عام 1945 ، توقفتْ الحرب العالمية الثانية في الجبهة الأوربية باستسلام المانيا النازية ، وقَبْلها تم اسقاط النظام الفاشي في ايطاليا . وفي الشرق الأقصى كانت اليابان تجري الاتصالات للاستسلام . لكن القيادة الامريكية العسكرية سارعت بالقاء القنبلة الذرية الاولى على هيروشيما والقنبلة الثانية على ناغازاكي ، وهما مدينتان يابانيتان . فأودى ذلك بأرواح مائة الف من الابرياء ، من سكان المدينتين ، بخلاف المشوَّهين والمعذبين الذين أصبحو يفضلون الموت على حياتهم التعسة . ووصفَ أحدُ أساتذة التاريخ الامريكيين البارزين قنبلة هيروشيما بأنها جريمة ظالمة ظلماً بليغاً ، حسبما يذكر الدكتور فؤاد عبد المعطي الصياد ، في كتابه : المغول في التاريخ .
ويرى مراقبون أن الدوافع التالية كانت وراء قيام السلطات العسكرية الامريكية بالقاء قنبلتين ذريتين على هاتين المدينتين :
الاول : تجربة هذه القنبلة في مجال تطبيقي ميداني .
الثاني : إرهاب اليابان ودفعها للاستسلام سريعاً .
والثالث : إرهاب الحليف السوفيتي (الروسي) من جهة ، وحرمانه
من أية مكاسب سيتمسك بها لَوْ أنه اشترك في الحرب ضد اليابان من
جهة أخرى .
وأياً كانت الدوافع ، فان القاء القنبلتين على هاتين المدينتين كان عملاً لا إنسانياً بامتياز .
لقد أُختير الطيّار (كلود ايثرلي) للقيام بمهمة إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما وناغازاكي . وكانت المفارقة – المأساة ، ان هذا الطيّار قام بزيارة هاتين المدينتين المنكوبتين ، بعد انتهاء الحرب بقليل . فواجهتهُ الحقائق القاسية ، والواقع المر عن قصفها . وتفرس في وجوه ضحاياه . ورأى أعينهم تشخص اليه ولاحظ علامات البؤس وعدم الرغبة في الحياة لديهم . ومن وقتها كانت حياة (إيثرلي) جحيماً لا يرى سبيلاً للفرار منه . فقد كان عبء الوزر الذي إرتكبه أكبر من أن يتحمله .
وعلى الرغم من أن بلاده استقبلته استقبال الابطال ، وكافأته بوسام الطيران الممتاز ، فانه أبدى ندمه . وأبى أن يتسلم مكافأته . وصمم على أن يعاقب نفسه لتصوره أنه المسؤول عن إرتكاب جريمة هيروشيما . وحاول أن ينتحر مرتين . وأمام تصرفاته أُعلن أنه مجنون .
لكن طيار هيروشيما (كلود إيثرلي) ، يبقى مثلاً على الأدوات التي تستخدم لارتكاب جريمة كبرى .
وبعد انجاز الجريمة ، يتبرأ منها المخططون ، وتلقى تبعاتها على المنفذين .
في كتابه الذي حمل عنوان طيار هيروشيما ، حاول الباحث (وليم براد فورد هيوي) ان يلقي حفنة تراب على قبور بعض أطراف هذه الجريمة الكبرى ، ومن جملةما ركز عليه هذا الباحث ، ان المجرم سيلتقي مع ضحاياه : عاجلاً أم آجلاً .