22 نوفمبر، 2024 5:18 م
Search
Close this search box.

الموظف في العراق بين المطرقة والسندان

الموظف في العراق بين المطرقة والسندان

سُجل على الرئيس الامريكي دونالد ترامب ونقلا عن شبكة ال CNN الاخبارية واسعة الانتشار إنه كذب أكثر من خمسة وعشرون الف كذبة خلال فترة توليه رئاسة الولايات المتحدة الامريكية ولا يزال يكذب، والشائع العام بين السياسيين الكذب ولعلنا لا ننسى مقولة احد اساطير الحرب النفسية الالمانية ومهندس ماكينة الدعاية الالمانية لصالح النازية وهو احد ابرز من وظفوا واستثمروا وسائل الاعلام في الحرب، وكان صاحب الكذب الممنهج والمبرمج الذي يعتمد الترويج لمنهج النازية إنه جوزيف غوبلز ومقولته تنص على “إكذب ثم إكذب حتى يصدقك الآخرين”. لكن هذه المقولة ما عادت تستقيم هذه الايام لوجود مصادر متنوعة للمعرفة وسهولة الوصول لهذه المصادر ووجود قنوات الاعلام الكثيرة والتي يسهل من خلالها كشف اية كذبة وتفنيدها بعد دقائق من اطلاقها وبالادلة التي لا تقبل النقاش او الطعن فيها ويمكن الوصول لدقة اية معلومة اليوم بضغطة زر كما يقال ثم ايصالها عن طريق وسائل الاعلام المختلفة والانترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي من تويتر و فيسبوك وانستغرام وغيرها، اما سابقا كان عليك ان تعود الى الرفوف العالية في المكتبات للبحث عن حقيقة المعلومة التي ينطق بها السياسي وهذه عملية تأخذ الكثير من الجهد والوقت وتحتاج الى إصرار لكشف الحقائق وحتى لو وصلت اليها بعد حين تكون الكذبة قد فعلت فعلتها المخطط لها وادت الغرض منها. أما اليوم فإن مقولة جوزيف غوبلز لم تعد تؤتي ثمارها ولا يعمل بمضمونها إلا الجهلة والاغبياء وذوي الخبرة القليلة وتجدها تستخدم من قبل السياسيين في الدول المتخلفة ومع ذلك يتحول مستخدمها إلى أضحوكة…والصح ان نطلق اليوم على من لا يزال يعمل بها مقولة توصفهم هم وهي “أكذب أكذب حتى تصدق نفسك”، أما الاخرين فإنهم يسمعون كذبك ويتندرون عليك إلى ان تتحول إلى إضحوكة أمامهم ومهرج وقرقوش. لماذا نقول هذا، نقول هذا لان العراق عاش اكذوبة كبرى كان بدايتها أكذوبة أسلحة الدمار الشامل التي مهدت إلى إحتلال العراق ووضعه تحت الإستعمار الأمريكي منذ 2003 ولحد الان وما رافق هذا الاحتلال من دمار شامل للعراق وضحايا بالملايين، علما إن جريمة إحتلال العراق كان قرار أمريكي بحت وإن العراق سوف يبقى يحتفظ بحقه في مقاضاة حكومة الولايات المتحدة وطلب دفع تعويضات بآلاف المليارات من الدولارات لأن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم. بعد ذلك عاش العراق اكذوبة كبرى أخرى إسمها إكذوبة الديمقراطية وكان من أهم متطلبات اكذوبة الديمقراطية وضع دستور جديد للعراق الذي سرعان ما تم تزويرة بعد التصويت عليه وإضافة خمسة مواد جديدة من ضمنها المادة 140 التي طالما يتبجح بها الكورد وهذه المواد لم تخضع لتصويت الشعب عليها. وقد توالت الاكاذيب على الشعب العراقي من 2003 إلى الآن وسوف نذكر بعض المحطات التي تلقي بضلالها على حال العراق الآن وتؤثر عليه إقتصاديا، اولها اكذوبة جولات التراخيص التي سوقت على إنها سوف تنقل العراق نقلة نوعية وسوف يصبح العراق مثل دبي وسوف يعيش المواطن في العراق في بحبحة لا مثيل لها وغير ذلك من الاكاذيب لتسويق جولات التراخيص والتي اصبحت واضحة الان هي ليست إلا العودة لسيطرة الشركات النفطية على منشأت النفط العراقي والنفط العراقي وإذا كان يجب أن توصف فهي جريمة توازي جريمة إحتلال العراق. ثم جاءت كذبة أخرى بحجم الأكاذيب السابقة عندما أتخذ قرارا سياسيا متفق عليه مع المحتل الامريكي بفتح شمال العراق لفلول داعش وإحتلال ما يقارب نصف الاراضي العراقية إذ كيف لعاقل أن يصدق إن 350 داعشي على بيكبات لا تحمل سوى البي ك سي تستطيع إحتلال مدينة مثل الموصل فيها اربع فرق عسكرية عراقية وفيها عشرات الآلاف من الشرطة المحلية وفيها جهاز مكافحة الإرهاب وفيها وفيها لو لم يكن هناك قرار سياسي صادر إلى هذه القوات العراقية المختلفة بالإنسحاب وترك اسلحتهم إلى القادم الجديد، وكيف يعقل إن قوة داعشية لا يزيد عدد افرادها عن 65 فرد تستطيع التوغل واحتلال محافظة الانبار ومحافظة صلاح الدين..