عجيب هو حال العراق وما وصلت إليه أوضاعه، فلا منطق واضح يمكن تصوره ليقاس عليه أي من أحداثنا، ولا فكر أو أيدلوجيا معروفة ليقارن بها ما يجري الأن..
سخونة الأحداث والأنهيار الأقتصادي للبلاد، خلق صراعا من أربعة محاور للأستحواذ على الساحة من أجندات إقليمية ودولية وأخرى حزبية تيارية.. كل ذلك جعل الوضع صعب التفسير.. ففي شوارع التحرير والحبوبي فوضى وخليط، وتغير. تبدل الرجال وبغمضة عين عبد المهدي “شال” الليلة كلها وجيء الكاظمي، وتصورنا أننا ذاهبون بإتجاه ما.. لكننا وبتزامن لتغريدة الصدر الأخيرة والصمت الإعلامي للناشطين المستفيدين من الحكومة الجديدة.. لنفاجأ بإسكات الشارع وإعادة الحياة للتحرير!
كل ذلك التراجع في دعم التظاهرات، يعزوه بعضهم لإنشغال أمريكا بالإنتخابات.. في معركة مستمرة بين ترامب وبايدن، ينتظرها بعض العرب والعراقيين كثيرا..
الأول يستخدم ورقة اليهود للظفر بالولاية الثانية، التي تشغل الرأي العام حاليا.. التطبيع الذي أعلنه أشقائنا العرب مع أسرائيل، يمثل ورقة الحظ التي يلعب بها ترامب، وما كشف ذلك للعلن، وما يؤكد أنه من سينتصر في الأنتخابات تصريحان له:
الأول هو قوله أنه في حال خسر الإنتخابات فلن يبقى في أمريكا، وهذا له تداعيات كبيرة على بورصة وول ستريت، ومن شأنه أن يأثر سلباً على الأقتصاد الأمريكي، الذي لا يستطيع أن يتحمل أكبر من الخسارة التي تحصل له الآن، في ظل تنامي وإزدهار للأقتصاد الصيني المنافس الوحيد له في المنطقة! بالإضافة إلى خسارة أربعة مليون أميركي لوظائفهم.
التصريح الآخر وهو الأهم، حين صرح رئيس الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين الذي يقود علاقة التطبيع مع الدول العربية، أن إعلان إتفاق السلام بين السعودية و “أسرائيل” سيحدث بعد أنتهاء الإنتخابات الرئاسية الأمريكية، وفق ما نقلته قناة 12 العبرية.
وأوضح كوهين أن سبب الموعد المقترح، يعود إلى رغبة الرياض في تقديم التطبيع “كهدية” للرئيس الأمريكي المنتخب، سواء كان دونالد ترامب أو منافسه الديمقراطي جو بايدن.
بما أن صاحب فكرة التطبيع وقبول الصهاينة في المنطقة هو الرئيس الحالي فاليهود لن يستغنوا عنه وسيظفر بالولاية الثانية.. ومن المتوقع أن يغرد على تويتر ويكتب عبارة (ماننطيها) أسوة بمثيله السابق في العراق، فكلاهما يتصفان بالرعونة..
ما يهمنا أن نعلم ما هية تداعيات فوزه بالرئاسة على الوضع الإقتصادي العراقي، هل يعود بالمنفعة على المنطقة، ويعيد الأستقرار الإقتصادي والخدمي لها، ويحجم من مشاكلهم مع إيران داخل العراق، وهذا الأقرب نظراً لمقتضيات المرحلة، التي يحتاجون بها وطننا بأن يكون بوصلة التقارب لا التباعد، لحل النزاعات وتقريب وجهات النظر..
دائما هناك وجه آخر للعبة، فمن الممكن أن يجعل بلدنا بقرة أخرى يحلبها الأصهب متى ما يشاء، إن نضبت ضراعات الخليج المعلقة الأن في ماكنة استخراج الحليب.. من يدري فالحسم سيظهر بعد الإنتخابات العراقية المبكرة وليس بعد الإنتخابات الأمريكية..