26 نوفمبر، 2024 9:52 ص
Search
Close this search box.

  فيلم wanted.. فكرة براقة وإغراق في مشاهد العنف

  فيلم wanted.. فكرة براقة وإغراق في مشاهد العنف

 

خاص: قراءة – سماح عادل

فيلم wanted هو فيلم أكشن وإثارة، لكنه لا يخلو من فكرة طريفة. حول الرتابة والملل التي تنتاب شخص عادي، يعيش حياة عادية، مملة وروتينية، وكيف أنه تحول لشخص آخر تماما. قد يكون قادرا على التحكم في قدره.

البداية..

يبدأ الفيلم بداية هادئة جدا، يحكي البطل ويلس جيبسون بصوته عن نفسه وحياته، يعمل محاسب في إحدى الشركات، تحت أمرة امرأة تعاني من اضطرابات الطعام، وتعامله وزملائه معاملة قاسية، ويشعر أنه لا يبالي بأي شيء، ويقول ذلك صراحة، أنه لا يبالي، وأن أيامه تمر متشابهة. يسكن في شقة ضيقة بجوار محطة القطار، ويستيقظ كل يوم على أصوات القطارات وهي تتحرك بسرعة شديدة محدثة ضوضاء عالية تهتز لها جدران شقته، يعيش مع فتاة عصبية تشكو دائما من رداءة الشقة التي يعيشان فيها، لكنه لا يكترث حقا ولا يهتم بصراخها، يذهب إلى العمل ليتعرض لتعنيف مديرته بشكل يومي، ويضطر إلى الصمت والانصياع لما تمليه عليه من أوامر.

ثم يعود من العمل في المساء وهو متيقن أنه سيكرر أيامه بنفس تفاصيلها المعادة والرتيبة، وأحيانا يفكر في البحث عن اسمه على جوجل، وتكون النتيجة لا شيء، هو لاشيء، رجل عادي لا يختلف عن أي أحد من كثريين، تركه أبوه بعد أسبوع من ولادته.

حركة سريعة..

ثم تنتقل الكاميرا بعد تلك البداية الهادئة إلى حركة أسرع، حيث رجل يبدو أنه قاتل محترف يدخل إحدى الشركات ليسأل إحدى السيدات عن مصدر رصاصة من مسدس، وتقول السيدة التي يبدو أنها خبيرة أن هذه الرصاصة غير معروفة المصدر، لينطلق صوت الرصاص وتقتل السيدة ويجري الرجل سريعا، لكنه لا يهرب وإنما يجري بسرعة كبيرة ويصطدم بزجاج النافذة، ويصوب مسدسه نحو من أطلقوا النار ليقتل ثلاث رجال في سطح عمارة مجاورة للعمارة التي قفز منها.

حركة القفز من عمارة عالية إلى عمارة أخرى بعيدة حركة خارقة لا يمكن أن يقوم بها إنسان عادي، ويسقط ما بين العمارتين، ثم وبدون تبرير منطقي يجده أحد الرجال المعتدين ورائه دون أن نعرف كيف وصل إلى سطح العمارة الأخرى، ويقتل آخر المعتدين، ويرن هاتفه لنجد مكالمة ممن يتتبعه يؤكد له أنه سيقتله، وأن هؤلاء الرجال الذين قتلهم ما هم إلا إلهاء فينظر الرجل تحت قدميه ليجد علامة اكس، وتنطلق الرصاصة لتصيب رأسه من الخلف لتخرج من مقدمة رأسه.

ثم نعود للبطل الذي يعود من عمله ويدخل السوبر ماركت لشراء حاجياته لينغمس في عالم الإثارة، فتقابله فوكس والتي تقوم بدورها الممثلة “انجلينا جولي” وتخطفه بعد محاولات لمقاومة رجل ما، وتذهب به إلى مكان غريب ليكشفوا له أن والده كان سفاحا أو قاتلا، وأنه قتل بالأمس على يد رجل يدعى روس، ويبلغونه أن والده ترك له أموالا كثيرة، وأنه يتمتع بمهارات أبيه. يرفض ويمشي لكنه عندما يستيقظ يكتشف أنه لم يكن يحلم، وحين يتفحص حسابه البنكي يندهش حين يجد حسابه قد تضخم، ويمتلك الجرأة على مواجهة مديرته المتعسفة وزملاءه الأندال، ويترك الشركة وحياته الرتيبة المملة، ويذهب إليهم مرة أخرى فيدربونه بكل الطرق القاسية.

عالم غريب..

وهنا نجد عالم تفاصيله غريبة، حيث يضربونه بقسوة ثم يضعونه في حمام من الشمع ليحفز كرات دمه البيضاء وتشفى جروحه وكسوره سريعا، ثم يعاودون ضربه وتعريضه لاعتداءات قاسية إلى أن يصبح قادرا على القتال، ويحفزونه نفسيا ليكون مثل أبيه الذي قتل دون أن يراه، فيتشجع ويصبح قادرا على التطور فقط لأجل أن يكون مثل أبيه البطل، الذي صوره الناس هناك كذلك، وحكوا له عن بطولاته. ثم تتكشف له الأمور شيئا فشيئا..