كل المحللين الاستراتيجيين أجمعوا على إن القرار السياسي هو من هيئة الأرضية لداعش وأتباعها. سلسسلة من الاكاذيب عاشها العراق من 2003 إلى حد الآن ولعلنا لا ننسى أكذوبة تصدير العراق للكهرباء التي ضحك عليها الشعب العراقي كثيرا..وكرة الاكاذيب إستمرت في التدحرج عبر السنون وكل سنة تمر بها تكون أسوء من التي قبلها. كل كذبة من هذه الاكاذيب كلفت العراق مليارات الدولارات وفي خضم هذه الكاذيب تم تشريع قوانين أضحوكة مثل قانون السجناء السياسيين الذي يعطي حقوقا لمن لا يستحقونها تكلف الدولة مليارات وقوانين الرواتب الخاصة لفئات معينة من عضو مجلس نواب صعودا ومخصصات خيالية ومنافع اجتماعية ونثريات تصل إلى أكثر من مليون دولار في اليوم للمسؤول الواحد في الدولة العراقية…كل هذا الاستنزاف الكبير في موارد العراق وسوء إدارة المال العام والفساد والسرقات في وضح النهار كانت مغطاة لأن عوائد النفط كانت تلبي حاجاتهم لكن ما ان انخفضت اسعار النفط في الاسواق العالمية حتى طارت ورقة التوت التي كانت تغطي عهر الساسة في العراق بكل قذارته وإنحطاطه لذا كان لا بد أن يتم البحث عن كبش فداء لتحميله هذه المسؤولية..وبالتأكيد كبش الفداء هذا ليس المحتل وليس داعش وليست القوانين الفاسدة وليست جولات التراخيص ولا نثرياتهم وليست سفراتهم وليس كل شكل من اشكال التبذير في سوء إدارة المال العام لذا لم يجد القائمين على سياسة العراق وتشريع قوانينه من مجلس النواب إلى الحكومة العراقية إلا الموظف!!!
الموظف العراقي، نعم اتضح إن عدد الموظفين في العراق هم السبب في كل ما يمر به العراق من إنخفاض السيولة النقدية وبدأ الترويج لهذه الأكذوبة الجديدة..وبدأ الترويج إلى إن عدد الموظفين في الدولة يفوق أي عدد في دول العالم حتى صدقوا كذبتهم وبدأت إتخاذ خطوات لسبك المشهد وكان من مستلزمات ذلك تأخير صرف رواتب الموظفين وخلال هذا التأخير يتم الترويج والتركيز على إن عدد الموظفين الخيالي هو سبب هذا الإفلاس والدولة بحاجة إلى الأقتراض تلو الأقتراض لتلبية صرف رواتب الموظفين ونسوا هؤلاء المروجين لهذه الكذبة إننا نعيش زمن توفر المعلومة بكل سهولة عبر منافذ الانترنيت المختلفة ويمكن التأكد من مصدر وصحة كل رقم يقال وكان يتم الترويج لهذه الكذبة عبر مؤتمراتهم الصحفية ومقابلاتهم التلفيزيونيه وأحاديثهم عندما يلتقون بأي شريحة من شرائح المجتمع وكان آخرها حينما وقف رئيس الوزراء ليعطي أرقام بعدد الموظفين في الحكومة حيث كما قال إنه وصل إلى اربعة ملايين موظف والدولة غير قادرة على توفير رواتبهم لأنهم صدقوا كذبتهم وبدأ كل أحاديثهم يتمحور حول الكذبة..وإستمر رئيس الوزراء في القول ان في العراق اربعة ملايين موظف من مجموع عدد السكان الذي يقترب من اربعون مليون بينما في دول أخرى نفوسها تسعون مليون لا يتجاوز عدد العاملين فيها عن ثلاثمائة الف…كما قلنا من السهولة التأكد من ما قاله رئيس الوزراء وهل حقيقة إن نسبة الموظفين لعدد السكان هو الأعلى في العالم…لنضغط على زر البحث ونبحث عن نسبة عدد الموظفين بالنسبة للعالم حسب إحصائيات الامم المتحدة لسنة 2020 التي لم تنتهي بعد، فكانت المفاجأة حيث إن العراق يحتل مراتب متأخرة في نسبة عدد الموظفين أعمارهم فوق 15 سنة إلى عدد السكان المشمولين بالعمل وليس كما قال رئيس الوزراء حيث إن نسبة العراق 38% لنقارن هذه النسبة مع نسب الدول العربية أولا الفقيرة والتي فيها مشاكل فمثلا لبنان نسبتها 44%، ليبيا 40%، سوريا 40%، الصومال 42%، السودان 40%، كل هذه الدول نسب موظفيها أعلى من العراق لنستمر فنجد إن نسبة جيبوتي 54%، ونسبة مصر 42% ونسبة المغرب 41%، أما نسبة قطر والسعودية والامارات فهي مرتفعة جدا حيث قطر 87% والامارات 80%، السعودية 54% في الحقيقة العراق يأتي بالمرتبة 18 بين الدول العربية، ولو استمرينا في مطالعة الجدول نجد إن إيران وتركيا والدول الاوربية مجتمعة ودول امريكا الشمالية وكثير من دول أمريكا الجنوبية وغالبية الدول الأسيوية بما في ذلك بنغلادش والفلبين نسب الموظفين عندهم أعلى من العراق ومن يرغب في الاطلاع أكثر يمكنه الدخول على الرابط من موقع البنك الدولي
https://data.albankaldawli.org/indicator/SL.EMP.TOTL.SP.ZS
للأسف إن الموظف في العراق ضحية أكاذيب سوقت ضده فصدقها رئيس الوزراء وأخر رواتبهم بدون حق. فجاع الموظف وضحك المسؤول عليه.

أحدث المقالات