خاص: إعداد- سماح عادل
أعلنت مؤخرا نتائج المسابقة الأدبية للمركز الثقافي في جامعة البصرة، حيث فازت الشاعرة “مسار الياسري” بالجائزة الأولى في مجال الشعر، والشاعر “حيدر خشان” بالجائزة الثانية، وفاز بالجائزة الثالثة الشاعر “نور صبيح”. وفي مجال القصة فازت القاصة “سمية علي رهيف” بالجائزة الأولى، والقاص “أبو الحسن محسن دعير” والقاصة ” دعاء محمد جعفر” بالجائزة الثانية مناصفة، والقاص”سجاد محسن وحيد” بالجائزة الثالثة.
وقد جاءت المسابقة تحت شعار (بالثقافة نتحدى الجائحة) وقد أقامها المركز الثقافي لجامعة البصرة بالتعاون مع عدة جهات مساهمة وكانت المسابقة الأدبية لمجالي القصة القصيرة والشعر.
وقد أقيم احتفال لتوزيع الجوائز على الفائزين في رئاسة جامعة البصرة.
الجوائز..
وكانت الجوائز عبارة عن :
1- درع مقدم من المركز الثقافي لجامعة البصرة وشهادة تقديرية.
2- صولجان التميز والإبداع قدم من ملتقى “مؤثرون” للمركز الأول من كل فئة (شعر- قصة) وهو من عمل النحات “عدنان عبد الصاحب”، وشهادة التقدير العالي.
3- لوحة فنية قدمها ملتقى”مؤثرون” للمركز الأول من كل فئة، من عمل المبدعة “إيناس المسعودي”.
4- تطبع النصوص العشرة المتأهلة، من كل فئة، بكتاب خاص يحمل اسم المسابقة، حيث تتكفل جامعة البصرة بمراجعة الأعمال الفائزة ونشرها وتوزيعها وفق عقد كتابي.
5- تترجم القصص التي تحمل طابعاً إنسانيا أو فكرياً متجدداً إلى لغات أخرى.
6- تنشر النصوص الثلاثة الفائزة من كل فئة في جريدة رسمية.
شروط المسابقة..
يذكر أن شروط المسابقة كانت:
1- المسابقة مخصصة لفئة الشباب من عمر 18-40 سنة ، تشجيعا للمواهب والطاقات الشابة واكتشاف قدراتها في الشعر والقصة من أجل تبنيها وتطويرها.
2- يرسل المشارك نصا واحدا (شعري، قصصي) يتضمن موضوعا جماليا له علاقة بالوطن، وتحدي الأزمات والانطلاق نحو مستقبلٍ يعزز الإنسانية و التطور، بعيد عن أي تحريض سياسي أو ديني أو الإساءة إلى أي شخصية أو جهة.
3- أن لا يكون العمل المشارَك به قد حصل على أي جائزة مسبقاً أو طبع ضمن إصدار أدبي وأن لا يُنشر ألا بعد إعلان النتائج.
4- أن تكون المشاركة مطابقة لمعايير الأدب العربي الرصين واللغة الأدبية الراسخة والرؤية المبتكرة المتّزنة وخالية من الأخطاء الإملائية والنحوية .
5- لا تدخل في المنافسة الومضات القصصية, الومضات الشعرية والخواطر.
6- المسابقة مفتوحة لكل الشعراء والقصاصين العراقيين ومن كلا الجنسين.
7- المواد المشاركة في المسابقة لا ترد الى أصحابها وللجامعة حق التصرف بها.
8- أن يكون المتسابق مستعداً لمناقشة عمله أمام اللجنة المتخصصة للمراحل النهائية للمسابقة.
كوفيد شاذ..
وقد حصدت المركز الأول لفئة القصة الكاتبة “سمية علي رهيف” عن قصتها بعنوان “كوفيدُ شاذ”.
وقد خصت “كتابات” بنشر قصتها الفائزة:
قصة “كوفيد شاذ”..
“أسبح في الهواء خاملةً متهالكة، أتوارى مستعينة بضآلتي عن الأبصار، وتلتقطني عيونهم الصناعية المكبّرة. لا أذكر نوع المكان الذي نشأت فيه، جلّ ما أذكره هو إني أعتدت على الانتقال بسرعة وخفة، لأضمن لنفسي التكاثر والعيش والاستيطان.
لا قاعدة ثابتة، تعمدتُ أن أصيب فرداً من كل صنف، فاقت قدراتي مقدرة المرء على استيعاب حقيقتي، والإلمام بجوانب إمكانياتي وتطويق هذه الإمكانيات.
تناقلتُ مع حفنةٍ من عائلتي، وشاهدتُ بعض الفتية المتوارين خلف أبواب المقاهي المقفلة، يدخنون بشراهة فتّاكة، وينفثون دخانهم في الهواء برتابة مستمرة. بعضهم لم يعر الأمر أي اهتمام يذكر، استهزؤا وتعالت أصواتهم بالتفنيد والتكذيب عن حقيقة وجودي وقواي. انفصلت من حفنتنا واحدة وجدت ضالتها على أنف رجل، بعد أن وجدت من السهل جداً إصابة العشرات من هؤلاء الساكنين في وحل القذارة. بينما تعلّقنا بكمّ رجلٍ آخر ألفيناه متكئاً على كرسي قذر، ما هي إلا دقائق حتى انتفض من مكانه وغادر المقهى بخطوات أشبه بالرفس.
رائحة المال تفوح من يديه، لكنهما خشنتين، ليس ثرياً ولكنه اعتاد العمل مع الأثرياء، وكلّت يداه من عدِّ أموالهم التي لا تنفد. وصل إلى حديقة مسيّجة بعناية تعيث بها النفايات الفساد. وهناك قابل أحداهن، جاءته تتلفت من وجلٍ وليس من استحياء. قضى منها وطراً خلف شجرة عملاقة متهالكة في وسط الحديقة، همس لها بكلمات حب، لكن أختي التي اخترقت جهازه التنفسي بخفّة، أوحت لنا بشيء من أحاسيسه النادمة. هو نادم على المرأة الواقفة بين يديه رغم إنه يحبها بصدق، هو نفسه لا يعرف كيف يجتمع الحب مع الندامة، لكن هذا هو مذهبه الأزلي فيه، كما أحب والدته وندم إنه ابنها، وأحب والده المرحوم وندم إنه من صلبه.
غادرنا مع رجلنا النادم إلى بيته، هناك استقبلته والدته بذعر، واستبقت إغلاقه للباب، بأن نعت له إصابة جارتها بواحدةٍ من فصيلي. وبحسب ما وصفته من حال الجارة بأنها ذوت بالتدريج، وجفت في فِيها الكلمات، وبالكاد بقيت قادرة على رسم ابتسامة ضنكة في طرف فمها، تكشف عن نابٍ أصفر مسوس الجذر.
ظنت العجوز أن بلور النوافذ الذي يفصل بينها وبين جارتها المريضة، يمكن أن يوصلنا إليها، لذا قامت ورقمته بالطين، لتتنفس الصعداء بعد أن قطعت عن عشيرتي آخر سبيل للوصول. نأت واحدة منا بنفسها، واستقرت على وجه العجوز ومن ثم اقتحمت جوفها.
أما أنا فآليتُ عدم التسرع، فبعد الجولة السريعة التي قمتُ بها خلال الساعات القليلة الماضية، رأيتُ كيف عاثت عشيرتي الفساد في المشفى، بانتهاكهم حرمة كل جسد، واستيطانه. ورأيتُ البشر يتزاحمون على الأسرّة والمقاعد في المستشفيات، والمستوصفات، وعيادات الأطباء. فارقت الابتسامة سحنات البعض، بالطبع فزيارتي لا تبّشر بقدوم بواكير الخير، حيث يصارع المرء أهوالاً من الأعراض النفسية قبل الجسدية، ليصل الى خواتيم الأمر، إما الغلبة أو الهزيمة.
رُمي البعض ممن خسروا معركتهم معنا تحت هجير الشمس، في محاولة من بين سرب من المحاولات للقضاء على قبائل أخواتي اللواتي بَنَينَ مستعمراتهن في تلكم الأجساد.
وأصبح لكل شيء في الحي أجل… أجلٌ لإطفاء أضواء واجهات المحلات، أجل للعودة باكراً إلى البيت، أجل للقاءات، وأجلٌ غدا يُعد على الأصابع لأولئك المصابين بي. ولكن لم أشهد أجلاً لجهلهم، هل تناسوا الحديث به، أم هم على قناعة بحالهم. تساءلت كيف السبيل إلى موقع الجهل في أبدانهم؟ أمامي دقائق معدودة، إما أن أضع حداً له أو يضعون حداً لي.
وفي لحظات ضعفي الأخيرة، وأنا بالكاد أصارع البقاء، دخل عليهم ضيفٌ ذا صوت مرنان، بانَ عليه أدعاء الحصافة والتديّن، راودني شعور بأن هذا هو مبتغاي، وفيهِ سيطيب لي المكوث، ومنه سيتحقق حلمي.
وفي اللحظة التي حاول فيها الاستقامة ناهضاً، استند بيده إلى حافة الفراش الذي أتمدد عليه، تعلّقت به، واقتحمته، لكن بدلاً من إتباع خط السير المعهود وصولاً إلى الكيسين في تجويف البطن، صعدت إلى الأعلى، باحثاً عن مقر الجهل.