في البداية نقول، ونحن نعمل من أجل توفير شروط التأسيس لتجمعنا، نتوقع المزيد من إثارة الشبهات حول مشروعنا التغييري الرائد، وحول مؤسسيه، ونحن ماضون به، لإيماننا العميق بحاجة العراق القصوى لمثل هذا المشروع، وبالرؤى والمبادئ والأهداف التي ثبتها لنفسه.
مقالة أثارت مجموعة شبهات حول مشروعنا، مشروع (تجمع دولة المواطنة)، ككيان سياسي نمهد لتأسيسه، ذي اتجاه علماني ديمقراطي ليبرالي، يعتمد مبدأ المواطنة والعدالة الاجتماعية والفصل بين الدين والسياسة، كون المقالة تعتمد فكرا يرفض مبدأ المواطنة العراقية، لأنها تعتمد الهوية الشيعية العربية، إلى جانب هوية سنية عربية، وهوية كردية، وتعتبر المواطنة العراقية مجرد وهم مفتعل، لا وجود له، وتدعو إلى كيان للشيعة العراقيين بأصولهم، العرب بأصولهم أيضا.
ولأن المقالة تناولت زميلنا مطلق مشروع التجمع وواضع ثوابته الفكرية وبرنامجه السياسي ضياء الشكرجي، محاولة تسقيطه وتسقيط التجمع، إلا أن زميلنا لم يرد الرد، فيما يخصه شخصيا، ونجد قراره صائبا، لكن ارتأت الهيئة التحضيرية أن يُكتَبَ ردٌّ من قبل التجمع نفسه، وإن كنا قد استفدنا في هذا الرد من بعض المعلومات من زميلنا، فيما وجدنا ضرورة الرد عليه، فيما يخصه شخصيا، لأن ما يثار عليه، يراد أن ينال به من مشروع التجمع. وبالمناسبة إننا نذكر اسم مطلق المبادرة الزميل الشكرجي بدون أي من الألقاب، مما قد نراه مناسبا، استجابة لرغبته واحتراما لرفضه للألقاب.
المقالة كما يبدو وابتداءً من عنوانها تحاول ممارسة التسقيط لتجمعنا، من حيث تشبيهه بأحزاب الإسلام السياسي التي تتحمل مسؤولية ما آل إليه العراق من وضع كارثي، أدى إلى سخط شعبي متراكم، نتجت عنه ثورة تشرين، بل حتى تشبيهه بحزب البعث ومنظمة داعش الإرهابية، مما يدل على تحامل لا نجد تفسيرا له.
ولأننا قررنا عدم الرد المباشر على الكاتب، سنمر على مضامين ما ورد في المقالة المشار إليها، بكل أمانة، دون ذكر اسم الكاتب ولا عنوان المقالة أو سرد النصوص.
1. التهمة الأولى إن «تجمع دولة المواطنة» مشروع مستورد من الخارج، ولم يولد في البيئة العراقية، حاله حال الأحزاب الشمولية العابرة للهوية العراقية، كالأحزاب القومية والاسلامية والشيوعية. هذه التهمة المثارة انطلقت كما يبدو من ثلاثة أسباب، الأول لأن أفكار التجمع (الديمقراطية، العلمانية، الليبرالية، مساواة المرأة بالرجل، المواطنة، حقوق الإنسان …إلخ) قد نشأت في الغرب. والثاني لأن مطلق المبادرة وواضع أسسها الفكرية عاش حقبة طويلة من عمره في الغرب، ولذا فهو متأثر بثقافة الغرب، والثالث هو الادعاء بأن أصوله القديمة غير عراقية، رغم كونه وأبيه وجده وجد جده كلهم ولدوا في العراق، وهم عراقيون، لكن المقالة تستخدم معايير صدام في اعتبار الشخص عراقيا أو غير عراقي. بكل تأكيد تجمعنا ليس مستوردا من الخارج، فكل أعضائه، بما فيهم المؤسس، عراقيون، وليس فينا من هو غير عراقي، أما كون بعضنا يعيش حاليا لسبب أو لآخر خارج العراق، فهذا ليس مبررا لاتهام التجمع أنه مشروع مستورد، فإن معظم أعضائه هم داخل العراق، والذين يعيشون خارج العراق لا غبار على وطنيتهم، ومن يدعي خلاف ذلك، فليأت بالدليل، وإلا فهو افتراء تعاقب عليه عادة قوانين الدول المتحضرة، ثم التجمع ينطلق من واقع عراق ما بعد ٢٠٠٣، ويضع الحلول في ضوء هذا الواقع، ولذا لا معنى لشبهة الاستيراد.
التهمة الثانية إن تجمعنا من نوع الأحزاب الشمولية، التي لا تراعي الخصوصية العراقية، وتمنع قيام نظام وطني خالص، كون المؤسسين مرتبطين بجذورهم في الخارج. ولا ندري كيف استنتجت المقالة ذلك. فنحن كتجمع جعل لنفسه (المواطنة العراقية) كمبدأ أول، يتبعه مبدأ الديمقراطية ثم العلمانية ثم العدالة الاجتماعية ثم الليبرالية، وهو أي تجمعنا لا يسأل عن دين أو مذهب أو قومية أو عشيرة أو منطقة أو أصل العضو، بل المهم عندنا إيمان العضو إيمانا عميقا بفكر التجمع، وعمله بإخلاص لتحقيق أكبر قسط ممكن من أهدافه، من أجل مستقبل أفضل للعراق.
التهمة الثالثة وجود أعضاء مؤسسين من جذور غير عراقية: إن تجمعنا عابر لكل الهويات الفرعية، ويعتمد مبدأ المواطنة، والهوية العراقية، ولذلك لا يهمنا أصل أي من أعضاء التجمع، وعن إثارة شبهة إن زميلنا الشكرجي من أصول إيرانية، كما تدعي المقالة، فنحن عرفناه منذ عرفناه عراقيا وطنيا أصيلا، ومع هذا ومن أجل التحقق من الادعاء بأصوله الإيرانية، سألناه، ونحن واثقون من صدقه، أجابنا إنه يحتمل إن الأصول الضاربة في القدم لعائلته ليست عراقية، ويحتمل أن تكون إيرانية، ولكن هناك احتمالات أخرى، كأن تكون أصول العائلة من جهة الأب فقط أفغانية أو كازخستانية، لكنه ووالده وحتى جده الرابع بالقدر المتيقن مولودون في العراق. فهل بعد كل هذا يعتبر الإنسان أجنبيا، ويشكك في مواطنته ووطنيته، كما كان يفعل صدام؟ ألم يكن فيصل الأول حجازيا، ومع هذا لا ينكر حتى المعارضون للعهد الملكي خدماته للعراق؟
التهمة الرابعة إن تجمعنا لا ينتمي إلى هوية الأكثرية الشيعية العربية ذات الأصول العراقية، ولا يضع هدفا له انتشال هذا المكون الشيعي العراقي العربي من الوضع المزري الذي هو فيه، بل التجمع حاله حال الأحزاب الشمولية، كما تدعي المقالة، كالإسلامية، وتستدل المقالة بكون التجمع يعتمد (الديمقراطية)، فيعتبرها مصداقا للشمولية والأممية العابرة للهوية العراقية. ونحن نقول إن الفكر من طبيعته إنساني عام، وليس قوميا خاصا بقوم دون غيرهم، ثم نقول لو كان مطلق هذا المشروع السياسي قوميا، أو صاحب مشروع ديني، أو طائفي، لما التحقنا بهذا المشروع، لأن الأعضاء يؤمنون بوجوب الانتقال من دولة المكونات (دولة الطوائف والأعراق) إلى دولة المواطنة العابرة لكل هذه الهويات، دون إلغائها، بل جعل الأولوية في قضايا الدولة والسياسة للمواطنة العراقية حصرا. ثم لم نسمع إن هناك ديمقراطية شمولية، فالإيديولوجيات الشمولية عمرها لم تكن ديمقراطية. وتستدل المقالة على هذه التهمة الموجهة للتجمع، ناسبا إليه اعتماد أن تكون له فروع في المنطقة، مثلما هو الحال مع الأحزاب الإسلامية والقومية والشيوعية، بنص للمؤسس يقول فيه «هل سنشهد ولادة أحزاب مماثلة في كل المنطقة التي تهمنا، وتهمنا نجاحاتها في طريق عملية التحول الديمقراطي، من أجل بناء دولة ديمقراطية علمانية حديثة؟»؛ كل ما في الموضوع لأننا نفهم الوطنية بعيدة عن العنصرية، لأننا نعتمد المثل الإنسانية والأخلاقية، والتي مفادها، كما يقال إن أخلاق الحد الأدنى أن يحب الإنسان للآخر ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه، فإننا نحب للشعوب الأخرى ما نحب لشعبنا، ونكره لها ما نكره لشعبنا، ثم نجاح المشروع الديمقراطي العلماني الحداثوي في أي بلد في المنطقة، له تأثير إيجابي على سائر بلدانها. فعلى سبيل المثال، عندما نتمنى للشعب الإيراني أن يتخلص من ديكتاتورية الفقيه، ويقيم نظاما ديمقراطيا علمانيا، كيف لا يكون لهذا تأثيره الإيجابي على العراق؟ لكننا مهمومون بالدرجة الأولى بالعراق، ولسنا بصدد تأسيس فروع لكياننا السياسي في بلدان أخرى، لا الآن، ولا مستقبلا.