كتب أحد السفراء العراقيين مؤخرا مقالا عن أنجازات الدبلوماسية العراقية من خلال وفدها الى الدورة العادية السنوية للامم المتحدة حيث كان السفير أحد أعضاء الوفد ، والمقال فى مجمله عبارات وكلمات عامة فى مجملها أشادة بوزير الخارجية ونشاطه الدبلوماسي . وفى الاسبوع الماضى سافر وفد عربي من الدولة التى يوجد فيها هذا السفير الى العراق ، وكانت مهمة الوفد التوسط للسفير المذكور لدى حكومته لكى تمدد له خدمته التى أنتهت بالتقاعد حسب قانون الخدمة العراقية ، وقد نجحت مهمة الوفد كما كتب أبرز أعضائه فى مقاله الاسبوع فى أحدى الجرائد ( وهو وزير سابق فى حكومة بلاده ) فوافقت الحكومة العراقية على مد خدمة السفير لثلاث سنوات بعد أنتهاء خدمته ، قد يكون فى مد خدمة السفير مصلحة لوزارة الخارجية العراقية وقد يستحق السفير هذا الاستثناء وهو أمر لا أعتراض عليه بسبب كثرة الاستثناءات فى مد خدمة رجال الدبلوماسية العراقية المرضى عنهم ومن لهم سند فى دهاليز الاحزاب الدينية والكردية المتسلطة على قرارات تعيين السفراء ونقلهم وتمديد خدماتهم حسب درجة علاقة السفير بها . ولكن الشىء الغريب هو الاستعانة بجهات غير عراقية فى شأن عراقى بسيط لا يستوجب سفر وتدخله ، لان مثل هذه التدخلات تكون فى قضايا تتعلق بحياة شخص أومجموعة أو لشفاعة أنسانية ، لكن لم يسبق مثل هذا التدخل فى مثل هذه القضية . وتحضرنى فى هذه المناسبة كلمات سمعتها من شخصية دبلوماسية هندية ( المستر كول الوكيل الاول لوزارة الخارجية الهندية فى الستينات من القرن الماضى ) يقول كنت سفيرا للهند فى طهران لعدة سنوات ومع الوقت بدأت أشعر بعاطفة محبة لايران فكتبت رسالة الى الزعيم الهندى الكبير ( نهرو …تربطه علاقة قرابة معه ) وطليت منه نقلى من أيران وقد تم ما أردت فعلا ، سألناه عن السبب فقال لاننى خشيت أن تتأثر تقاريرى الى حكومتى وتقييمى للعلاقات بين البلدين بهذه العاطفة .
نعود الى قضية الدبلوماسية العراقية فالمعلوم بأن هنالك ثلاثة قضايا وطنية المفروض أنها تحتل المرتبة الاولى فى نشاط الدبلوماسى العراقى وهى :
1 / قضية الحدود مع الكويت وبالاخص الحدود البحرية وخور عبدالله .
2 / قضية المياه والانهار مع تركيا وأيران وما تعرضت له مصالح ملايين الفلاحين العراقيين من تهديد وأستباحة بسبب قط الانهار القادمة من أيران وتقليص حصة العراق من مياه دجلة والفرات .
3 / سيف الفصل السابع المسلط على العراق منذ 1990 ودور الكويت التخريبى فى أستمرار هذا الاذى .
وواقع الامر أننا لم نعرف دورا مهما للدبلوماسية العراقية فى أى من هذه القضايا الوطنية المصيرية كما أن مقالة السقير المحترم فى عرضه لنشاط وفد العراق لم يتطرق الى هذه القضايا ، بل العكس هو الصحيح ففى موضوع خور عبدالله وضم أراضى من أم قصر للكويت ظلما وأستنادا الى قرار جائر من الامم المتحدة لم تعرف له المنظمة الدولية أو العلاقات بين الدول مثيلا والذى تم فرضه بأرادة بريطانية أمريكية ظالمة ، دافع وزير الخارجية بحرارة عن الاتفاق الذى كتبت بشأنه مقالات عديدة وتحدثت عنه أطراف سياسة وبرلمانية ، ويعرف أى طالب أبتدائية عراقى أن ٍهدفه خنق العراق بحريا لغرض فى نفس الكويت غذاه الحقد والكراهية ورفض أقامة علاقة طبيعية بين البلدين ، وقد أثارت أوساط برلمانية وصحفية علامات أستفها كبيرة حول تمرير هذا الاتفاق الذى خنق العراق وسلبه حقوقه البحرية وممره الوحيد الى الخليج العربى .