علمتنا تجارب الحياة , وحصيلة الخبرة المتراكمة التي اكتسبناها على مدى عقود خارج حياض الوطن , ومن خلال المتابعة الدؤوبة لمجريات الأحداث التي عصفت وما زالت تعصف بالعالم بشكل عام ومنطقة الشرق الأوسط بشكلٍ خاص , أن نتأنى وننتظر قبل إطلاق الأحكام المتسرعة !, وكذلك عدم التصديق بكل ما يشاع ويذاع !, حتى وإن صدر من قلب الحدث , ومن قبل أصحاب الشأن والقرار أنفسهم , وعلمنا التاريخ البعيد والقريب والأقرب أيضاً , أن لا شيء يحدث في هذا العالم بالصدفة !!!؟
فبخصوص تصفية العالم النوي الإيراني المزعوم , والكبش المغدور ( محسن فخري زاده ) رحمه الله !, أو كما يحلو لقناة الجزيرة أن تطلق عليه أسم أو صفة ( أبو القمبلة النووية الإيرانية ) !؟, اقتداء بأبو القمبلة النووية الباكستانية والهندية في عالمنا الثالث … !؟
لا نبالغ إذا ما قلنا أن إيران كدولة وكتاريخ وكجغرافيا … بغض النظر عن أي نظام يحكمها .. علماني , أو قومي , أو ديني , أو مذهبي , بالنسبة لجميع الامبراطوريات التي سادت على مرّ التاريخ , كانت وما تزال وستبقى الحليف الوفي والمخلص والأقرب , بل وإنها بمثابة مفتاح الشرق وصمام أمان لتلك القوى بلا منازع .. أي الغابرة , واللاحقة , وحتى الحالية !, منذ أفول النفوذ البريطاني العسكري المباشر لدول أو مستعمرات الشرق الأوسط !, والإنسحاب التكتيكي منه , بعد أن زرع له عيون وآذان ووكلاء على شكل شيوخ عشائر , ورجال أديان ومذاهب وقوميات !, وفي مقدمتهم مرجعية النجف وقم , ومن ثم مجيء الأمريكان بعدهم مباشرة للعب وتكملت نفس الدور وأكثر !, حيث تعتبر إيران بعد الحرب العالمية الثانية بالنسبة لأمريكا , أهم حتى من إسرائيل !؟, كون هؤلاء الصهاينة الذين خطفوا اليهود وجمعوهم من مختلف أرجاء العالم , ليكونوا وليأسسوا بأسمهم دويلة دينية توراتية منبوذة ومرفوضة حتى من قبل اليهود أنفسهم !؟, بالضبط كما هي إيران الفارسية .. التي خطفت .. إن لم نقل أسست المذهب الشيعي الصفوي … لتخطف وتشق وحدة وصف الإسلام والعرب معاً , ولتجعلهم شعوب وقوميات وديانات واثنيات , وحتى أعراق وقبائل وعشائر , لا بل حتى عوائل وأفراد يتقاتلون فيما بينهم , على أسس طائفية مقيتة , لا علاقة لها بأي دين سماوي أو أخلاقي !, فما بالنا بدين الرحمة والإنسانية , كما هو الدين الإسلامي الحنيف , الذي يرفض العبودية والتبعية , وعبادة الأصنام البشرية والتقليد الأعمى لنكرات عديمي الأصول والجذور والانتماء , تسيدوا في غفلة من الزمن على قرار وعقول الشعوب العربية والإسلامية بشكل مخيف ومرعب وخاصة في العراق وإيران , فبكل تأكيد .. واهم من يعتقد أن حفنة من المعممين المتخلفين والمعوقين ذهنياً , الذين لا يفكرون إلا بإشباع نزواتهم وغرائزهم الحيوانية وسرقة ونهب المال , يديرون دولة بحجم ومكانة وتعداد نفوس وقوميات وإثنيات تقطن هذا البلد المترامي الأطراف كما هي إيران , وكذلك العراق منذ عام 2003 , فهنالك للأسف من يعتقد أن ما يسمى برجال الدين هم من يديرون ويسّيرون أمور دولة بحجم ومكانة العراق … العراق الذي كاد بالأمس القريب أن يخرج من دول العالم الثالث , بفضل سياسة ساستها وحكامها منذ قيام الدولة المدنية العراقية , وحتى عام النكبة , وما هؤلاء الأوباش معممين وأفندية .. إلا أدوات طيعة ورخيصة لتنفيذ مشاريع وأجندة إمبريالية – صهيونية , كما هم في الطرف الآخر أي .. في قم وطهران
بالعودة لصلب الموضوع … بعيداً عن نظريات التأمر والمؤامرات
أولاً : نجزم أن تصفية وإنهاء خدمات الجنرال الإيراني قائد وزعيم القتل والإرهاب , الذي احتضن القاعدة وحزب الله اللبناني , ومؤسس الحشد الشعبي , ومنظمة داعش الإرهابية , كما هو قائد الحرس الثوري الإيراني ” قاسم سليماني ” بداية العام 2020 , كان بتخطيط وتنسيق مع الإدارتين الأمريكية والإسرائيلية وقادة الدولة الحقيقية العميقة في إيران .. وليس العضروط خامنئي , أو روحاني , أو ظريف , كما يظن ويتوهم البعض !, والذي كان التخلص منه كما أكدنا في مقالات سابقة , عبارة عن عربون ثقة لمن صدقوا ويصدقون بأن أمريكا تعاقب إيران وتريد أن تحد من نفوذها !؟ , في حين هي من سلّمت العراق على طبق من ذهب , وبحور وأنهار وشلالات من دماء العرب , وفرضت عليها حصار اقتصادي مزعوم !؟, كي تعتاش وتأكل الشعوب في خمس دول عربية كما هي : الأحواز العربية , العراق , لبنان , سوريا , اليمن … أي ما يقرب من 50 مليون عربي يشكلون نصف سكان هذه الدول .. بات مصدر رزقهم الوحيد هو مكبات القمامة والنفايات , وتُهرّب وتُسرق ثروات وأموال ومصانع العراق في وضح النهار , والقوات الأمريكية تتفرج , وتكتفي بالتقاط الصور التذكارية فقط !؟
فبلا أدنى شك تصفية المغدور ” محسن فخري زاده ” ما هي إلا عربون ثقة رقم ( 2 ) !, لكي تستمر مسرحيات وعمليات الضحك والنصب والاحتيال والتدليس والتفريس قائمة على قدم وساق , وقريباً ربما سيصبح تعداد نفوس العراق بعد 15 سنة 80 مليون نسمة !!!, كما قفز عام 2003 من 26 مليون ليصبح 40 مليون نسمة بعد 15 عشر عاماً !!!؟, وكذلك من أجل التعجيل بتخصيب اليورانيوم بنسب أعلى , لتحقيق الحلم الفرسي المنشود ألا وهو قهر العرب واحتلال بلدانهم الواحد تلو الآخر , ولكي تدخل إيران النادي النووي من أوسع أبوابه , بمباركة أمريكية ديمقراطية وحتى إسرائيلية وصينية وروسية , هذا بالإضافة لجعل الموساد الصهيوني البعبع الوحيد الذي يخيف ليس فقط طويلي العمر في الخليج ليرتموا أكثر فأكثر في أحضان الــ ” نتن ياهو “, بل دول وشعوب وحكومات العالم بأسره , وإلا بربكم .. كيف تفسرون أن بلد محاصر ومستهدف من قبل أمريكا وإسرائيل ..؟, يتم استهداف عالم نووي بهذا الحجم وهذه المكانة كما يزعمون !؟, وتركه لقمة سائغة بدون حماية وحراسة مشددة , ناهيك عن أنه كان يستقل عربة عادية , ويتنقل بسيارة صالون غير مصفحة !, وليس كما يتنقل أصغر مسؤول أو معمم إيراني أو عراقي !؟ , هذا بالإضافة لحساسية الزمان والمكان والتوقيت الذي تمت خلاله إرتكاب هذه الجريمة وسابقاتها بنفس الطريقة والإسلوب , وكيف تتضارب الأخبار وتدحض بعضها بعض .. عن عدد الأشخاص المهاجمين !, وكيف قالوا في البداية أن انتحاري فجر نفسه !؟, ومرة أخرى قالوا سيارة مفخخة , أو حدث تباد اطلاق نار وقتل إثنان من المهاجمين … إلخ
أولاً .. فمنذ متى الموساد يرسل انتحاريين !؟, ثانياً .. منذ متى يتم استهداف شخصية مهمة بهذه الطريقة الأغبى في تاريخ الاغتيالات !, ثالثاً ..منذ متى يتزامن الاغتيال مع ما نشره رئيس وزراء الكيان الصهيوني مع عملية الإغتيال المزعومة الذي يروج لها الإعلام على مدار الساعة !؟
أخيراً .. نقول أن هذه العملية الأخيرة وغيرها من العمليات بما فيها التخلص من قاسم سليماني , ما هي إلا من أجل امتصاص غضب الشعب الإيراني المتفاقم والناقم على أدوات أمريكا وإسرائيل في إيران .. أي الملالي , وكذلك للتسريع باكمال البرنامج النووي كما أشرنا أعلاه , وكذلك كسب التعاطف الدولي , وخاصة الاتحاد الأوربي , والإدارة الأمريكية الجديدة … وأمور أخرى كثيرة لا يسع المجال لسردها , لكننا ومن باب ( ذكّر عسى أن تنفع الذكرى ) , : هل تتذكرون أيها السادة : ماذا حلَّ بالعراق أرضاً وشعباً عندما .. مجرد أقدمَ على إنشاء مفاعل نووي للأغرض السلمية !, وكيف تم استهدافه بشكل مباشر عام 1981 من قبل طائرات العدو الصهيوني , وكيف تم تصفية وقتل أغلب العلماء خارج العراق … وليس في الداخل كما يحصل في إيران !؟, وكيف تم استهداف وتفجير المفاعلين قبل شحنهما في أحد موانئ فرنسا , وغيرها من الأمور والمعطيات والدلائل الدامغة, ناهيكم عن تحرشات العدو الإيراني والمناوشات الحدودية بين العراق وإيران منذ وصول الخميني عام 1979 للحكم , وصولاً لاستهدافه وشن أكبر عدوان عليه في تاريخ البشرية عام 1991 بذريعة تحرير الكويت , تبعه فرض أقسى وأبشع حصار على شعبه , وصولاً لاحتلاله وتسليمه لأتباع إيران حصراً … فعنّ أي عدوان واستهداف تتحدثون !؟؟؟, وبأي خرافات وهرطقات تصدقون أيها العرب , وخاصة بعض العراقيين الذين تهللون وتطبلون عن قرب ضرب وتدمير إيران ..!!!؟
شخصياً نقولها ونكتبها بالقلم العريض … وسجلوها علينا في ذاكرتكم … في حال تم استهداف وتدمير إيران كما تم استهداف وتدمير العراق على مدى أكثر من أربعة عقود … فإننا حينها فقط .. وفقط … سنمحوا من فكرنا وعقيدتنا ورأينا وحتى ذاكرتنا … كل ما قلمناه وكتبناه وما تقدم أعلاه … !!!… وللحديث بقيـــــــــــة.