الأخوية..

فيكتشف البطل أن هؤلاء الناس وهذا المكان الغريب الذي يعيشون فيه والذي هو أشبه بمصنع لغزل الأنسجة، ما هو إلا أخوية أنشئت من حوالي ألف عام، حيث اكتشف بعض النساجون أن القماش حين يتم غزله يخلف بعض الغلطات في غزل الخيط، وحين تعمقوا في تلك الغلطات وأعطوها رموزا تكشفت لهم عن أسماء لأناس، اعتقدوا أن القدر يطلب منهم التخلص من أصحاب تلك الأسماء، وبالفعل قامت الأخوية على ذلك لمدة ألف عام، أن تقتل أصحاب الأسماء التي تكشف رموز الأقمشة المنسوجة عنها.

وظلت الأجيال تتوالى على تلك الأخوية إلا أن تمرد أحد منهم وقرر الخروج عن الأخوية، ليس ذلك فقط بل واستهداف أعضاءها وقتلهم. ويؤمن ويسلي جيبسون  بما لقنوه، ويقرر الانتقام لوالده من روس الذي أصبح يكرهه، لكنهم يعطونه بعض الأوامر قبل أمر قتل روس، حيث يقوم بقتل أناس آخرين، وحين يتردد أول مرة في قتل أحد الرجال، تخبره فوكس أن تردده هذا ربما يتسبب في أذية آخرون، بعد أن تحكي له حكاية طفلة شاهدت أباها وهو يموت حرقا وهو حي، لأن القاتل الذي فعل ذلك كان قد جاء القدر بذكر اسمه عبر إحدى الأقمشة، لكن من كان مكلف بتنفيذ هذه المهمة خاف أن يقتله.

التورط في القتل..

فينفذ ويسلي جيبسون عمليات قتل لعدد من الأشخاص، وهو مقتنع أنه بذلك ينقذ العالم من الأشرار، حيث أن القدر يخلص الناس من الأشرار بتلك الإشارات على الأقمشة التي  ترسم أسمائهم. وحين يأتي الأمر بقتل روس يفرح ويسلي جيبسون كثيرا، ويذهب لتنفيذ الأمر بعد أن يصل إلى أحد الرجال الذي صمم الرصاصة التي يستخدمها روس، لكن يعطي سلون إلى فوكس بعد خروج ويسلي جيبسون مباشرة، يعطيها أمرا بقتل ويسلي جيبسون، وهنا يبدأ الاندهاش بالنسبة للمشاهد، كيف يقتل ويسلي جيبسون

وهو البطل هنا الذي ينقذ العالم من الأشرار؟، وكيف توافق فوكس دون اعتراض؟. وتلاحقه فوكس ويذهب هو للرجل صانع الرصاصة ليدله على مكان روس، ويذهبا إلى محطة للقطارات ويركب ويسلي جيبسون، القطار بعد أن يلمح روس، حيث قابله عدة مرات من قبل وكان روس يستهدفه.

وتتعقبه فوكس بسيارة ويشتبك ويسلي جيبسون وروس، وتصوب فوكس على رأس ويسلي جيبسون لكنها تخطئه، وتتوالي المشاهد الحركية ليتحطم القطار تماما ويسقط من على الجسر، لكن ويسلي جيبسون حتى وهو يسقط يصر على قتل روس الذي يمد له يده لينقذه، ويطلق عليه الرصاص لكن روس يمسك بيده ويرفعه داخل عربة القطار، فيتوجه إليه ويسلي جيبسون لكي يكمل قتله، فيقول له روس أنهم كذبوا عليه وأنه هو أباه.

انقلاب الأحداث..

لتنقلب  الأحداث رأسا على عقب، وتأتي فوكس ترمي بعربة القطار التي فيها روس وويسلي جيبسون من أعلى الجسر، لكن ينقذه صديق والده روس، والذي هو الرجل الذي ابتكر الرصاصة، ليجد نفسه في حمام من الشمع، ويستيقظ ليجد نفسه في شقة مواجهة لشقته القديمة التي بجانب محطة القطار. ويكتشف أن والده كان يراقبه طوال حياته، وأنه لم يهجره كما تخيل، وإنما كان يريد له حياة طبيعية وعادية وألا يسير في الطريق الذي صار فيه هو، وأنه لم يكن يلاحقه ليقتله وإنما كان يلاحقه لينقذه من أفراد الأخوية.

ويطلب منه صديق أبوه أن يعود لحياته الطبيعية، ويترك الأمر برمته، لكنه يقرر أن ينتقم من أفراد الأخوية الذي عبثوا بعقله، وجعلوه يقتل والده. خاصة بعد أن يكشف له صديق والده أن والده لم يكن متمردا أو خارجا عن الأخوية كما ادعوا، وإنما اكتشف تلاعب القائد سلون الذي كان يختار أسماء المرشحين للقتل وفق أهواءه ومصالحه الشخصية، ويعطيه قماشة بها إشارة إلى اسم سلون نفسه، وأن سلون أخفاها عن أفراد الأخوية وجعلهم ينفذون أوامره هو لا أوامر القدر.

