5 نوفمبر، 2024 3:45 م
Search
Close this search box.

جائزة لوريال الأدبية الذهبية في الدنمارك.. لأول مرة لكاتبة شرق أوسطية

جائزة لوريال الأدبية الذهبية في الدنمارك.. لأول مرة لكاتبة شرق أوسطية

 

خاص” إعداد- سماح عادل

فازت الكاتبة “سارا عمر” ب”جائزة لوريال الأدبية الذهبية في الدنمارك”، وهي أول كاتبة، وكاتب، كوردي وشرق أوسطي يحصل على هذه الجائزة، وأيضا أول كاتبة من اللاجئين تفوز بالجائزة، وأصغر كاتبة تنال هذه الجائزة.

“سارا عمر” كاتبة كردية، ولدت 1986 في مدينة السليمانية في إقليم كوردستان، واستقرت في الدانمارك وهي في سن الخامسة عشرة من عمرها كلاجئة. ولديها روايتين هما “غاسل الموتى” و”رقصة الظل” باللغة الدانماركية.

فازت “سارا عمر” بالجائرة على روايتها “غاسل الموتى”، ترجمت الرواية إلى اللغات الانجليزية والألمانية، والسويدية، وبيع منها نصف مليون نسخة، ومن المتوقع أن تترجم قريباً إلى اللغة الكردية.

“جائزة لوريال الذهبية في الدنمارك” تعطى بشكل سنوي لأحد الكتاب الدنماركيين، منذ عام 1949، واللجنة التي تمنح الجائزة مكونة من نقاد في الأدب وأصحاب مكتبات ودور للنشر في الدنمارك.

صرحت الكاتبة “سارا عمر”أن الجائزة تمنح لكتاب يحوي مستوى أدبياً رفيعاً قادراً على لفت أنظار النقاد والقراء إليه. وقالت عبر منشور على حسابها على “فيس بوك” بعد فوزها بالجائزة في 18 تشرين الثاني 2020: “أدبي وحبي للكتابة أصبحا سيفاً ضد اللاعدالة والاضطهاد، وفي الوقت نفسه أصبح قرائي جيشاً يستمر مقاتلوه، مثلي، في الحرب ضد اللاعدالة والاضطهاد”.

وفي لقاء لشبكة رووداو الإعلامية صباح الأحد 22 تشرين الثاني 2020 قالت “سارا عمر”: “بدأت في عمر مبكر بداية، كنت أكتب الشعر من ثم توجهت للمقالة النقدية إلى أن ساورني ذلك الشعور بالتوجه لكتابة الرواية لأن المقالة لن تتمكن من إيصال كل ما أريد”.

وأوضحت: “واجهت عوائق كثيرة لعدم وجود الثقة بامرأة بأن تتمكن من القيام بعمل بهذا الحجم بمفردها، ضمن مجتمعنا، لذلك توجهت للكتابة باللغة الدنماركية لكن كم كان سيكون جميلاً لو أن كتابي نشر أولاً باللغة الكردية لكن أعتقد لو كنت كتبته الكردية لما كان وصل إلى ما وصلت إليه”.

وعن نصوصها الأدبية قالت: “أتحدث عن المشكلات الاجتماعية وحقوق الضعفاء خاصةً الأطفال والنساء وعن ما واجهه الكورد من دول الجوار والقوى المتنفذة”.

والجدير بالذكر أن “سارا عمر”، حائزة على عدة جوائز في الدانمارك، عن روايتيها، وكانت روايتها الأخيرة من أكثر الروايات مبيعاً، خلال السنتين الماضيتين.

 

غاسل الموتى..

رواية “غاسل الموتى” حققت أعلى نسبة مبيعات في الدانمارك، حيث بيع منها نحو50 ألف نسخة، ولفتت انتباه القراء في عدد من الدول الأوروبية. وتحكي ” سارا عمر” في روايتها والتي هي الأولى لها باللغة الدانماركية، عن القصف الكيماوي وغيره من المآسي التي تعرض لها الشعب الكردي.

وتحكي أيضا عن الظلم الذي تتعرض له المرأة الكردية. مشاهد وحشية تشبه لقطات فيلم رعب، غير أنها أحداث جرت على أرض الواقع وأمام عيني الكاتبة. رجل يخرج من البيت حاملاً سكيناً في يده، ساخطاً، صارخاً، هائجاً. يهجم على فتاة صغيرة. يمسك بيدها ويجرجرها ثم يطرحها أرضاً. في هيجان مسعور يقطع لسانها. يقع اللسان على الأرض ويتراقص ثم ينكمش مثل حيوان مذبوح. الرجل هو والد الفتاة. وهو يفتك بها لأنها لطخت شرفه إذ ركبت الدراجة وأخذت تسوقها أمام أنظار الآخرين. تخرج امرأة من البيت. تصرخ، تبكي، تولول. هي زوجته، أمّ البنت، تحاول أن تخلص الفتاة من بين يدي زوجها. يصفعها ويتهمها بأنها هي التي أفسدت البنت. تدخل المرأة إلى البيت، ثم تظهر بعد قليل وهي تحمل صفيحة كاز تدلقها على رأسها ثم تضرم النار في جسدها. تحترق وهي ترقص مثل حيوان مذبوح.

