امر رائع ان تعود او تتقدم بالزمن الى ما هو جميل …لكن امر مؤسف اننا بالعراق وفي كلتا الحالتين نعيش الزمن السيء سواء عودة به او تقدم.
ولقد عاد بي الزمن مع اخرين الى زمن صدام وكأننا انتقلنا اليه عبر نافذة وما اكثرها …
ذهبت الى استلام البطاقة الوطنية العائدة لابنتي ذات العام وشهرين والتي صدرت منذ فتره طويلة. كان هناك الكثير من المراجعين فقد تراكمت الاعداد بسبب الجائحة. تم ادخالنا منذ الساعة الثانية ومباشرة قمنا بتسجيل اسمائنا في قوائم بحسب تعليمات منهم. ويبدو ان هذه القوائم لم تكن الا لذر الرماد بالعيون كما بطريقة التقديم الالكتروني على التعيينات لكن مع الفارق اننا نشاهد التلاعب بنا ونعيش المه لحظة ..لحظة.
سجلت اسمي بأحدي هذه القوائم والتي كانت اخرها. فبدأ الموظفون المدنيون بقراءة القائمتين الاوليتين واهملت الاخريات واسمي من ضمنها. بدأت الجماهير الحاضرة تلاحظ امور – قد تبناها الضباط الحاضرون والموظفون المدنيون القائمون على التوزيع – بقوة. فقد لاحظناهم يجاوبون الكثير من الاتصالات ويبحثون عن اسماء يبدو انها يتم الاتصال بها وايضا ًيحملون بأيديهم جنسيات عراقية او قوائم اسماء وينشغلون بالبحث عنها بإصرار, حيث ينادون على اسم او اسمين ثم ينغمرون مجددا ً بهذه العملية .
وقد ذكرني هذا بوقوفنا على طابور الغاز ايام الثمانينات او ازمات النفط والازدحامات والايام الضائعة عند ابواب مديرية التجنيد. ذات الذل والاهانة وتعمد الاهمال فهذا الابن من ذات الاب.
حتى انهم قاموا بالتمييز السلبي فعزلوا النساء وبدأوا استخراج بطاقاتهن . حتى ان احد الموظفين والذي افتتح معاناتنا بخطاب كان مما قاله فيه ” انهم لن يلبثوا ان ينتهوا من كل اسمائنا ولن يقوموا من مجلسهم قبل ان ينتهوا منا” . الرسالة كانت عليكم الصبر والتحمل وغض النظر وكأن امامنا خيار اخر.
الموظف ذاته صاحب هذه الخطبة قد فقد صبره على موظف اخر لم يغض البصر انثوي الملامح كان قد كرس نفسه بكل محبة ووطنية لجنس معين من الشعب , للنساء الواقفات عند باب جانبي وهو المدخل لمكان جلوس الموظفين. فثار بوجه صاحب الخطبة بعد ان قال له دعكم من هذه الاسماء وركزوا على الاسماء في القوائم اي كونوا ذوي مصداقية.
اما نحن المراجعين فقد تحدثنا بكل المواضيع ولم نترك شيء ” يلومنا البعض على ثورتنا عليهم ” وكان هذا تعليقا ً من طالب كلية . واخر ملتحي يعطيك شكله الايحاء بانه من ذوي صلات لا بأس بها تكفي لاستخراج بطاقته هاتفيا ً حيث بدا ممتعض من عدم امكانية استخدامه لعلاقاته لمبررات دينية فقد قال ” ويكلك لا ادور وساطات “.
اجبته ” والله لو كنت استطيع الاتصال فلن افعل على هكذا شيء لأنه حق بسيط وبديهي ولو بعد عشر سنوات ” كنت متعب لدرجة اني عندما سمعت قول احد الضباط السمحين ممن تطوع للمساعدة ” من لديه اسم واحد فليتقدم لي وابحث عنه ” انني فشلت بالاستيعاب انني من المعنيين وذلك لفرط ارهاقي.لقد اتعبني المتعبون المخادعون اللصوص الذين تمتلئ سياستهم دسائس ومؤامرات وخدع لشعبهم بينما هم بمنتهى الانكشاف والوضوح مع الخارج.
وبدأنا نقترح ولم نترك شيء لم نقترحه فقد اقترحت ان يقوموا بتنزيل الاسماء للبطائق التي اصدرت من بغداد فيتم طباعتها على قوائم وتلصق خارجا ً لتقراً ,واقتراح اخر ان يقوموا بجمع الجنسيات من الناس واخر ان يقوموا بقراءة اسماء من جاءت بطاقاتهم واخر ان يفرزوا الناس حسب الاحرف وهكذا..
بالاضافة الى هذا الموظف المنغمس بالجانب الانثوي للمواطنة فقد كان هناك شاب اخر ضابط منهمك ولحد لا معقول بتسخير نفسه للآنسات والسيدات , كان نحيلا ً ومشدود القوام ومركزا ً حتى انه صرخ على احد المراجعين الممتعضين ” انجب ” وقد حدق عليه تحديقه على من اهان مرسومه والوظائف المترتبة عليه.
كانت رائحة الغلمة تفوح بالمكان خصوصا ً من هذا الشاب الذي كان كعمود كهرباء او هكذا اراد ان يبدو ويعطي الانطباع لكنه كان بعيوننا ككيس صدئ ممتقع .
كان يسلم البطاقة لجميلة ما ووجهه يقول ” انتِ يا من كنت تضنين انك لن تتنازلي وتنظري الي سائرا ً بالشارع ..ها قد نظرتي الي واحتجتني وتفاعلت معي ليس مهم ان تأخذي رقمي او لا المهم اعترافك بي وبمكانتي وان امثالي من اصحاب المرسوم هم المناسبون فهم اصحاب النفوذ والتأثير لا الوضعاء الذين جعلناهم يتوسدون الارض ذلا ً منتظرين التفاتتنا تؤلمهم ظهورهم وهم محتقرون ومهانون ولا يشتكون “