فرنسا تعاقب تركيا بحظرها لـ”الذئاب الرمادية” .. فهل يشتعل التوتر ويتدخل الاتحاد الأوروبي ؟

فرنسا تعاقب تركيا بحظرها لـ”الذئاب الرمادية” .. فهل يشتعل التوتر ويتدخل الاتحاد الأوروبي ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

تزداد الأزمة بين “تركيا” و”فرنسا” اشتعالاً، فبعد أن قاد الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، حملة مقاطعة البضائع الفرنسية بذريعة الرد العملي من جانب العالم الإسلامي على تصريحات الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، التي دافع فيها عن الاستمرار في نشر الرسوم المسيئة لرسول الإسلام.

فقد أعلن وزير الداخلية الفرنسي، “غيرالد دارمانان”، الأربعاء، أن مجلس الوزراء اتخذ قرارًا يقضي بحظر الجمعية المسماة بـ”الذئاب الرمادية” على الأراضي الفرنسية، وذلك لعدم امتلاكها شخصية اعتبارية، متهمًا إياها بأنها: “شجّعت على الكراهية والتمييز وشاركت في أعمال عنف”.

وجاء قرار الحكومة الفرنسية بعد تشويه نصب تذكاري لتكريم ضحايا مذبحة الأرمن في زمن الدولة العثمانية؛ قرب مدينة “ليون”، بكتابات شملت عبارة: “الذئاب الرمادية”.

وهو الأمر الذي اعتبرته “أنقرة” عملاً استفزازيًا؛ واصفة وجود الجمعية بـ”الخيالي” ومتوعدة بالرد على القرار.

وبدورها حذرت “فرنسا” من عقوبات على “تركيا”؛ بسبب الهجوم الحاد من الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، ومسؤولي حكومته عليها.

لا وجود قانوني “للذئاب الرمادية” في فرنسا..

وقالت “وزارة الخارجية” التركيّة، في بيان، إن: “عدم وجود جمعية مسماة بـ (الذئاب الرمادية)، التي أعلنت الحكومة الفرنسية حظرها، أمر يعرفه الجميع أصلاً.. لجوء فرنسا إلى مثل هذه “القرارات الخيالية”؛ وافتراض وجود مثل هذا الكيان إنطلاقًا من تحركات وأعمال فردية لبعض الأشخاص، يعد آخر مظهر من مظاهر التناقض النفسي لها”.

واعتبر البيان أنه من غير المقبول حظر الرموز المستخدمة في العديد من دول العالم، والتي ليس لها أبعاد غير قانونية، لافتًا إلى أن من يؤكدون استحالة تقييد حرية التعبير بأي شكل من الأشكال عندما يمسهم الأمر، يمكنهم بسهولة فرض قيود على حرية التعبير حينما يتعلق الأمر بالآخرين.

واتهم البيان، الحكومة الفرنسية، بالتسامح مع جمعيات تابعة لـ”حزب العمال الكُردستاني”، (المحظور)، وحركة “الخدمة” التابعة للداعية، فتح الله غولن، التي تتهمها “أنقرة” بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة، في 15 تموز/يوليو 2016، والذي قال إنها تنشط بشكل علني في جميع أنحاء “فرنسا” منذ سنوات.

وأضاف البيان: “الحكومة الفرنسية تظهر مرة أخرى، عبر قرارها، مواصلتها تجاهل التحريض والتهديدات والهجمات المتزايدة مِن قبل الشتات الأرمني المتعصّب في البلاد، ضد مواطني تركيا وبعثاتها الدبلوماسية”، معتبرًا أن هذا الموقف “المنافق”؛ والقرار الاستفزازي يذكّر بالسجل السلبي لفرنسا في مكافحة المنظمات الإرهابية التي تستهدف الدبلوماسيين الأتراك.

من جهته؛ عبر “الاتحاد التركي” في فرنسا، عن إنزعاجه واستغرابه مِن قرار الحكومة الفرنسية؛ بحظر جمعية “الذئاب الرمادية”، التي لا وجود قانونيًا لها في البلاد.

توتر بين الجاليتين الآرمينية والتركية..

القرارالفرنسي تزامن مع توترات حادّة في “فرنسا” بين الجاليتين الآرمينية والتركيّة بخصوص النزاع حول إقليم “ناغورني قره باغ”، حيث تدعم تركيا حليفتها، “آذربيغان”، في حربها التي تخوضها مع “آرمينيا” حول الإقليم.