تتذكر ذلك كله بطلة الرواية، وتدعى “فرميسك”، الراقدة في مستشفى في كوبنهاغن بالدنمارك. كانت “فرميسك” صديقة تلك الفتاة التي قطع والدها لسانها. كانوا جيراناً. ماتت الأم وابنتها أمام “فرميسك”. الأم احترقت والبنت نزفت حتى لفظت أنفاسها.

ظل هذا المشهد راسخاً في ذهن “فرميسك” حتى بعدما هاجرت، مع أهلها، إلى الدنمارك. لكن هل كانت فرميسك أسعد حالاً من صديقتها؟ ربما، لأنها لم تتعرض إلى ذلك التقطيع الجسدي الفظيع، غير أنها كانت تعيش الرعب لأنها كانت مهددة بالمصير نفسه في أية لحظة. حين ولدت أراد والدها أن يرميها لأنه كان يريد ولداً لا بنتاً، لكن جدتها، جوهر، أنقذتها وأخذتها وتولت تربيتها.

تعمل جوهر في غسل النساء اللواتي يتعرضن للقتل. النساء، النجسات، غير الطاهرات، غير النظيفات، المنبوذات، المهملات، اللواتي يتخلى عنهن أهلهنّ ويتركوهن للمجهول.هي غاسلة النساء اللواتي يتعرضن للقتل دفاعاً عن الشرف، ويرفض أهلهن غسلهن ودفنهن في قبور العائلة. النساء اللواتي تحل عليهن اللعنة.

حياة الكاتبة لم تكن أزهى من حياة بطلتها. تعرضت إلى الإحتقار والتهميش كونها فتاة. أجبرها أبوها على الزواج، عنوة، من أحد أقاربها. وهي حاولت الانتحار ورقدت فترة طويلة في المستشفى. الحال أنها استندت إلى ما عاشته في المستشفى لتسرد وقائع أحوال فرميسك هناك.

الرواية تتحدث أيضا عن تعنيف الزوجات واغتصابهم، و قتل النساء الذين لا ينزفون ليلة الدخلة، حيث يتم قتل النساء إذا كان هناك شكوك حول عذريتها و تتحدث أيضا عن اغتصاب الرجال للأطفال وسفاح القربى حيث تتعرض طفلة للاغتصاب يتم اغتصابها على يد قريبها و هي بعمر الخمسة سنوات.

حملة شنيعة..

تعرضت الكاتبة في الدنمارك إلى حملة شنيعة من أبناء الجالية الإسلامية، لا سيما الكردية والعربية. تلقت شتائم وتهديدات بالقتل، الأمر الذي اضطرها إلى العيش في عنوان سري وبحماية الشرطة أربع وعشرين ساعة.

في مقابلة لها مع صحيفة دنماركية قالت ” سارا عمر”: “لقد انتقلت من الجحيم هناك وها هو يلحق بي هنا. جرائم الشرف، الرقابة العائلية، الإيذاء الجسدي، الإيذاء النفسي، القتل، كل هذا بات الآن من يوميات العيش في الدنمارك، كثيرون هنا اتهموني بأنني ضد الدين. هذا غير صحيح. لست أناهض ديناً يتعلق به مليار إنسان ويعتبرونه هويتهم. أنا فقط أريد أن أفهم من أين ينبع العنف والكراهية ضد النساء وكيف يمكن القضاء عليهما. أحاول أن أصف وقائع جرت وتجري على أرض الواقع وينتمي مرتكبوها لهذا الدين، من دون أن أعمم أو أصدر حكماً أخلاقياً”.

وواصلت: “هناك في كردستان، حيث ولدت الكاتبة، ليس للمرأة صوت. ليس لها رأي.على طريقة أليف شافاك، تقفز الساردة بين الماضي والحاضر، وتتلقف شذرات من هنا وهناك لتضع كل واحدة في مرآة الأخرى. في كردستان: تتعرض النساء للضرب والإهانة. الكل يراقبونها: الأب والأخ والزوج والعم والخال والجيران. رقباء أبديون مهمتهم التأكد من حسن سلوكها. وفي الدنمارك: هناك ما بات يسمى البوليس الأخلاقي، وهم رجال دين يقفون في زوايا الشوارع ويراقبون النساء ويطلبون منهن ارتداء الحجاب والتصرف بطريقة محتشمة”.

وبعد الاهتمام البالغ الذي أظهره الدانماركيون بروايتها، اختيرت “سارا عمر” من قبل المسئولين الدانماركيين لإلقاء كلمة خلال مراسم الاحتفال بالعام الجديد، عقب الكلمة التي ألقتها ملكة الدنمارك، مارغريت الثانية.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة