خاص : كتبت – نشوى الحفني :
اليوم، يضع الأميركيون نهاية لسباق انتخابي استثنائي في تاريخ الولايات المتحدة، التي تعاني وطأة انتشار وباء “كورونا” المستجد، (كوفيدـ19).. وسط تكثيف المرشحان الجمهوري، “دونالد ترامب”، والديمقراطي، “جو بايدن”، من جهودهما لجذب أصوات الناخبين.
وسجلت الحملات الانتخابية هذه المرة أرقامًا قياسية؛ من بينها أنها الأعلى تكلفة في تاريخ الولايات المتحدة، بقيمة 14 مليار دولار، فضلاً عن إقبال غير مسبوق للناخبين على تصويت مبكر تخطى حاجز الـ 93 مليون صوت؛ ما جعله معدل التصويت الأعلى منذ نحو قرن.
ومع بدء التصويت تتزايد التكهنات حول إعلان النتائج، خاصة توقيتها.
لن يكون يومًا حاسمًا..
الكاتب “دوف زاكهايم”، نائب رئيس مركز “ناشونال إنتريست” الأميركي، يقول إن الثالث من تشرين ثان/نوفمبر ربما يكون يوم الانتخابات، إلا أن الجميع يتفق تقريبًا على أنه لن يكون يومًا حاسمًا.
وأوضح “زاكهايم”، في تقرير نشرته مجلة (ناشونال إنتريست)؛ أن بطاقات الإقتراع التي يتم إرسالها بالبريد في ذلك اليوم؛ يمكن أن تستمر عملية فرزها حتى يوم الجمعة، السادس من تشرين ثان/نوفمبر، وقال إنه هنا ستبدأ ما أسماه “الحماقات الانتخابية”.
وأشار إلى أنه إذا خسر “دونالد ترامب” الانتخابات، بحصول منافسه، “جو بايدن”، على 375 صوتًا على الأقل في المجمع الانتخابي، فإن مستشاريه ربما يقنعونه بمغادرة “واشنطن” وأن يظل صامدًا استعدادًا لمعركة أخرى، ربما عن طريق إنشاء محطة تلفزيونية خاصة به، أو ربما من خلال الاستمرار في مخاطبة عقل الجمهور عن طريق إطلاق التغريدات.
من ناحية أخرى، فإنه قد يختار الطعن حتى في نتيجة غير متناسبة في المحاكم.
قد يواجه اتهامات وملاحقة قضائية..
ويقول الكاتب إنه يجب على “ترامب” أن يشعر بالخوف من إمكانية أن تسعى المدعية العامة لنيويورك، “ليتيتيا جيمس”، بتوجيه اتهام إليه وملاحقته قضائيًا والسعي لسجنه بناء على اتهامات متنوعة تتعلق بالإحتيال.
وأشارت “جيمس”، في أكثر من مرة؛ أنها مستعدة للقيام بذلك بمجرد ترك “ترامب” منصبه. ولم تكن “جيمس” الوحيدة التي تعتزم ملاحقة “ترامب”، حيث يسعى ممثل الإدعاء لمنطقة مانهاتن، “سايروس فانس”، نجل وزير الخارجية الراحل في عهد الرئيس الأسبق، “جيمي كارتر”، وهو ديمقراطي مثل أبيه، وكذلك “جيمس”، للحصول على سجلات “ترامب” الضريبية.
ويحقق “فانس” في مدفوعات “ترامب” المزعومة لامرأتين، إحداهما ممثلة إباحية والأخرى عارضة أزياء، مقابل إسكاتهما أثناء حملة انتخابات الرئاسة، لعام 2016، بخصوص علاقات مزعومة خارج نطاق الزواج.
ودائمًا ما ينفي “ترامب” تلك الاتهامات، لكنه بمجرد تركه منصبه سيكون من الصعب عليه عرقلة مضي التحقيق قدمًا، وبناء على ذلك، ربما يختار “ترامب” عدم الإذعان لأي نتيجة ما لم تصل إلى “المحكمة العليا”، حيث يعول على دعم الأشخاص الثلاثة الذين قام بتعيينهم، أما مسألة إصدارهم حكم لصالحه فهو شأن آخر رغم ذلك، وستعتمد القضية بالطبع على التفاصيل، وكيفية تقديم المحامين أدلتهم.
من سيسيطر على مجلس النواب ؟
ومن المؤكد أن يحتفظ الديمقراطيون بالسيطرة على “مجلس النواب”، ولكن تركيبة “مجلس الشيوخ” لن تتحدد يوم الانتخابات، بسبب تأخر فرز الأصوات. ومع ذلك، فبمجرد أن يتم فرزها، يمكن لـ”مجلس الشيوخ” أن ينتقل إلى الديمقراطيين. ومن غير المرجح أن تعود “سوزان كولينز”، من ولاية “مين”، و”كوري غاردنر”، من “كولورادو”، و”مارثا ماكسالي”، من ولاية “أريزونا”، إلى مجلس الشيوخ. وهذا يعني أنه في حالة بقاء “ترامب” في منصبه، فإن الديمقراطيين سيحتاجون إلى صوتين إضافيين للسيطرة على مجلس الشيوخ، أحدهما لتعويض خسارة “دوغ غونز” المحتملة، في “آلاباما”، والثاني لتجنب مجلس مقسم بالتساوي يتيح لـ”مايك بنس” فرصة التمتع بالصوت الحاسم.
وستعني سيطرة الديمقراطيين على مجلس الشيوخ أن، “بيرني ساندرز”، سيترأس لجنة الموازنة، وبجانب الديمقراطيين اليساريين في مجلس النواب، وخاصة أعضاء كتلة خفض ميزانية الدفاع، سيدفع من أجل جدول أعمال اجتماعي جذري بينما يدعو إلى إجراء تخفيضات كبيرة في الإنفاق الدفاعي.
وبلا شك سيستخدم “ترامب” الفيتو ضد أي تشريع جذري ولن يكون للديمقراطيين أصوات كافية لتجاوزه. ومن ناحية أخرى، سيكون الديمقراطيون في وضع أفضل كثيرًا لعرقلة تعييناته القضائية وغير ذلك من التدابير التي ربما يؤيدها بمجرد سيطرتهم على الكونغرس بمجلسيه.
ويختم الكاتب تقريره بالقول: “إن الجمود في هذه الحالة أفضل من الفوضى التي أصبحت سمة مميزة لسياسة واشنطن، منذ 20 كانون ثان/يناير 2017”.
يمكن إعلان الفائز نهاية اليوم..
فيما رأى موقع (بي. بي. سي) البريطاني؛ أنه من الممكن إعلان النتيجة نهاية يوم التصويت، فعلى الرغم من التأخير البريدي، وبناء على استطلاعات الرأي الحالية، لا يزال من الممكن عدديًا إعلان الفائز نهاية يوم التصويت، لكن بالنسبة لأي من المرشحين، فإن الأمر يتطلب فوزًا ساحقًا.
ويتعين على “جو بايدن” أو “دونالد ترامب”، للفوز بتذكرة مرور ذهبية لدخول “البيت الأبيض”، الفوز بـ 270 صوتًا أو أكثر من أصوات أعضاء المجمع الانتخابي، وذلك لأن الرئيس لا يجري اختياره مباشرة من قبل الناخبين، ولكن من خلال ما يعرف بالمجمع الانتخابي.
ويعتمد عدد الأصوات الانتخابية الممنوحة لكل ولاية على حجم سكانها تقريبًا، لذا فإن الطريقة التي يصوت بها الناخبون في كل ولاية، وبالتالي لمن تذهب هذه الأصوات الانتخابية، يعد أمرًا بالغ الأهمية.
وكان 69.5 مليون أميركي قد أرسلوا فعلاً بطاقات إقتراعهم بالبريد أو صوتوا مبكرًا، وتعني مثل هذه الزيادة الهائلة في التصويت المبكر أن أكثر من نصف الأصوات التي جرى فرزها، خلال انتخابات عام 2016، قد أُدلي بها بالفعل.
ففي عام 2016، احتفل “ترامب” بفوزه في حوالي الساعة 02:30 بتوقيت شرق الولايات المتحدة، (07:30 بتوقيت غرينتش)، بعد أن وضعته ولاية “ويسكونسن” على حد الفوز بتسجيل 270 صوتًا انتخابيًا. وعلى الرغم من ذلك، ونظرًا للارتفاع الكبير في عدد الأصوات بالبريد، فمن غير المرجح أن تعلن العديد من الولايات الحاسمة، (تلك التي يمكن أن يفوز بها أي من المرشحين)، نتيجتها في الليل.
وتعد ولايات “ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن” جميعها، ولايات متأرجحة بالغة الأهمية، تبدأ عملية إدارة وفرز الأصوات البريدية في يوم الانتخابات، كما أنها معرضة لجميع عمليات إعادة فرز الأصوات والدعاوى القضائية المحتملة المهمة، إذا كانت النتيجة متقاربة.
وعلى الرغم من ذلك، ينعقد الأمل على ولاية “فلوريدا”. وباعتبارها أكبر ولاية، تسهم بـ 29 صوتًا انتخابيًا، فإن التصويت بها سيكون مؤشرًا على ما إذا كان أي من المرشحين لديه أي فرصة لإعلان فوزه ليلاً أم لا.
