هل يعتبر انقلابًا على الثورة ؟ .. زوبعة في السودان بسبب “مجلس شركاء الفترة الانتقالية” !

هل يعتبر انقلابًا على الثورة ؟ .. زوبعة في السودان بسبب “مجلس شركاء الفترة الانتقالية” !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

يبدو أن السودان لن يهدأ قليلاً من آثار زلزاله السياسي الذي يعيش تبعاته حتى الآن على كافة المستويات، حيث دار جدلاً واسعًا بسبب إصدار رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، “عبدالفتاح البرهان”، مرسومًا رئاسيًا، أول من أمس، بتشكيل مجلس جديد أطلق عليه “مجلس شركاء الفترة الانتقالية”، من 29 عضوًا، وحدد صلاحياته بتوجيه الفترة الانتقالية بما يخدم مصالح البلاد العليا، وللفصل في الخلافات بين الأطراف المختلفة.

تم بموافقة الجميع..

وبينما تصدر البيانات الرافضة للمرسوم، أكد “البرهان”، في تصريحات خاصة لقناة (العربية)، أمس، أن: “تشكيل مجلس الشركاء الانتقالي السوداني؛ جاء بمبادرة من الحرية والتغيير”.

وقال إن: “مجلسي السيادة والوزراء وافقا على إجازة مجلس شركاء الفترة الانتقالية، وإنه تشكل بالإجماع وفقًا للوثيقة الدستورية”.

موضحًا أن: “مجلس شركاء الفترة الانتقالية؛ تم بموافقة الجميع ولم يعترض عليه أحد”.

وتعهد رئيس المجلس السيادي بأن: “مجلس الشركاء الانتقالي السوداني سيعمل على حل الخلافات بين الشركاء”، نافيًا أن يكون: “أداة للوصاية على أجهزة الدولة”.

وأشار إلى أن: “قوى الحرية والتغيير هي من رشحت المدنيين في مجلس الشركاء”.

فيما توضح البيانات الرافضة للمرسوم غير ذلك، حيث أتى على رأس موجة عنيفة من الرفض من القوى المشاركة في المجلس والمعارضة له، رئيس الوزراء، “عبدالله حمدوك”، الذي لمح إلى الانسحاب منه، متذرعًا بأن القرار الصادر جاء خلاف ما هو متفق عليه من حيث تكوين المجلس وصلاحياته.

وصي على المرحلة الانتقالية..

وقال وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة، “فيصل محمد صالح”، لـ (الشرق الأوسط)، أمس، إن رئيس الوزراء: “فوجيء بالمرسوم” الذي تم بموجبه تشكيل مجلس شركاء الفترة الانتقالية، “لأنه جاء مخالفًا لما تم الاتفاق عليه، من حيث الشكل والتركيبة والتصورات المتفق عليها”.

وأوضح “صالح”؛ أن الأطراف اتفقت على تشكيل “مجلس تشاور سياسي”، يجمع الشركاء السياسيين لحل الأزمات التي قد تنشب، دون تدخل في السلطات السيادية والتنفيذية والتشريعية، ودون سلطة للإشراف على المرحلة الانتقالية وتوجيهها، وقال: “من حيث التركيبة كان الاتفاق على تمثيل خمسة عسكريين، لكن القرار صدر بستة عسكريين”، مضيفًا أن: “المرسوم غير مرضٍ، لا من حيث التركيبة أو الصلاحيات، وهذا ليس ما تم الاتفاق عليه”.

وقال “صالح”؛ إن الفكرة المتفق عليها تكوين مجلس يضم شركاء الانتقال، بإشراك شركاء السلام ليكونوا جزءًا منه، فقوى “إعلان الحرية والتغيير” والعسكريون في المجلس السيادي، كانوا يتشاورون بصفتهم موقعي “الوثيقة الدستورية”، وبالتالي يجب أن يكون شركاء السلام جزءًا من هذا التشاور.

وأوضح صالح؛ أن إعلان تشكيل المجلس بمرسوم من مجلس السيادة، جعله يبدو كأنه: “بديل للمجلس التشريعي”، أو وصي على المرحلة الانتقالية، مشيرًا إلى أن: “هذا غير مقبول من أي طرف، ولا بد من إعادة تشكيل المجلس، وتصحيح مهامه، بحيث لا يكون وصيًا على السلطة التنفيذية أو التشريعية غيرها”.