الانتقام..

ويفجر ويسلي جيبسون مبني الأخوية بحيلة تعلمها من أحد أفراد الأخوية أنفسهم، ويذهب لمواجهتهم ويكشف لهم خيانة سلون، لكن سلون يقول لهم أنهم جميعا جاءت الإشارات بقتلهم، وأنه حماهم من القدر وأحكامه، وأنه حدد أسماء المرشحين للقتل، وعليهم أن يختاروا أما الانصياع لأوامر القدر وقتل أنفسهم أو التمرد على القدر والتحول إلى بشر بمرتبه آلهة، حيث يحددون أقدراهم بأنفسهم، يحتار الأفراد المتحلقين حول ويسلي جيبسون، لكن فوكس تتخذ قرارها وتقتل جميع أفراد الأخوية المتحلقين حول ويسلي جيبسون، برصاصة واحدة، تقتلها هي أيضا.

ويهرب سلون ويجد ويسلي جيبسون نفسه وحده. يخرج من مقر الأخوية، وهو يسأل من هو؟، هل هو محاسب ممل أم منقذ للعالم أم سفاح؟، عاد مرة أخرى ليتساءل عن قيمته وعن معنى وجوده، وهل يعود لحياته لعادية الرتيبة أم لا، لتعود الكاميرا مرة أخرى في شركته القديمة لشاب من الخلف يشبه البطل، يكتب اسمه باحثا عنه على جوجل، ويفاجئه سلون من الخلف ليكشف أنه ليس ويسلي جيبسون. وينظر سلون تحت قدميه ليجد علامة اكس، وتخترق رصاصه رأسه من الخلف لتخرج من الأمام. ويخاطب ويسلي جيبسون المشاهد متسائلا، وأنت ماذا ستفعل؟، وكان في هذا السؤال تحريض من نوع من.

الاحتفاء بالقتل..

الفيلم يعتمد على الحركة السريعة الخاطفة التي تخطف أنفاس المشاهد وتجعل نبضات قلبه تتسارع، لكنها حركات خارقة لا يستطيع بشر عادي القيام بها، وهذه عادة بعض أفلام الحركة الأمريكية التي تصور الأبطال الخارقين الذين يستطيعون القيام بأفعال خارقة، وكأنهم استطاعوا فعل ذلك بالتدريب، وكأن أي إنسان عادي يستطيع القيام بذلك، فقط إذا أراد وتدرب.

ربما به بعض الرسائل التي توجها أفلام الأكشن وهي الاحتفاء بالقتل، وعدم الاهتمام بحياة أعداد كبيرة من الناس، فقط حياة الأبطال هي المهمة، فقطار كامل قد تحطم ولا أحد يعبأ بكل تلك الأرواح التي راحت هباء، لكن ما يهم هم الأبطال الذي يدور حولهم الفيلم، والتناقض الشديد فكيف يسعى القدر لتخليص الناس من الأشرار، وكيف يقوم أفراد الأخوية بأفعال عنيفة تطيح بأرواح أعداد كبيرة من الناس في أثناء تحركاتهم في الشوارع.

كما يحتوي الفيلم على حكاية براقة تبدو هامة وقيمة، لكننا نكتشف كمشاهدين أنها مجرد حكاية جوفاء لا معنى لها، وهي حكاية الأخوية التي عمرها ألف عام، والتي تكتشف شفرة سرية للقدر، الذي ينبئها من خلال النسج على القماش بأسماء أشرار لابد من التخلص منهم، والأهم هو أن فكرة القتل في حد ذاتها فكرة معادية للإنسانية، فكيف تكون في خدمة الإنسانية، وهذه الأفكار هي ما تحاول كثير من الأفلام السينمائية الأمريكية تسييدها، أن القتل مشروع مادام لأهداف سامية، وأن أرواح البشر رخيصة طالما هناك أهداف أسمى.

كما ترسخ هذه الأفلام لأن يكون العنف أمرا عاديا بل ومحتفى به، فالبطل في النهاية يخاطب المشاهدين الذين يعيشون حياة عادية، ويسألهم ماذا فعلتم أنتم، وكأن مسار العنف والقتل والأحداث التي تخلف مئات من القتلى هي الأفعال الأفضل من القيام بأعمال مملة ورتيبة ومكررة ومتشابهة.

الفيلم..

فيلم  wanted “مطلوب”‏ هو فيلم أكشن. وهو من إخراج “تيمور بكمامبتوف”. تم إنتاجه في يونيو 2007 بميزانية تبلغ 75 مليون دولار. عرض في 25 يونيو- حزيران 2008 في المملكة المتحدة وفي 27 يونيو- حزيران 2008 في الولايات المتحدة.

مثلت “أنجلينا جولي” دور “فوكس”، و “جيمس مكافوي” دور “ويسلي جيبسون”، و “مورغان فريمان” دور “سلون”، و “توماس كريتشمان” دور “كروس”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة