك فيه، عشرات الشخصيات الفنية والثقافية العراقية والعربية.
وحضر الافتتاح رئيس الوزراء كما حضر كل من وزير الثقافة ومدير عام شركة المعارض العراقية حفل موسيقي قدمت فيه الفرقة السيمفونية العراقية عدد من المعزوفات العالمية ، وجلسة شعرية قدمها كل من الفنان محمود أبو العباس والشاعر المعروف موفق محمد.
وقد نشر الموقع الالكتروني للمعرض تلك الدعاية له:
معرض العراق الدولي للكتاب رافدٌ لإغناء حاضنة الحضارات بغداد، بتنويع روافدها، بغداد عاصمة البلاد بماضيها الحضاري، وحاضرها، تستحق أن تكون حاضنة رائدة لعشرات دور النشر والمنظمات الثقافية ومئات المكتبات، والمنتديات الثقافية والفنية في بغداد والمحافظات العراقية من دون استثناء. وسيكون من باب إثراء الحركة الثقافية، وتوسيع دائرة نشاطاتها وبشكل خاص تنظيم أكثر من معرض كتاب فيها، دون تقاطع أو تعارض بينها، بما يعزز مساهمتها في إشاعة عادة القراءة وتداول الكتاب وتيسيره بكل الوسائل، وهو ما يتطلب تضافر إمكانيات تفوق كل ما هو قائمٌ حتى الآن.
إن المدى تجد من مسؤوليتها التأكيد على التزامها بوضع خبرتها وإمكانياتها تحت تصرف كل الفعاليات الثقافية، والتعاون مع من يسعون لإغناء الحركة الثقافية ونشطائها. وإذ تطلق مبادرتها هذه، فهي تؤكد مجدداً، أنها تحرص على أن تكون رافداً من روافد الثقافة، مكملة لدور من سبقها ومن يلحق بها وهي تسعى لتأصيل دورها في الحركة الثقافية، وإغنائها بدعم كل جهدٍ يشاركها ذات الأهداف. وإذ تؤكد مؤسسة المدى الطابع غير الربحي لمعرض العراق الدولي للكتاب في كل من بغداد والبصرة وأربيل، تعلن أنها ستخصص ما يدخلها من وارد بعد إطفاء النفقات لتزويد الجامعات الحكومية والمكتبات العامة بالكتب والإصدارات العراقية والعربية والأجنبية، كما ستخصص جزء من تلك الموارد لدعم الفعاليات والأنشطة الثقافية للمثقفين ومنظماتهم، وستنشر كتاباً يومياً في إطار مشروع كتاب مع جريدة مجاناً مع ملحق المدى في المعرض.
فيما أكد أمين بغداد المعمار علاء معن أن معرض العراق الدولي للكتاب يعد فاتحة خير لعودة النشاطات والفعاليات الثقافية الكبيرة في بغداد. جاء ذلك خلال حضوره حفل افتتاحه المقام على أرض معرض بغداد الدولي والذي افتتحه رئيس الوزراء بحضور وزيري الثقافة والتجارة.
وأكد أمين بغداد دعمه للنشاطات الثقافية في العاصمة، مشيراً إلى أن أمانة بغداد تبارك هذا العرس الثقافي وتثمن جهود الجهات التي كانت وراء تنظيم هذا المعرض الدولي خاصة مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون التي كان دورها واضحاً في ذلك.
وأضاف “ليس جديداً أو غريباً على بغداد حاضنة العلم والعلماء والشعراء والمفكرين والفنانين، أن تحتضن اليوم هذا الكرنفال الثقافي وهذه السوق الكبيرة لنتاج الأفكار والعقول النيرة واعني بها الكتب التي هي عماد الثقافة والمعرفة والفنون منذ أقدم العصور، والعارف بتاريخ وحضارة بغداد العريقة يعرف علاقة هذه الحاضرة بالكتب والكتاب والعلماء والمفكرين منذ تأسيسها حتى يومنا الحاضر، إذ كانت بغداد على الدوام موئلاً للإبداع حتى أن عقد شبكة المدن الإبداعية لم يكتمل إلا ببغداد فاختارتها منظمة اليونسكو أول مدينة للإبداع الأدبي في آسيا وذلك تتويجاً لعطائها الفكري والثقافي الرفيع الذي أنتجه مبدعون كبار”.
كما اطلع أمين بغداد خلال جولة له في داخل أروقة المعرض وأجنحته على مشاركات دور النشر والمؤسسات الثقافية المحلية والعربية والأجنبية.
أهداف المعرض..
- إعادة الاعتبار للثقافة بصفتها حركة توعية واستنهاض، مع التأكيد على وظيفة معارض الكتاب التي انطلقت بالأساس لتحقيقها.
- تحويل معارض الكتاب إلى مناسبة، تستعيد من خلالها المرجعيات الثقافية دورها وتأثيرها، بوسيلة النشر، أو بالفعاليات التي تؤمّن لها سبل حركة الكتاب بيسر في مختلف الاتجاهات .
- تشجيع الناشرين والمؤسسات الثقافية على توسيع حركة النشر والترجمة، وتنظيمها لتواكب ما بلغته مثيلاتها في العالم، من خلال إشراك ذوي الاختصاص من المفكرين والكتّاب، ووضع البرامج والأسس التي تكفل تغطيتها لكل المجالات والميادين التي تتغير وتتطور.
- تأمين إجراء لقاءات وحوارات بين الناشرين والقارئ. وبينهما وبين المسؤولين عن شؤون الثقافة والتعليم، للتفاعل في كل ما من شأنه توسيع دائرة القراءة وحركة النشر .
- تحقيق أكثر أشكال التعاون بين الناشرين والمعنيين بالثقافة والكتاب لإيجاد الموارد وتحديد المتطلبات بإيجاد أكبر عدد من المنافذ في كل بلد عربي، وتحويلها إلى منطلق مكفول لمؤسسة تتولى توزيع الكتاب ووسائل الثقافة الأخرى، بما في ذلك من إسهام في توسيع قاعدة توزيع الكتاب ودعم دوره في التطور المعرفي والارتقاء الاجتماعي.
- تأمين الفرصة للتفاعل والتواصل بين مبدعي النتاج الثقافي والفكري والعلمي والإبداعي ومستهلكي إبداعاتهم من القرّاء بمختلف نزعاتهم وأجيالهم.
- إطلاق مختلف المبادرات ومنها الفرق والنوادي وبيوت الثقافة لتكريس تقاليد القراءة.
- تعزيز الثقة والتواصل بين مؤسسات النشر المختلفة والمنظمات والمؤسسات كافة، الثقافية والتربوية والعلمية وغيرها.
أولى الندوات..
احتفت أولى ندوات معرض الكتاب بالشاعر المميز “مظفرالنواب”. حيث أطلق معرض العراق الدولي للكتاب الذي تنظمه مؤسسة المدى، أولى ندواته للاحتفاء بالشاعر الكبير “مظفر النواب” بضيافة رفيق دربه الشاعر “كاظم غيلان”، وبحضور جمع من الشعراء والأدباء والشخصيات العامة والمثقفين العراقيين.
وبدأت الندوة بكلمة ترحيبية من مقدم الجلسة “رفعت عبد الرزاق” قدم خلالها نبذة تاريخية موجزة ومعبرة عن الشاعر الرائد ومسيرته الشعرية والجوائز التي نالها، بعدها تحدث الشاعر “كاظم غيلان” عن حياة “مظفر النواب” ومسيرتهِ قائلاً “ولد مظفر النواب في العام ١٩٣٤ في بغداد، ودرس في جامعة بغداد بكلية الآداب، وتخرج منها في العام ١٩٥٦، تعرض للملاحقة والاعتقال والتعذيب من قبل الحكومة في شباط الأسود من العام ١٩٦٣ إثر هروبه إلى إيران عقب أحداث الانقلاب الأول”.
وأضاف غيلان، “ولكونه أبرز المعارضين والناقدين السياسيين، صدرت بحقه أحكام قاسية وظالمة، إلا أنه استطاع الهروب من سجن الحلة، بعد أن تمكن من حفر حفرة من داخل السجن لخارجه، وهي خطوة كانت بمثابة عمل بطولي استثنائي بوجه الأحكام الجائرة”.
واستطرد الشاعر بأنه “وعلى الرغم من حملات المطاردة والاعتقال ضده لم يكن يستطيع السفر، بسبب عدم امتلاكه للجنسية والأوراق الثبوتية العراقية، لذلك عاش معظم حياته في عدة عواصم عربية وأجنبية منها بيروت ودمشق وعمان”.
وتابع “إضافة لما سبق، تعرض النواب للاعتقال من قبل الشرطة السرية الإيرانية قبل ترحيله إلى العراق بسبب قصائده الهجومية، ثم حكم عليه بالإعدام في بغداد بسبب القصائد الثورية القاسية ضد الدكتاتوريين والقوميين”.
ويستكمل “غيلان” سرد مسيرة الشاعر الكبير، “عاد مظفر النواب إلى سلك التدريس بعد الانقلاب الثاني في تموز من العام ١٩٦٨، وشغل منصب المشرف التربوي في وزارة التربية العراقية، حيث صدرت له عدة دواوين شعرية أبرزها (للريل وحمد) في الشعر العامي و(وتريات ليلية) في الشعر الفصيح، ثم غادر العراق في العام ١٩٦٩ وأصدر عدة دواوين شعرية في المهجر، ليعود إلى البلاد في العام ٢٠١١ من خلال الوثائق الليبية التي يمتلكها”.
شهدت الجلسة عدة مداخلات وأسئلة من قبل الحضور عن مواقف حفلت بها مسيرة النواب، فيما أشار غيلان إلى حقيقة كتابة نصوص للشاعر منها قصيدة “للريل وحمد” التي كان النواب قد سلمها إلى الفنان كوكب حمزة لغنائها أول مرة في سجن التوقيف، وأكد أن الكثير من الأعمال المطبوعة للنواب من قبل بعض دور النشر لم تكن بموافقته وأذنه لذلك خرجت بالكثير من الأخطاء والهنات اللغوية.
واستذكر غيلان أيضاً دور (المدى) في طباعة المجموعة الشعرية الأولى للشاعر مظفر النواب، مبيناً أنها اهتمت كمؤسسة بالمشروع الثقافي الوطني الذي غيبته معظم وسائل الإعلام لأكثر من ثلاثة عقود مضت، حيث قاومت (المدى) قوى الظلام والتخلف وساعدت في إعادة الحياة المدنية.
وفي ختام الندوة، أثنى “كاظم غيلان “على دور مؤسسة المدى في هذا المحفل الثقافي وأشاد بالعمل الثقافي الطويل الذي أسهم في حفظ واستذكار التراث الثقافي العراقي.
الندوة السينمائية الأولى..
كما أقيمت ضمن فعاليات معرض العراق الدولي للكتاب، الندوة السينمائية الأولى من سلسلة ندوات تقام خلال أيام المعرض عن الروايات العالمية التي تحولت إلى أفلام سينمائية نالت شهرة واسعة.
الندوة التي استضافت الناقد السينمائي “علي حمود الحسن”، تناولت الفيلم الروائي “إنهم يقتلون الجياد”. وأوضح الحسن، أن قصة الفيلم تدور حول عشرة أطفال كانوا قد اختاروا اللعب على قضبان المحطة الرئيسة لقطار البلدة غير عابئين بمخاطر هذا العمل الجنوني، باستثناء طفل انفصل عنهم واختار اللعب على قضبان سكة حديد مهجورة للمحطة نفسها. وعندما حانت اللحظة الفاصلة لاقتراب القطار بسرعة مذهلة مرعبة، أدرك ناظر المحطة حتمية التصرف لإنقاذ هؤلاء الأطفال. عندما قارن بين الأطفال التسعة والطفل الوحيد الذي اختار محطة مهجورة، قرر وبدون تردد أن يغير مسار القطار لمحطة السكة الحديدية المهجورة ليضحي بالطفل المسكين مقابل إنقاذ الأطفال التسعة دفعة واحدة. وبالفعل تم إنقاذ الأطفال التسعة والتضحية بالطفل تعيس الحظ.
نظر مقدم الجلسة الشاعر حسام السراي إلى الضيف الناقد، وسأله باستغراب: هل هي هذه العدالة فعلا؟
ورد الحسن مجيبا: تُرى هل كان من الحكمة والروية بمكان أن يتم إنقاذ تسعة أطفال اختاروا بملء إرادتهم اللعب على قضبان السكة الحديدية للمحطة نفسها، غير مدركين لما يستتبعه هذا الفعل من كارثة محققة، والتضحية بطفل ذكي، بلا شك، كونه اختار اللعب الأكثر أمانا، على قضبان السكة المهجورة؟
من خلال ما سبق لابد من السؤال عن كيفية اختيار ناظر المحطة التضحية بالطفل الذكي وهل كان ذلك صحيحا، أم العكس هو الصحيح؟ لا شك أن ناظر المحطة باختياره ذلك يميل إلى ثقافة الكم، دونما النظر العميق الأفق في اللجوء لاختيار نوعي لإنقاذ طفل استثنائي.
وقال الحسن إن “هذا تماما ما تمارسه بانتظام ومنهجية الأنظمة المتخلفة والمجتمعات الغبية. إذ تغتال كل لحظة المواهب والقدرات الاستثنائية، تحت دعاوى عقيمة، فنخسر بمشروعية هذه الاختيارات، وجود من يعطي للحياة معنى وقيمة. نخسر. فاروق الباز، مجدي يعقوب، وسيد درويش، وو.. وو.. وغيرهم في شتى المجالات العلمية والفكرية والثقافية والفنية”.
وختم الحسن قائلاً: يجب أن ندرك قيمة الجياد الاستثنائية كمعطى أساسي يحقق مشروعية لوجودنا الإنساني ليكون خطا دفاعيا أمام التخلف، وحافزا وجوديا يدفع بنا إلى مسار التقدم، حتى لا نخسر رهاننا الحقيقي في الحياة.