وأرجع “الصالح” ما سماه: “الثورة ضد القرار”؛ إلى الجهد الذي بذل في تكوينه، مقابل “التباطؤ في تشكيل المجلس التشريعي”، موضحًا أنه: “لا بد من السعي بجدية لتكوين مجلس تشريعي بتمثيل حقيقي لكل القطاعات والمواقف المهمة”، وتابع: “إذا تم تكوين المجلس التشريعي بتركيبه جيدة، فسيضع الفترة الانتقالية في مسارها الصحيح، ويشكل ضمانة حقيقية لها”.

تعدي على الوثيقة الدستورية..

وعلى إثر هذا المرسوم، ضجت وسائل التواصل الاجتماعي، خلال الساعات الماضية، ببيانات وتغريدات اعتبرت تشكيل المجلس تعدي على الوثيقة الدستورية والتفاف على الدور، الذي يجب أن يلعبه المجلس التشريعي المتوقع تشكيله خلال الفترة المقبلة، فيما أصدر مجلس الوزراء بيانًا أشار فيه إلى أن قرار تشكيل المجلس تخطى البنود والأدوار المتفق عليها.

وفيما نددت عدد من لجان المقاومة في “الخرطوم” بالخطوة، اندلعت احتجاجات ليلية في بعض مناطق العاصمة، “الخرطوم”، مثل منطقة “بري”، التي كانت إحدى المناطق التي قادت الثورة الشعبية ضد نظام المخلوع، “عمر البشير”، في كانون أول/ديسمبر 2019.

وأنضم “تجمع المهنيين السودانيين”، أحد الحواضن الرئيسة للحكومة الانتقالية، للمنتقدين للخطوة، مشيرًا في بيان، الجمعة، إلى أن الخطوة مرفوضة شكلاً ومضمونًا.

جسم تنسيقي لحل النزاعات..

إلا أن اللافت كانت معارضة “مجلس الوزراء” العلني للخطوة؛ وقال في بيانه؛ إن ما تم نقاشه في الاجتماع المشترك بين مجلسي السيادة والوزراء حول دور مجلس الشركاء كان قاصرًا فقط على أنه جسم تنسيقي لحل النزاعات والخلافات بين أطراف الفترة الانتقالية، ولا ينطبق هذا الوصف على الاختصاصات المنصوص عليها في قرار رئيس المجلس السيادي القاضي بتشكيل “مجلس شركاء الفترة الانتقالية”.

وأوضح البيان؛ أن القرار لم يأخذ في الاعتبار ملاحظات رئيس الوزراء، “عبدالله حمدوك”، التي أبداها في الاجتماع مع ممثلي “الحرية والتغيير”، قبل يومين.

وقال إن الاختصاصات الواردة في قرار التشكيل، خاصة الفقرة التي تنص على منح المجلس أي سلطات أخرى لازمة لتنفيذ اختصاصاته وممارسة سلطاته، تعطي الإنطباع بأن المجلس سيكون وصيًا على الأجهزة المختلفة، وهذا يتعارض مع الاتفاق السياسي والوثيقة الدستورية.

كما أشار إلى أن تشكيل المجلس لم يعطي أي اعتبار لمكوني “المرأة” و”الشباب”، وهو ما يتعارض أصلاً مع النقطة الثالثة في الاختصاصات، ويتعارض مع الوثيقة الدستورية وأولويات الفترة الانتقالية، التي تشترط إشراك النساء والشباب بصورة عادلة.

وأكد أن سلطة الرقابة والمتابعة والمحاسبة وتوجيه الفترة الانتقالية هي سلطة حصرية للمجلس التشريعي بما يقتضي الإسراع في تشكيله بصورة موسعة وممثلة لكل قوى الثورة ولجان المقاومة والمجتمع المدني.

عملية نهب للثورة..

من جانبه؛ يقول رئيس مفوضية العدالة الشاملة بالسودان، “خليل أحمد دود الرجال”، إن الغالبية العظمى ترفض ما يسمى بـ”مجلس شركاء الفترة الانتقالية”، والذي أسند لنفسه مهام وصلاحيات وصفها الشارع السوداني بأنها “عملية نهب للثورة”.

وأضاف أنه: “بحكم معرفتي اللصيقة ببعض الشخصيات المكونة لهذا المجلس، أرى أن تلك الشخصيات ضعيفة سياسيًا، فضلاً عن عدم إدراكها للمشكلة السودانية، وهذا المجلس لا يستند إلى أي شرعية وصدق من أطلق عليه: (مجلس نهب الثورة)”.

