خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
“مسار التغلب على العقوبات، قد يواجه في البداية المزيد من العقبات والمشكلات، لكن العاقبة جيدة”.. هذه الجملة التي صدرت عن مرشد الجمهورية الإيرانية، آية الله “علي خامنئي”، ببركة العقوبات، تتزامن مع اكتساب الأزمة المعيشية والأمن الغذائي في “إيران” أبعادًا جديدة يوميًا.
وهذه المرة تضرب البلاد “أزمة الدجاج”، في وقت يعتقد فيه مرشدها أن بمقدور إيران إدارة الدنيا باسم، “اقتصاد المقاومة”، دون الحاجة إلى التواصل. بحسب موقع (إيران واير) المعارض.
أزمة الدجاج واقتصاد المقاومة !
لكن ما علاقة “أزمة الدجاج” بـ”اقتصاد المقاومة” ؟.. للإجابة يجب أولاً أن نسأل: ما هي أبعاد وأهمية “أزمة الدجاج” في إيران ؟..
استنادًا للإعلام الإيراني المحلي، فقد بلغ سعر كيلو الدجاج، في بازر طهران 35 ألف طومان. أي أن على المقيمين في “طهران” دفع ما يقارب 50 – 70 ألف طومان لقاء الحصول على بعض الدجاجات.
وبحسب تقارير “مركز الإحصاء الإيراني”، فلقد كان متوسط سعر الدجاج في المناطق الحضرية أقل من 20 ألف طومان قبل نحو شهر. أي أن قيمة أهم مصدر بروتين للأسر الإيرانية ارتفعت بنحو 75% بغضون شهر.
فإذا أردنا أن نحسب معدل تضخم سعر الدجاج مقارنة بشهر تشرين ثان/نوفمبر 2019، فسوف ندرك أن أسعار الدجاج إزدادت بمقدار ثلاثة أضعاف في خلال سنة واحدة. وهذا التقلب الشديد مع الأخذ في الاعتبار لأهمية الدجاج الخاصة على موائد الإيرانيين، قد يؤدي إلى ارتفاع مخاطر سوء التغذية وتراجع معدلات الأمن الغذائي.
وبموجب إحصائيات “البنك المركزي”، فقد احتل الدجاج، خلال الأشهر القليلة الماضية، محل اللحوم على موائد الإيرانيين، حيث تراجعت معدلات استهلاك اللحوم الحمراء، خلال العشرين عامًا الماضية، من 90 كيلو للأسرة إلى نحو 60 كيلوغرام. في المقابل إزدادت معدلات استهلاك اللحوم الداجنة بنسبة 90% للأسرة.
من جهة أخرى، تؤكد تقارير “مركز الإحصاء الإيراني”، زيادة حجم إنتاج اللحوم الحمراء بالتوازي مع التراجع السنوي في حجم إنتاج اللحوم الداجنة. ومعطيات مركز الإحصاء عن حجم إنتاج اللحوم الداجنة للعام 1990م، فقد بلغ معدل الإيراني الواحد 6.6 كيلوغرام في العام، وارتفع المعدل في غضون 27 عامًا إلى أكثر من 31 كيلوغرام.
العام وزن الدجاج الحي الكثافة السكانية الإنتاج السنوي
1990م 00,360 000,493,54 6,6
1994م 021,613 000,336,58 5,10
1996م 821,863 000,055,60 4,14
1998م 349,803 000,152,63 7,12
2003م 018,371,1 000,215,67 4,20
2008م 542,994,1 000,279,72 6,27
2011م 194,907,1 000,150,75 4,25
2014م 924,052,2 000,980,77 3,26
2017م 761,539,2 000,070,81 3,31
وهذه المعطيات تعكس تغيير الشعب الإيراني على مدى سنوات نظامه الغذائي، تحت وطأة الأوضاع الاقتصادية، وتحول الدجاج إلى الغذاء الغالب.
وفي ظل هذه الأوضاع؛ فإن التقلب الشديد في أسعار الدجاج قد يضيف تهديدًا جديدًا لأمن الأسر الإيرانية الغذائي التي عانت خلال العقد الماضي أوضاعًا مأساوية.
لكن ما هي أسباب ارتفاع أسعار الدواجن ؟
الإجابة على هذا السؤال بالغة السهولة.. إن ارتفاع أسعار تكلفة إنتاج الدواجن يبعث على خفض الإنتاج.
يقول “محمد علي کمالي سروستاني”، المدير التنفيذي لاتحاد تربية الدواجن: “التوفير والتوزيع غير العادل للأعلاف وارتفاع أسعارها في السوق، تسبب في فشل الكثير من العاملين في هذا المجال من تربية الدواجن، وبالتالي تراجع المعروض من الدواجن وارتفعت الأسعار”.
وبموجب آخر تقارير التضخم، الصادر عن مركز الإحصاء، فقد ارتفعت تكلفة الإنتاج في مزارع الدواجن بنسبة 40% عن العام السابق. والأصل أن يؤدي ارتفاع الأسعار، والزيادة النسبية في أجور العنصر البشري، وزيادة أسعار الطاقة وبالطبع زيادة أسعار الأعلاف، إلى زيادة تكلفة الإنتاج.
لكن هل تُحل مشكلة الدواجن ؟
قد يتم إحتواء الأزمة نسبيًا وبشكل مؤقت خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة؛ بضخ المال في سوق الدواجن، لكن ما من ضمانات لعدم تكرار الأزمة بعد عدة أسابيع، أو حتى عدم حدوث أزمة في الخبز إذا تم احتواء أزمة الدواجن بشكل تام.
وسواءً أسعد هذا الأمر القيادات الإيرانية أم لا، فالأمن الغذائي الإيراني مرتبط بالمعاملات الأجنبية. وللقيام بهذا العمل تحتاج إيران إلى الدولار أو آلية للتواصل المالي مع سائر دول العالم.
من ثم لا بديل عن حل مشكلة العقوبات، وبعكس قناعات “خامنئي”؛ فحل المشكلة لا يرتبط بالعزيمة والشجاعة، وإنما بالحاجة إلى الواقعية وفهم حقيقة أن توريط البلاد في أزمة العقوبات والحصار لا يؤدي إلا إلى نقص الغذاء وشيوع الفقر والجوع.