وتدخلت قوات الأمن الفرنسي في مدينة “ديسين شاربيو”، مساء الأربعاء، لمنع 250 فردًا مِن الجالية التركية مِن الاشتباك مع أفراد الجالية الآرمنية، بعد أن أدت اشتباكات مماثلة بين الجانبين إلى إصابة 4 أشخاص.

سيدفع الاتحاد الأوروبي للتدخل..

الباحث في معهد “باريس” للجيوبوليتيك، “فيصل جلول”، اعتبر أن الإجراء الفرنسي ليس قضية دينية، لأن التنظيم المقصود بالحظر علماني، ولا يملك ترخيصًا لمزاولة نشاطه، علاوة على طبيعته الشوفينية وتورطه بأعمال عنف.

ووضع “جلول” التوتر “الفرنسي-التركي” الجديد، في إطار الصراع القائم بين البلدين حول “ليبيا” و”ناغورني قره باغ”، مستبعدًا في الوقت نفسه لجوء التنظيم ،”الذئاب الرمادية”، لعمليات انتقامية، مشيرًا إلى أن أي تصعيد “فرنسي-تركي” من هذا النوع سيدفع “الاتحاد الأوروبي” للتدخل.

ما هي “الذئاب الرمادية” ؟

تأسست هذه الحركة القومية المتطرفة، نهاية الستينيات من القرن الماضي، جامعة شبابًا يؤمنون بنظرية “تفوق العرق التركي”، ويطمحون إلى توحيد المنتمين إلى القومية التركية حول العالم في بلد واحد، وأصبحت الجناح العسكري المسلح لـ”حزب الحركة القومية” التركي المتطرف.

وأسس الحركة الضابط في الجيش التركي، “ألب أرسلان توركش”، المعروف بأفكاره العنصرية وإيمانه بنظريات الأعراق المتفوقة.

وتعرف حركة “الذئاب الرمادية” بإرتباطها الوثيق بـ”حزب الحركة القومية” التركي، الذي يتزعمه، “دولت بهشلي”، المتحالف مع حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، برئاسة “إردوغان”.

ويميز أعضاء الحركة رفعهم إيماءة مميزة باليد، ترفع خلالها السبابة والخنصر؛ بينما تضم باقي الأصابع إلى بعضها مشكلة ما يشبه رأس ذئب.

ووفقًا للسلطات التركية، نفذت المجموعة 694 هجومًا، بين أعوام 1974 و1980، راح ضحيتها الآلاف.

كما يعتقد أن المنظمة قاتلت في “آذربيغان” ضد “آرمينيا”، قبل أن تتورط في محاولة انقلاب أدت إلى حظرها هناك، كما أنها حظرت في “كزخستان”، في العام 2005.

كما شاركت المنظمة في الصراع بين القبارصة الأتراك واليونانيين في “قبرص”، ودعمت “الأويغور” في إقليم “شينغيانغ” الصيني، وقاتلت في حربي “الشيشان” الأولى والثانية ضد الروس، وفي السنوات الأخيرة ظهرت تقارير تتحدث عن تنسيقها مع تتار شبه جزيرة “القرم” و”تُركمان سوريا”.

وينتشر التنظيم بشكل كبير في أوروبا، إذ تتحدث تقارير، غير مؤكدة، عن أن عناصرها في “ألمانيا” يقدرون بـ 18 ألف شخص، مما يجعلها أكبر تنظيم سري في البلاد.

وتقول تقارير إن أفكار المنظمة تحظى بقبول كبير داخل الجيش التركي، كما أن هناك صورًا للرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، وهو يقوم برفع إشارة اليد الشهيرة لدى المنظمة، لكن كثيرين ينفون أن “إردوغان” يقصد بها “حركة الذئاب الرمادية”.

مع هذا يقول؛ باحثون إن هذه الإشارة، التي تشبه “رأس ذئب”، لا تشير بالضرورة إلى الانتماء إلى منظمة “الذئاب الرمادية”، لكنها قد تعني – بشكل واسع – التعاطف معها.

ويعود اسم التنظيم إلى أسطورة قديمة، غير واقعية، تتحدث عن حرب إبادة تعرض لها الترك، ولم ينج منها سوى طفل واحد، اضطر إلى الزواج بذئبة وأنجب منها 12 شخصًا أعادوا بناء القبائل التركية.

وتتبنى الحركة أفكارًا مؤيدة للعنف والتغيير بالقوة، كما أن مقالات منسوبة لها دعت إلى عمليات تطهير عرقي ضد قوميات مختلفة، وركزت بالتحديد على “الكُرد” و”الأرمن”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة