20 ديسمبر، 2024 3:18 م

هل تنجح الدولة بدون رجال يمثلون شعبها؟

هل تنجح الدولة بدون رجال يمثلون شعبها؟

عادة ما نبدأ الكلام بالإستفهام وعلامات التعجب، حينما نقارن العراق وما وصل إليه العالم، تغيرت المفاهيم وإستخدمت كل الأساليب العلمية والتكنلوجية لخدمة الشعوب، ترجمت أقوال وأفعال كرست في معظمها ونتائجها لغرض تحقيق الرفاهية والخدمة، وإنتقاء أفضل الكلام لجلب السعادة الأخر والأستقرار. هذا التقدم العلمي والثقافي إنعكس على طبيعة الحوار وتهذيب الكلام. شعوب كثيرة ما عرفت التطور الاّ من خلال التواضع والقيم التي تحتفظ بها وتؤوسس لديموتها، فذلك شعب اليابان ما عرف ثورته الصناعية التكنلوجية من خلال التواضع والخضوع للأخر احتراماً بل التعامل بشكل سجود للغرباء، بينما لا تزال تعتري بعضنا لغة التعصب  والأنا والبحث عن مكاسب لا تعدو ان تكون شخصية.
تلك الأنانية ترجمت بشكل اقوال وأفعال لدى الطبقة السياسية لتكون قاعدة منهجية للخطاب السياسي، وارثة نوع من التخلف الخطابي والتعامل  الغير مسؤول.
من جملة ما يُوصي به المعتدلون، أن تكون الثقافة مترجمة للأخلاق الشخصية، والجانب الثقافي منعكس للجانب الأخلاقي. الإنحدار الكبير الذي شهده الخطاب السياسي مثل نوع من الإنحراف عن حالة النخوبية والقيادة المؤتمنة على حياة ومصالح المجتمع، جملة كبيرة من تبادل الإتهامات وسوء النوايا في الخطاب تهدف في مجملها الى دفاعات ومصدات شخصية أكثر مما تتجه وطنياً،  وذلك العراق الذي يذبح ابناءه كل يوم وتستباح حرماتهم، لا حرص بقدر النأي بالنفس عن إنتقاد الأخرين والكل يدعي التقصير بالأخرين.
بزوغ الديمقراطية جعل من البعض يفاجيء او يصاب بالذهول ولم يصدق ما يجري، كي  يكون على وتيرة  مناسبة،  وأعتقد إن الدولة مقسمة الى محاصصات شخصية ليس للمواطن فيها سوى رذاذ تطاير شرار تقاطع السيوف المكاسب الشخصية، وبدل السير للأمام اتخذت الخطوات هرولة الى الوراء.
تبادل الخطابات المبتذلة الرخيصة بين القادة السياسين ينم عن قلة أدراك ومسؤولية، وعزز لتلك الثقة المفقودة بالطبقة السياسية، التي عرف عنها تدافع المصالح الشخصية الفئوية، وإستخدام المواطن اداة للصراعات، وسلم للصعود وحطب لنار لا يجني منها خبزاً يسد الرمق.
حرب البيانات وتبادل الإتهامات نوع من الأساليب التي تتبع في العراق، قبيل كل إنتخابات،  وما حدث من إتهامات متبادلة بين السيد المالكي والسيد لصدر او كتل أخرى مع المالكي او قوائم فيما بينها او داخل نفس القائمة، لها منعكسات خطيرة على الساحة السياسية، والظاهر ان معظم القوى السياسية لا تزال تدور في فضاء تبادل التسقيط وإدخال المجتمع في دوامة عقيمة العواقب.
الأليات الدستورية وحرية التعبير تسمح باللياقة الخطابية وطبيعة الكلام الضامن لبناء الدولة ووحدة المجتمع.
تلك الثقافة الدستورية يجهلها معظم قادة السلطة ورجال الدولة، وهم في موضوع مسؤولية حماية المجتمع من الإنقسام، كانوا سبب التفرقة في البداية الى قوميات وطوائف، حتى إنحدر هذا الإنقسام على أبناء الطائفة الواحدة، جاعلين الأنا هي من يحكم الأفعال والأقوال، والمواطن سوى حطب لحرب المصالح وضمان الحكم.  يبدو ان قيادات الدولة لا تشعر سوى بتحصين وسائل دفاعية عن ولاية الحكم، بعيد عن شعب تذبحة العصابات الإرهابية والخارجين عن القانون، وإن القانون في معيار رجال المنافع كسب ود الشارع وإستعطافه للتضامن معه إنتخابياً على حساب وحدة المجتمع. نعود في نهاية الكلام للإستفهام والتعجب هل يمكن للشعوب أن تنجح بدون رجال دولة؟  والمجتمعات لا يمكن ان تبنى بدون تعزيز المشتركات والمصالح الوطنية العامة، ورجال دولة قادرين على النهوض بمشروعها ومشروعية إستحقاق تمثيلها.

أحدث المقالات

أحدث المقالات