اتفاقات “سنجار” .. هل تتركها الميليشيات المسلحة تتحقق على أرض الواقع ؟

اتفاقات “سنجار” .. هل تتركها الميليشيات المسلحة تتحقق على أرض الواقع ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

أعلنت الحكومة العراقية، الجمعة، أنها وقعت اتفاقًا مع حكومة “إقليم كُردستان”، (التي تتمتع بالحكم الذاتي منذ سنوات)، بشأن إعادة الاستقرار وتطبيع الأوضاع في قضاء “سنجار” بمحافظة نينوى، بحضور ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، “غينين بلاسخارت” .

وكان من أهم أبعاد ونتائج الاتفاق أن الجانب التركي شجع على هذا الاتفاق مقابل طرد (حزب العمال)، فيما اتفق كل من الجانب الأميركي والإسرائيلي على أن تكون “سنجار” قاعدة أميركية بديلة عن (عين الأسد) عند الضرورة .

بالإضافة إلى أن يتم توسيع الجانب الكُردي إلى مساحة كبيرة؛ كون القضاء أكبر مساحات “الموصل”، وأن يصل الإقليم إلى “الأنبار وصلاح الدين وسوريا”.

كما تضمن الاتفاق الجانب الأمني في غرب “نينوى”؛ على أن يقع ضمن صلاحيات الحكومة الإتحادية بالنحو التالي  :

أ ‌- نقاطًا إدارية وأمنية وخدمية عديدة مشتركة 70% منها لـ (البيشمركة) .

ب ‌- الاتفاق بشأن الجانب (الإداري) بين الاتحادية مع حكومة “إقليم كُردستان” و”محافظة نينوى”.

ت‌ – ويدخل كل ما هو (أمني) ضمن نطاق وصلاحيات الحكومة الإتحادية بالتنسيق مع حكومة “إقليم كُردستان”.

ث‌ – أما الجانب الخدمي فسيكون من مسؤولية لجنة مشتركة بين الحكومة الإتحادية وحكومة الإقليم ومحافظة نينوى.

كما خرج الحزب البرزاني بمكاسب جديدة؛ وهي أن يجد له مساحة سكانية بديلة عن “السليمانية”، وبهذا تمكن “مسعود” من تأسيس إمارة برزانية، فضلاً عن المساحة الجغرافية، وهذا يؤثر في ميزان القوة البرزانية داخل الإقليم ويؤثر في التوازن السياسي الاتحادي .

وبضم “سنجار” إلى الإقليم البرزاني تكون “الموصل”؛ تحت تأثير الكُرد، وهكذا “الأنبار” وكُرد سوريا .

ومن أهم نقاط الاتفاق أيضًا أن تكون كل الموارد النفطية والثروات تحت تصرف الكُرد.

وأشتمل الاتفاق على إقامة تحالف “برزاني-كاظمي” سياسي يؤثر في مستقبل الخريطة السياسية تحت رعاية أميركا والأمم المتحدة .

كما أنه يوجد تخطيط لإقامة كونفيدرالية بين الإقليم السُني والبرزاني تهميدًا إلى “صفقة القرن” وتقسيم العراق وإضعاف الاتحادية. كما أنه، وبحسب إعلان “الكاظمي”، فإن هذا الاتفاق مقدمة لتطبيق المادة 140.

تداعيات سلبية أكثر من الإيجابية..

وتوالت ردود الأفعال حول الاتفاق، فمن المتوقع أن يصطدم الاتفاق بما يسمى “الهلال الإيراني”، وفيما قال قائمقام سنجار، “محما خليل”، في تصريح، إن: “الاتفاق يتضمن إخراج الفصائل المسلحة كافة، ومن ضمنها التابعة لـ (الحشد الشعبي) وحزب “العمال الكردستاني” (PKK)”.

وحذر “داود شيخ جندي”، عضو مجلس محافظة نينوى عن “سنجار”؛ من أن: “هذا الاتفاق ستكون له تداعيات سلبية أكثر من الإيجابيات، ما لم يتم إشراك الأطراف الموجودة على الأرض كافة في عملية تشكيل الإدارة، واختيار المسؤولين فيها”.

بدوره، قال “سامان داود”، الصحافي المهتم بشؤون الأقليات، إن: “هذا الاتفاق سيلقى رفضًا من قبل (الحشد الشعبي)، المسيطر على الأرض، كون هذا الاتفاق سيجعل توجهات إيران في المنطقة محل تهديد”.

إبعاد “الحشد الشعبي”..

من جانبه؛ يرى الكاتب والمحلل السياسي، “سامان نوح”، أنه: “لا يمكن تصور أن (الحشد) سيتنازل عن المكاسب التي حققها في المنطقة، فوجوده هناك يؤمّن الخط الرابط بين إيران وسوريا، في إطار ما يُعرّفه بعضهم بالهلال الشيعي الممتد من إيران إلى لبنان عبر سوريا والعراق”.

الدكتور “مناف جلال الموسوي”، رئيس مركز “بغداد” للدراسات الاستراتيجية، قال إن: “أهمية اتفاق سنجار ترجع لإبعاد عدد من الجماعات المسلحة المتواجدة هناك؛ والتي قد بدأت تؤثر بشكل لافت على الأمن الوطني العراقي من خلال قيامها ببعض العمليات ضد الجار التركي، ما دفع أنقرة لخرق الحدود والسيادة العراقية عدة مرات مؤخرًا”.