وتابع رئيس مفوضية العدالة، تلك الشخصيات المكونة للمجلس انتزعت لنفسها تفويضًا دون أي مصوغ شرعي من الشعب، فمن باب أولى كان المجلس التشريعي هو من يتولى تلك المهام، فلا يمكن أن يكون المشرع هو المنفذ، تلك بدعة جديدة غير مألوفة في فقه السياسة ودساتير الشعوب.

وأشار إلى أن الأمر الذي يحدث يمكننا تصويره وكأن “الحرية والتغيير” نهبت الثورة وأنفردت، خلال الفترة الماضية، ولما جاءت الجبهة الثورية بعد توقيع اتفاق السلام رأت أن تشاركها نسبه مما نهبته في ظل غياب شباب الثورة والمرأة والحركات التحررية المتمسكة بالمباديء.

وأكد “دود الرجال”؛ أن هذا المجلس لا يمتلك أي رؤية لحل وتخفيف الأزمات الاقتصادية والأمنية وغيرها؛ مما تعاني منه البلاد نظرًا لأن مكوناته غير مؤهلة وليس لديها أي خبرات، لذا فسوف يكون عبء وليس طريقا للحل.

اتفقت عليه مفاوضات سلام “غوبا” مع الحركات المسلحة..

من جانبه؛ قال رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، الدكتور “محمد مصطفى”، “مجلس شركاء المرحلة الانتقالية”؛ الذي تم الإعلان عنه من جانب رئيس مجلس السيادة، قد يكون تم الاتفاق خلال مفاوضات السلام في “غوبا” مع الحركات المسلحة.

وأعتقد أن هذا المجلس تم تكوينه في الوقت الخطأ، نظرًا لأن هذا المجلس تم تكوينه من قوى “الحرية والتغيير” والمكون العسكري في “المجلس السيادي” و”مجلس الوزراء” وأعضاء القوى الموقعة على اتفاقية السلام من القوى الثورية، في ذات الوقت هناك قوى كبرى غير موقعة ولم تدخل حتى في العملية السلمية.

تعطيل لعملية السلام..

وتابع رئيس الحركة الشعبية، القوى غير الموقعة على اتفاق السلام في “غوبا” لديها تحفظات على بعض القوى التي فاوضت ووقعت اتفاقية سلام مع الحكومة الانتقالية، وهناك انشقاقات حدثت حتى داخل قوى النضال المسلح، وبعض القوى المنشقة هي من وقعت اتفاق السلام والباقي ما زال متمسكًا بجوهر القضية التي يناضلون من أجلها.

وأوضح “مصطفى”؛ أنه من المعلوم أن هناك اختلاف في وجهات النظر حتى بين مكونات “مجلس شركاء الفترة الانتقالية”، ولكننا نتحدث الآن عن القوى التي لم تدخل ولم تشارك في العملية السلمية ولم تخضع للمفاوضات مع الحكومة، من تلك القوى – “الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال”، بقيادة “عبدالعزيز الحلو”، والتي أعلنت صراحة أنها ضد هذا المجلس واعتبرته معطل لعملية السلام، واعتبرته فرصة لسوق الجميع إلى حلبة الصراع مجددًا، لذلك أعتقد أن عملية الاستعجال في تكوين المجلس لم يكن منطقيًا ولا موضوعيًا، وهو شىء مناسب لكنه جاء في الزمن غير المناسب.

ما أعلن عنه غير المتفق عليه !

فيما قال البروفيسور السوداني، “علام النور”، رئيس المنظمة العالمية للتنمية المستدامة؛ أن: “القرار الذي صدر عن رئيس مجلس السيادة بشأن مجلس الشركاء، كل الأطراف المذكورة فيه مثل، مجلس الوزراء وقوى الحرية والتغيير، أصدروا بيانات عقب إعلان البرهان، بأن ما تم إعلانه ليس هو ما تم الاتفاق عليه، ولم يكن هناك تنسيق كامل بينهم”.

لافتًا إلى أن الأخطر في الأمر هو أن الحكومة الانتقالية أصدرت بيانًا قالت فيه إن المجلس الجديد لا يتماشى مع حاجة السودان ومشاكله الحالية، وتكرر الأمر مع قوى “الحرية والتغيير”، كما أصدرت “عائشة السعيد”، عضو “مجلس السيادة”، بيانًا قالت فيه إن هذا المجلس لا يتماشى مع ثورة السودان المجيدة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة