في آذار سنة ٢٠٠٣ وفي خضم إطلاق التهديدات المتوالية ببدء الحرب تنفيذاً لما سمي (قانون تحرير العراق!!!) والذي حبكت مضامينه في الدهاليز المظلمة بفعل إرادات عدوانية شريرة وصفقت له شلة (محسوبة على العراق) بهتاناً تحمل صفات كل ما هو شاذ وبعيد عن المنهج الوطني السليم .
عرض على مقر هيئة الكهرباء (حينها كنت مديراً لها) طلباً من الشركة الروسية المتعاقد معها تنفيذ أعمال التجهيز والإشراف على تنصيب الوحدات التوليدية الجديدة لمحطة اليوسفية الحرارية (حينها كنا بانتظار تدشين الوحدة الأولى منها مع بداية صيف سنة ٢٠٠٣)، يتضمن هذا الطلب تزويد الشركة بكتاب رسمي موجه الى الجهات المعنية يثبت فيه عدم الممانعة في منح سمة خروج (مغادرة) للخبراء الروس العاملين في مشروع المحطة والبالغ عديدهم مائة وعشرون خبيراً من مختلف الاختصاصات، إذ أفاد ممثل الشركة بأن طائرة الإجلاء الروسية قد حطت في مطار صدام الدولي وهم بصدد إكمال الإجراءات الإدارية الخاصة بمغادرة الخبراء على متنها، أعلمت رئاسة الجمهورية بهذا التطور فهو يحمل في طياته تأكيدات واضحة تؤشر النية في بدء العدوان، وتم استدراج الموافقة الخاصة بتزويد الشركة بالكتاب موضوع البحث وتمت مغادرة المائة والعشرين خبيراً بغداد متوجهين الى موسكو .
عندها أيقنت أن سيل التهديدات الأمريكية بشن الحرب على بلادي سوف تأخذ طريقها في تنفيذ العدوان .
وقعت الحرب فعلاً وكان تحليق طائرة الإجلاء هذه بمرتبة صافرة إنذار مباشر لنا تؤشر أن البدء بالعمليات العسكرية على ابواب التنفيذ، وهذا يعني توقف العمل في المشاريع، التي كنا في سباق دائم وساخن مع الزمن باتجاه إنجازها لغلق إحدى الملفات العالقة وهو ملف خدمة الكهرباء، الذي عانى منها المواطن العراقي طويلاً وتحديدًا، منذ بداية سنة ١٩٩١حينما شنت هجمات مباشرة على محطات المنظومة الكهربائية العراقية وشبكاتها والحقت بها الدمار بعد ان كانت من المنظومات المتقدمة على مستوى العالم .
غادرت طائرة الاجلاء الروسية وغادرت معها صورة ما كان ينتظره العاملون في قطاع الكهرباء المتضمنة إضافة ما مقداره (١٦٨٠ ميكاواط) الى السعة الكهربائية العاملة في المنظومة آنذاك حيث كانت هي الكفيلة بغلق ملف أزمة الكهرباء .