وحول أهمية “سنجار” الاستراتيجية، أوضح “الموسوي”؛ أن: “مدينة سنجار جبلية وذات جغرافية واعرة ما جعلها ملاذ للجماعات المسلحة، ويسكنها أغلبية إيزيدية وتربط بين أكثر من منطقة حيوية مثل أربيل ونينوى ما يجعلها منطقة استراتيجية”، مؤكدًا أن عودة النازحين إلى “سنجار” أصبحت ضرورة ملحة، لكن على حكومتي “بغداد” و”أربيل” تهيئة الأوضاع أولًا بعد توقيع الاتفاق حتى لا يتم تعريض النازحين لأخطار جديدة”.

تنفيذه صعب ..

وقال سياسيون لموقع (الحرة)، إن عملية تنفيذ الاتفاق في “سنجار” على الأرض صعبة، ويحتاج لإخراج الفصائل المسلحة من المدينة الجبلية الصغيرة.

وقال المحلل السياسي، “ثائر البياتي”، لموقع (الحرة)، إن: “اتفاق سنجار خطوة مهمة، لكن ينقصه أمور مهمة منها الدور العربي المفقود”، في ظل العشائر السُنية الموجودة في المنطقة، حسب تعبيره.

مشيرًا إلى أن سيطرة الميليشيات الولائية والتنسيق مع “حزب العمال الكُردستاني”، (بي. كي. كي)، يصعب من تطبيق الاتفاق على الأرض بشكل كامل؛ لأن المصالح متداخلة والأهداف مشتركة في بعض نقاطها.

وتصنف الولايات المتحدة، فصائل من (الحشد الشعبي) المدعوم من إيران و”حزب العمال الكُردستاني”، وهي أيضًا جماعة مسلحة على أنها منظمات إرهابية.

وتابع: “لو كانت هناك إرادة حقيقية من الدولة لتم إنهاء تواجد الميليشيات والـ (بي. كي. كي) منذ زمن وإعادة المنطقة إلى أهلها”، مردفًا: “هناك ما هو مهم أكثر، وهو خط النقل الآمن للميليشيات والحرس الثوري مع سوريا من منطقة سنجار، بعد أن أصبح خط الأنبار القائم خطرًا بسبب الاستهداف المستمر للميليشيات الولائية”.

من جانبه؛ قال المحلل السياسي العراقي، “غانم العابد”، لموقع (الحرة)، إن هناك صراعًا “إيرانيًا-تركيًا” في “سنجار”، وكل طرف يحاول إيجاد مبرر لذلك، على حد وصفه.

وأضاف: “إيران عبر وكلائها تحاول التواجد بحجة وجود تنظيم (داعش) الذي سبق له السيطرة على سنجار في 2014، وتركيا أيضًا ترغب بالتواجد بحجة وجود حزب العمال الكُردستاني”.

وتابع: “المفارقة أن حزب العمال الكُردستاني يتقاضى رواتبًا من الحكومة العراقية منذ عهد، حيدر العبادي، كمقاتلين تابعين للحشد الشعبي”.

وشدد “العابد” على أهمية إخراج الفصائل المسلحة من “سنجار” لتحقيق الاستقرار في المنطقة، مشيرًا إلى أن: “عدم إخراج هذه الميليشيات من الممكن أن يؤدي إلى اشتباكات”.

وقال: “سبق أن حصلت حوادث تصادمية بين القوات العراقية وحزب العمال الكردستاني، سقط على إثرها ضحايا من الجيش العراقي”، مضيفًا: “ما يزيد الأمر تعقيدًا هو الخلافات الموجودة بين الإيزيديين وإقليم كُردستان من جهة، وبين الإيزيديين والعرب من جهة أخرى”.

سنجار و”داعش”..

ويقع قضاء “سنجار” على بُعد 80 كيلومترا شمال غربي مدينة “الموصل” مركز محافظة “نينوى”، ويشمل خليطًا من مكونات عدة بينهم الإيزيديون والمسلمون والمسيحيون والكُرد والعرب والتركمان.

وفي 3 آب/أغسطس 2014، هاجم (داعش)، “سنجار”، بعد أن احتل ناحيتي وانه وزمار؛ التي تضم حقلاً نفطيًا كبيرًا، فيما فر أكثر من 350 ألف من السكان، أغلبهم إيزيديون إلى كُردستان والجبال.

وعمد (داعش) إلى استرقاق أكثر من 6 آلاف و500 من النساء والأطفال، وتسبب العنف بتشريد أكثر من 350 ألف آخرين في مخيمات النزوح شمالي العراق.

فيما لا يزال أكثر من 120 ألف ممن عادوا إلى ديارهم يواجهون مصاعب تحول دون إعادة بناء حياتهم، كما تعيش غالبية الأفراد بدون خدمات حيوية منذ صيف عام 2014، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم ودعم سُبل العيش.

كما أنه، ومنذ تحريره من سيطرة (داعش) يعاني القضاء من تعدد الإدارات وتنازع الصلاحيات، ما انعكس على تعطل عودة جميع النازحين وإنعدام فرص الحياة في القضاء.

ونهاية 2018، قام (حزب العمال)، والأجنحة التابعة له – جزء منها تابع لـ (الحشد الشعبي) يعرف باسم (اليبشة) – بإعلان حكومة محلية في القضاء.

فيما انسحبت حكومته الأولى التي انتخبت من قبل مجلس المحافظة عام 2015، إلى محافظة “دهوك”، وباتت تدير القضاء عن بُعد.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة