الهدوء والسكينة يخيمان على شارعنا بعد ان كان قبل سويعات معدودة مكتض بالمارة والسيارات وصوت الاولاد يعلوا هنا وهناك…
لا احد في الشارع ولكن البعض الكثير يجلسون في البيوت يراقبون ويتابعون الاخبار عبر شاشة الموبايل عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي..الجميع يريدون نتيجة مايجري في بلادنا التي غزتها الحروب ولم تفارقها حتى اللحظة ولعل ابرز اخبار هذا اليوم هو مقتل مدير الشركه الكوريه الذي وجدوه مشنوقا داخل مقر عمله وربما الخبر لا يعني شيئا مهما في الماضي ولكنه اليوم يعني الكثير للعراقيين الذين اصبحوا جميعهم ذات خبرة في الامور السياسيه او الاقتصاديه..وفي ظل التوترات في منطقة الشرق الاوسط عموما والعراق ودول الجيران خاصة نجد اننا اصبحنا نحلل اي خبر اوحادثه على انها بفعل فاعل وان هناك ايادي خفيه وراء هذه الافعال ولكوننا نعيش في ظل تطورات علمية شبيه بالخيال اصبحنا نسمع ان الامراض والفايروسات المعدية للانسان تقف خلفها صناعة بشريه وكل هذا الامور اصبحت ضمن منطق العقل البشري ولذلك لاغرابة في اي موضوع او حدث معين…وعودةً على السكينة والهدوء يجلس معي في هذه اللحظات ابني المدلل الصغير حماد ورغم ان عمره لم يتجاوز سن العاشرة الا انه يسهر الليل وينام في النهار وكأن الدنيا قد اندارت عقارب ساعاتها..ولكن المفيد من الامر انه يجلس الى ساعات الصباح ويصلي صلاة الفجر ويتوجه بعدها للنوم وبصراحة اكثر لعدم وجود دوام في المدارس وخوفنا من اختلاطه في النهار مع الناس وخاصة بعد تفشي وباء كورونا ولكل هذه الاسباب اصبحنا نحن وغيرنا يتركون ابنائهم للسهر ليلا…
لقد تبدل كل شيء في حياتنا اليومية حتى الاخبار لم تعد مخيفة او مفرحه مهما كانت اهميتها فالعراقيون تعودوا على حياة السلم والحرب… حياة العيش والموت..حياة الجوع والشبع….ولم نستطيع اليوم بان نقنع ابناء هذا الجيل الجديد عن الحياة التي عشناها ليس ببعيد عن وقتنا الحاضر لان التكنلوجيا والعولمة غيرت كل مجريات الحياة بيومنا هذا فحتى وسائل المشاهدة التي كانت موجودة بالامس القريب من تلفزيون وشاشة سينمائيه قد اختف تقريبا ورغم وجود الشاشات التلفزيونية في البيوت وبصناعة متطورة وحديثه ولكن الانترنيت وعن طريق الموبايل قد أخذ كل شيء منا في هذه الايام فلم نعرف اي قيمة للوقت وماتت تقريبا صلة الارحام وانتهت الاحاديث في مجالسنا وحتى ضمن الترابط الاسري…فاصبح الراوتر هذا الجهاز الناقل للشبكة العنكبوتية الانترنيت هو سيد الموقف وهو من يقرر متى تجتمع العائله ومتى تنام وعند انقطاعه للحظات تجد العائلة جميعها من رب الاسرة وربة البيت والابناء قد اصابتهم هستيريا وبصوت واحد الجميع يسأل ماكو انترنيت…وهذا هو حال الدنيا وتلك الايام نداولها بين الناس…نعم انني الان وانا اكتب هذه الكلمات تشير الساعة ان الوقت الآن هو الثالثة وعشرون دقيقة من صباح يوم السبت المصادف العاشر من شهر تشرين الاول والهدوء والسكينة في الشارع ولكنني متأكد ان اغلب الناس مازالت مستيقظة وهي تتابع الاخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي فتصبحون وتمسون على خير….