بين فشل التجربة الإيرانية وترميم الآلة العسكرية .. تحديات الانتخابات العراقية المقبلة !

بين فشل التجربة الإيرانية وترميم الآلة العسكرية .. تحديات الانتخابات العراقية المقبلة !

خاص : ترجمة – د. محمد بناية : 

نصف الكوب الفارغ أم الممتليء ؟.. هذا هو السؤال المتداول حاليًا في الحوارات والمشاحنات الودية أحيانًا؛ وغير الودية في أحيان أخرى، داخل المحافل السياسية العراقية.

والحديث عن قانون الانتخابات الجديد، الذي يقترب، (بعد عام من التصديق عليه)، من المرحلة التنفيذية. ومن ثم فالانتخابات البرلمانية المقررة، بتاريخ 6 حزران/يونيو 2021م، ستكون أول اختبار للقانون الجديد الذي فُرض بعد قرابة العام من الاحتجاجات والمظاهرات الواسعة في عموم العراق، على السلطة الحاكمة الحالية.

تلك الاجتجاجات التي تسببت في خسائر اقتصادية فادحة؛ بخلاف سقوط أكثر من 200 ضحية. بحسب “أمير طاهري”؛ الكاتب الصحافي”، في صحيفة (اينديبندنت) الفارسية.

هل هو قادر على التغيير ؟

والتصديق على مشروع هذا القانون؛ هو نصف الكوب الممتليء. أما النصف الفارغ؛ هو في الحقيقة أن الانتفاضات الشعبية فشلت في تحقيق هدفها، وهو إقصاء السلطة الحاكمة الحالية.

والسؤال الآن: هل بمقدور القانون الجديد إقصاء جزء من السلطة الحاكمة، (على الأقل)، وإقتلاع شجرة الفساد وجذورها وإطلاق حملة الإصلاح على مستوى واسع ؟.. هل يمكن بشكل عام التفاؤل بهذا القانون ؟

في رأيي؛ أن الإجابة لابد أن تكون إيجابية. فالعراق على مسار الديمقراطية؛ ولن يستطيع أيًا من أطراف الصراع السياسي تحقيق الفوز الكامل.

بعبارة أخرى، في نظام ديمقراطي، ولو حتى في مرحلة النطفة كما الحالة العراقية، لا تستطيع حتى انتفاضة شعبية عارمة؛ تحقيق الفوز بشكل كامل.

ففي هكذا نظام تكتسب التغييرات المرجوة الواقعية بخطوات هادئة، لكن واثقة وأحيانًا حركة متعرجة.

ثمرة الانتفاضة الشعبية..

من هذا المنطلق فقد حققت انتفاضة العام الماضي؛ إنجازات ملفتة، أهمها المطالبة بإنهاء نظام الانتخابات القائم على القوائم الحزبية. وقد كان القانون القديم يتيح لأكثر من 12 حزب، تشكلت على أسس دينية وعرقية، إمكانية الحصول على عضوية البرلمان في إطار النظام النسبي، في حين يتيح القانون الجديد إمكانية الترشح الفردي، وعليه الحد من نفوذ الفئات الصغيرة من القيادات الحزبية.

وفي ضوء هذا القانون؛ تستطيع الشخصيات المحلية الراغبة في الترشح، شق طريقها إلى البرلمان دون اشتباك مع “ملوك السياسة” في بغداد.

والخاسر الأكبر في نظام الانتخابات الجديد، هو الأحزاب التي تحظى غالبًا بدعم أجنبي، لاسيما “الجمهورية الإيرانية”، التي تنفق مبالغ باهظة لقاء تدعيم وجودها في “البرلمان العراقي”.

وكان المتظاهرون قد طالبوا بإنهاء التكتلات العرقية والدينية، علمًا أن هذه التكتلات لم تنجح، حتى في ظل القانون القديم، من تحقيق أهدافها. على سبيل المثال لم يتمكن الشيعة، الذين يمثلون 60% من مجموع سكان العراق، من كسب أكثر من 40% من كل الأصوات؛ تحت أعلام الأحزاب الشيعية. وحتى في “كُردستان العراق” لم تُعد الأحزاب التاريخية؛ مثل “الاتحاد الوطني” و”الحزب الديمقراطي الكُردستاني”، تتمتع بنفس السيطرة الكلاسيكية على مجموع الحياة السياسية. فالقانون الجديد يفتح الباب أمام دخول شخصيات مستقلة جديدة في “كُردستان”، كما في كل المناطق العراقية الأخرى.

كوتة المرأة..

وكان المطلب الثاني للمتظاهرين يتعلق بزيادة كوتة المرأة في البرلمان. بل إن بعض المتظاهرين طالب بأن تكون النسبة (50 – 50)، وهي مسألة لا تبدو واقعية، حتى في ظل الأوضاع الحالية.

مع هذا؛ فالقبول بحصة 25% كحد أدنى في القانون جديد؛ يُعتبر خطوة كبرى. وفي إطار القانون الجديد سوف يتكون البرلمان من عدد (329) عضو برلماني، منهم (300) برلماني على مستوى 18 محافظة. والـ 9 الباقون للأقليات. ويمكن القول إنه لن يتم انتخابهم طبقًا للأصوات، وإنما للصلاحية، لو لا نريد أن نقول إملاء، وسوف تقوم القيادات العرقية والدينية بتعينهم.

والانتخابات المقبلة، حتى لو لم تُجرى في أجواء مُثلى، فسوف تكون النتائج جديرة بالإهتمام. وأول النتائج هو تغيير الجيل الحاكم الحالي، وهناك احتمالات قوية بالإطاحة بعدد من الوجوه التي استقرت في قلب السلطة بعد تحرير العراق.

كذلك سوف تتغير معادلة توازن القوى على مستوى القيادة السياسية لصالح أبناء العراق ضد مزدوجي الجنسية، الذين استحوذوا على 18 – 20% من مقاعد البرلمان، بعد سقوط “صدام حسين”، في حين أن عدد العراقيين في المنفى لم يكن يتجاوز 8 – 10% فقط.

وثمة تغير آخر محتمل؛ هو زيادة أعداد النواب الذين حصوا على الخبرات “السياسية-الإدارية”، من خلال الممارسات المحلية، بعكس الجيل الحاكم الحالي. والأهم من كل ذلك؛ ربما يطرأ تغيير على تراجع الدور الإيديولوجي في الحياة السياسية العراقية.

أخيرًا؛ يمتلك العراق الجديد، الذي يتبلور، إثنتان من الفرص الكبرى، الأولى: العبرة من تجربة “الجمهورية الإسلامية” المريرة في “إيران”، وفشل “تيار الخمينية” في جميع المجالات.

الثانية: فشل جهود ترميم الآلة “الأمنية-العسكرية”، (غالبًا بمساعدة الجمهورية الإيرانية).

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة