بعدما دعوته لتناول فنجان قهوة وقبل ان يرشف الرشفة الأولى، كنا قد التهمنا في حديثنا الأوضاع الملتهبة في الشرق الأوسط في ضيعة الأناضول ومروج الشام وفي ضفاف دجلة والفرات، دون أن نغفل حقول القات في اليمن السعيد. وما كاد يمسح لسانه شفتيه بعد الرشفة الثانية حتى كنا قد وارينا الثرى الأوضاع العفنة في مملكتنا السعيدة، حيث سددنا ضربات موجعة لرأس الوزير الأول القاسح حتى سال دمه، كما قمنا بإفراغ حمولة أكياس من القمامة على رأس خضراء الدمن وزيرة البيئة أنعم الله عليها بكل أزبال العالم. وقبل أن يمطط شفتيه ليمتص الرشفة ما قبل الأخيرة، قال لي مبتسما نسيت أن أخبرك أنني عقدت قراني بتلك التي رأيتني رفقتها في السنة الماضية ذات لقاء ثقافي.
– مبروك هنيئا لكما.
– الله يبارك فيك شكرا.
بعد أن أجهز على الرشفة الأخيرة استأذنني مودعا وانصرف. وأنا عائد إلى قبر دنياي رأيته ورفيقة دربه يهمان بالدخول إلى دار قضاء الأسرة. قبل أن يبلعهما بابها ناديت عليه فالتفت.
– ياك لابأس؟
– سوء تفاهم بسيط ولكنها أبت إلا أن تجعل من الحبة قبة.
– لا تصدقه يا أستاذي، ليس الأمر كما يزعم.
– ما المشكل إذن؟
– إنه يخونني مع..
– يا لطيف. ما هذا الذي اسمع يا رجل؟
– ليست خيانة بمعنى الخيانة التي تعرف، إنما أردت الارتباط على كتاب الله وسنة نبيه بأخرى أطول منها قامة.
– ما العيب في هذه ما دمتما متزوجين؟
– يا سيدي إنه يعيب علي قصري، فما انفك يعيرني صباح مساء بكوني قصيرة جدا، وأن ارتفاعي لا يتعدى الميليمتر عن سطح البحر.
– أصحيح ما تقوله يا صديقي؟
– للأسف نعم، وأنا أرغب في الزواج بمن هي أطول منها قامة وشأنا.
– قامة وشأنا، ومن هذه التي سترضاها ضرة لشريكة حياتك؟
– الرواية..
– ماذا ؟
-كما تسمعان الرواية هي التي ستكون شريكة حياتي.
حاولت إصلاح ذات البين وإعادة المياه إلى مجاريها لكن صاحبي أصرّ على موقفه وركب رأس معاندا:
– أنا قرأت لمحفوظ وغارسيا وزفزاف وحنا مينا و بلند الحيدري وطه حسين ودوستويفسكي..و.. صار يتلو علي أسماء من أعرف ومن لا أعرف بسرعة كواصف رياضي، حتى قلت ليته سكت، والمسكينة بجانبي تقفز غيرة وحنقا، حتى أنها كانت أحينا ترتفع عن مستوى سطح البحر اكثر من ثلاث سنتيمترات.
– هذا جميل يا صاحبي قد يفيدك في إطعام زوجتك القصيرة جدا خيرا وزيادة، وتظهر للعيان تفوح حسنا وبهاء.
– نعم كل ما تفضلت به صحيح ولكن يحرجني أن تستعين رفيقة دربي بكعب عال لتلتقط سيلفي بجانبي.هذا فراق بيني وبينها، هذا ما لم أستطع عليه صبرا..