خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في الوقت الذي يبرز فيه المتابعين للشأن العراقي مخاوفهم من فوز الرئيس الأميركي المنتخب، “جون بايدن”، الذي إن تم تأكيد فوزه بشكل نهائي أمام الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، “دونالد ترامب”، سوف يتسلم مهامه في “البيت الأبيض” كرئيس للولايات المتحدة، في 20 كانون ثان/يناير القادم، من سيناريو تقسيم العراق المؤيد له، بالإضافة إلى تصريحاته السابقة بإبقاؤه على القوات الأميركية في كل من “العراق” و”أفغانستان”، وهو الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه أمام حرب فعلية ينتظرها “العراق” على أراضيه بين الفصائل الموالية لـ”إيران” و”القوات الأميركية”.
تفاؤل تجاه الديمقراطيين..
وحول ما إذا كانت سياسته ستختلف عن سياسة “ترامب”، يقول أستاذ الفكر السياسي، الدكتور “عصام الفيلي”؛ إن: “العراق كان وما زال محط اهتمام الولايات المتحدة، فبعض القوى السياسية متفائلة باتجاه الديمقراطيين، وهي لا تعلم أن قرار تحرير العراق قد صدر في عهد إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، عام 1998، ونُفذ في عهد الرئيس بوش، ما يعني هناك حالة من التكاملية في السياسة الخارجية الأميركية، لكنها قد تلجأ إلى التهدئة مع إيران من أجل السلام، لما لإيران من نفوذ على الفصائل المسلحة العراقية، وهذا كله مرتهن بفهم العراق للعلاقة مع الولايات المتحدة”.
تأجيل مشروع التقسيم..
من جانبه يقول المحلل السياسي، الدكتور “أمجد الهذال”: “تختلف فلسفة السياسة الخارجية لدى الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، في الولايات المتحدة، والتي فيها تكون شخصية الرئيس مؤثرة جدًا، وما يلاحظ أن الرئيس الجديد، بايدن، هو نفسه صاحب مشروع تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات، لكن أعتقد أن هذا المشروع سيؤجل، نتيجة لما تمر به الولايات المتحدة من أزمات داخلية بسبب جائحة (كورونا)؛ وكذلك الانقسام المجتمعي، ومع ذلك فأنا أعتقد أن بايدن ستكون له سياسة تختلف عن سياسة سلفه، ترامب، في الشرق الأوسط، عبر إعادة مفهوم القيادة الأميركية في العالم”.
مخاوف من تفاهم “أميركي-إيراني”..
وبسبب صراع نفوذ بين حليفيه الأساسيين، “طهران” و”واشنطن”، يجد العراق نفسه منذ سنوات عالقًا، وهو صراع إزداد تعقيدًا، خصوصًا مع اعتماد الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، “دونالد ترامب”، الذي يمارس سياسة “الضغوط القصوى” إزاء إيران، منذ العام 2018.
ورغم تصريح “بايدن”؛ بإبقائه على القوات الأميركية بالعراق، إن أصبح رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية، رحبّت التيارات الموالية لـ”إيران” في العراق بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، وهو الأمر الذي أثار مخاوف مسؤولين ونشطاء من إمكانية أن يؤدي تفاهم “أميركي-إيراني” محتمل؛ إلى تعزيز نفوذ تلك الفصائل في البلاد.
“محمد محي”، المتحدث باسم (كتائب حزب الله)، أبرز فصيل موال لـ”إيران” في العراق، يقول إن: “فترة ترامب؛ فترة تهديم وفترة سلبية سببت مشاكل وأزمات ضخمة على مستوى العالم والمنطقة، وعلى الإدارة الجديدة أن ترمم” ما قامت به الإدارة السابقة.
ويضيف أنه: “بالنسبة لنا كعراقيين، أهم هدف نريد التوصل إليه هو خروج القوات الأميركية من العراق وأن تلتزم واشنطن بالأطر الدبلوماسية السليمة بالتعامل مع العراق كدولة”.
وندد “محي”، بـ”ترامب”، على خلفية “الجريمة الكبرى” المتمثلة بقتل الجنرال الإيراني، “قاسم سليماني”، ونائب رئيس هيئة (الحشد الشعبي) العراقي، “أبومهدي المهندس”، الذي كان له دور أساس في تأسيس (كتائب حزب الله)، بضربة طائرة مُسيرة في بغداد، في كانون ثان/يناير الماضي.
وفي ردًا عاجل على هذه العملية الأمنية، صوّت البرلمان العراقي، مطلع العام الجاري، لصالح قرار يطالب بخروج القوات الأجنبية من العراق.
وردت واشنطن بالتهديد بعقوبات مشددة على العراق، وحتى بإغلاق السفارة الأميركية في بغداد.
لا تغيير في السياسات ولكن اختلاف أسلوب التعامل !
فيما يرى نائب الأمين العام لحركة (النجباء)، الموالية لـ”إيران”، “نصر الشمري”: “لا نتوقع أن تتغير السياسة الأميركية مع تغيير رئيس الجمهورية، لكن ربما يؤدي اختيار شخصية أخرى تتمتع بأسلوب بالتعامل، إلى فتح مجالات للتعاون بين الدول”.
ويشدد “الشمري” على أن: “المقاومة تعتمد على استعدادها وقوتها وصبرها في تنفيذ قرار جميع العراقيين القاضي بإخراج القوات الأجنبية من الأراضي العراقية بما فيها القوات الأميركية”.
كما يتفق السياسي السُني، “خميس خنجر”، الذي تحالف مع إيران في انتخابات عام 2018 التشريعية، مع هذا الرأي، فقد رأى في تغريدة أن: “فوز بايدن فرصة جديدة للعالم من أجل صفحة أخرى للاستقرار والحوار”.
يهنئون صديق قديم..
فيما اعتبر المدوّن العراقي، “يوسف”، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه كاملاً، أن هذه الآراء مثيرة للشكوك. وقال لـ (فرانس برس): “هؤلاء السياسيون الذين نعتوا الولايات المتحدة بـالشيطان ورفعوا شعار الموت لأميركا، هنأوا بايدن على فوزه في الرئاسة، كما لو أنهم يهنئون صديقًا قديمًا”.
مواقف سابقة لـ”بايدن” مع العراق..
يذكر أنه كانت قد تراجعت العلاقات “العراقية-الأميركية” إلى مستويات متدنية، خلال عهد رئيس الوزراء السابق، “عادل عبدالمهدي”، الذي كانت تعتبره “واشنطن” مقربًا جدًا من “إيران”.
وأنتعشت قليلاً مع وصول، “مصطفى الكاظمي”، إلى السلطة، في أيار/مايو الماضي، ولقائه “ترامب” ومسؤولين أميركيين في واشنطن، في آب/أغسطس 2020.
وكان قد التقى “الكاظمي”، خلال تلك الزيارة أيضًا رئيسة مجلس النواب الأميركي الديموقراطية، “نانسي بيلوسي”، في محاولة “لفتح الباب” أمام حزبها في حال فوز “بايدن”، وفق ما قال مستشاروه لـ (فرانس برس).
ورغم كل تلك التكهنات لما يمكن أن يحدث مستقبلاً، إلا أنه لا تزال التفاصيل حول استراتيجية “بايدن” الخارجية غامضة، لكن سبق أن تعامل الرئيس المنتخب مع الأحداث العراقية.
فقد أعطى، في عام 2003، صوته لصالح غزو العراق الذي أدى إلى إسقاط “صدام حسين”، وكان بين أبرز الشخصيات الديموقراطية المؤيدة لذلك.
وفي عام 2006، شارك بكتابة مقال يدعو إلى تقسيم العراق إلى: “ثلاث مناطق ذات حكم ذاتي واسع”؛ تتوزع عليها المكونات المذهبية والأثنية الأبرز، أي: “الشيعة والسُنة والأكراد”. ولـ”بايدن” علاقات شخصية مع بعض المسؤولين الحاليين، ولا سيما الرئيس، “برهم صالح”، الذي وصف “بايدن”، بـ”الصديق والشريك الموثوق به”. وهنأ “الكاظمي” بدوره؛ الرئيس الجديد.
لا نريد العودة لسياسة “أوباما”..
فيما أعرب بعض المسؤولين العراقيين عن خشيتهم من أن تكون فترة رئاسة “بايدن” سببًا لـ”تشجيع” الفصائل الموالية لـ”إيران” في البلاد وزيادة نفوذها.
ويخشى البعض من أن عودته إلى “الاتفاق النووي”، الذي أبرم خلال عهد الرئيس الأسبق، “باراك أوباما”، حين كان “بايدن” نائبًا للرئيس. إذ يعتبرون أن تلك المرحلة سمحت لـ”إيران” ببسط نفوذها بشكل أوسع في المنطقة.
ويقول النائب، “ظافر العاني”، الذي يشغل منصب نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان: “لا نريد لسياسة أوباما أن تعود من جديد إلى بلادنا؛ عندما شجع دولاً أخرى على التدخل في شأننا الداخلي وسمح لقوى الإرهاب والميليشيات بالنمو تحت نظره”.
قائمة عقوبات..
إلى ذلك، توقع مسؤولان عراقيان أن تصدر الإدارة المنتهية ولايتها، “قائمة عقوبات”، ضد المصالح الإيرانية في العراق.
وقال أحدهما إن “ترامب”، “سيصعّد الموقف”، مضيفًا: “أشك في أن يكون هناك أي عمل عسكري، لكن إن حصل، لن يفاجئنا ذلك”.