تبدأ ولاية “فلوريدا” في معالجة بطاقات الإقتراع البريدية والتحقق منها حتى 40 يومًا قبل الانتخابات، ومع فرز ما يزيد على 2.4 مليون صوت بريدي بالفعل، لا يزال يوجد جبل صغير من الأظرف، لكن فرصة إعلان الولاية النتيجة في الليل أكبر مقارنة بمعظم الولايات المتأرجحة الأخرى.
وإذا خسر “بايدن”، الذي يتقدم حاليًا بحسب استطلاعات الرأي، ولاية “فلوريدا”، فسيكون ذلك علامة على أنه من غير المرجح إعلان فوزه في نفس الليلة، ولا يزال بإمكانه تجاوز حد 270 صوتًا انتخابيًا من خلال حصوله على مزيج من الأصوات في ولايات “نورث كارولينا” و”أريزونا” و”أيوا” و”أوهايو”، لكن جميع المسارات المرجحة تنطوي على مشاركة “فلوريدا” حتى يتمكن “بايدن” من الفوز بالانتخابات في الليل.
ومع تراجع “ترامب” حاليًا في استطلاعات الرأي، فحتى لو فاز الرئيس بولاية “فلوريدا”، سيظل غير قادر على إعلان الفوز في نهاية يوم التصويت، نظرًا للعدد الهائل من الولايات المتأرجحة التي من غير المرجح أن تعلن نتائجها نهاية ذلك اليوم، ما لم تكن استطلاعات الرأي خاطئة بالطبع.
وقد أثبت التاريخ، بما في ذلك الانتخابات الأميركية عام 2016، أن استطلاعات الرأي يمكن أن تخطيء في توقعاتها.
هل تسعى شبكات التلفزيون لإعلان النتيجة ليلاً ؟
وحول ما إذا كانت شبكات التلفزيون الأميركية ستسعى لإعلان النتيجة ليلاً، ذكر موقع (بي. بي. سي) أنه في الانتخابات السابقة، “أعلنت” شبكات التلفزيون الأميركية الرئيسة النتيجة قبل فترة طويلة من فرز جميع الأصوات.
فمن خلال التعاون مع شركات استطلاعات الرأي، والشركات التي ترصد أصوات الناخبين بعد التصويت في اللجان الانتخابية، تتسابق الشبكات الرئيسة من أجل التفوق على منافسيها لتكون أول من يعلن الفائز بسباق الانتخابات الأميركية.
فبمجرد “إعلان” وسائل الإعلام النتيجة، من المتوقع أن يتنازل المرشح “الخاسر” بسرعة، قبل أن يذهب الجميع إلى الفراش، حتى يتمكن الفائز من إعلان فوزه في تلك الليلة على نفس الشبكات.
وهذه طريقة رائعة لضمان نشر أخبار تلفزيونية درامية، ولكن في عام 2020، مع انتظار ملايين الأصوات البريدية التي تنتظر الفرز، سيعتمد الكثير أيضًا على قوة وصبر وسائل الإعلام الأميركية في الليل.
تكرار لفوضى ما بعد 2000..
ويخشى كثيرون أن يكون هذا العام بمثابة تكرار للفوضى التي أعقبت عام 2000، أثناء سباق “البيت الأبيض”، بين “جورج دبليو بوش” و”آل جور”.
فقبل عشرين عامًا، في ليلة الانتخابات، وعلى الرغم من أن العديد من استطلاعات الرأي كانت متقاربة جدًا من نتيجة الانتخابات، أعلنت العديد من الشبكات التلفزيونية فوز “آل جور” بولاية “فلوريدا” المتأرجحة الرئيسة، قبل أن ينتقل الفوز لاحقًا إلى “بوش”، واعترف “آل جور” بالهزيمة، وأصبح واضحًا أن السباق في “فلوريدا” كان متقاربًا للغاية، ثم تراجع “آل جور” بعد ذلك عن إعلانه الهزيمة.
وعلم الأميركيون بعد 36 يومًا وبعد قضية أمام “المحكمة العليا”، أن “آل جور” فاز في التصويت الشعبي على المستوى الوطني، لكن “بوش” فاز في تصويت المجمع الانتخابي؛ وبالتالي فاز برئاسة البلاد.
وتعاني أميركا، عام 2020، من شلل بالفعل بسبب جائحة فيروس (كورونا)، فضلاً عن أنها تشهد انقسامًا بسبب حركة “حياة السود مهمة”، والآن يتعين على الأميركيين انتظار رئيسهم القادم.