اتفاق “سنجار” .. بداية لحلحلة الأزمات العراقية وقطع الطريق أمام الانتهاكات التركية السافرة !

اتفاق “سنجار” .. بداية لحلحلة الأزمات العراقية وقطع الطريق أمام الانتهاكات التركية السافرة !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة تضاف إلى الرصيد الإيجابي للحكومة العراقية، توصل رئيس مجلس الوزراء، “مصطفى الكاظمي”، الجمعة، إلى إتمام الاتفاق على الملفات الإدارية والأمنية في قضاء “سنجار”.

وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، في بيان، أن: “الكاظمي عقد، اجتماعًا مع مسؤولين في الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كُردستان، بشأن الإتفاق على إعادة الاستقرار وتطبيع الأوضاع في قضاء سنجار بمحافظة نينوى، بحضور ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، غينين بلاسخارت”.

وأكد “الكاظمي”، بحسب البيان: “إتمام الاتفاق على الملفات الإدارية والأمنية في قضاء سنجار، والذي من شأنه أن يسرع ويسهل من عودة النازحين إلى القضاء”، مبينًا أن: “الاتفاق جرى في أجواء من التفاهم الأخوي في إطار الدولة الاتحادية وأنه سيأخذ صدى طيبًا على المستوى المحلي والدولي وسيكون بداية لحل مشاكل جميع المناطق المتنوّعة إثنيًا ودينيًا في العراق”.

القانون كفيل ببناء أساس لدولة قوية..

وأشار إلى أن: “القانون كفيل ببناء أساس لدولة قوية تسودها المواطنة، وترعى التنوع الديني والإثني، وهو مبدأ لن نتخلى عنه إذ يرتبط بمستقبل العراق ووحدته، مؤكدًا أن التأخر في إعادة الاستقرار إلى سنجار، كان على حساب الأهالي الذين عانوا بالأمس من عصابات (داعش) الإرهابية، ويعانون اليوم من نقص الخدمات”، متعهدًا بأن: “تبذل الأجهزة الحكومية قصارى جهدها لأجل المضي قدمًا في البحث عن المختطفات والمختطفين الأيزيديين”.

وشدد “الكاظمي” على أن: “الحكومة الاتحادية، وبالتنسيق مع حكومة الإقليم، ستؤدي دورها الأساس في سبيل تطبيق الاتفاق بشكله الصحيح، لضمان نجاحه، وذلك بالتعاون مع أهالي سنجار أولاً”، مؤكدًا: “حرص الحكومة وجديتها في أن تكون سنجار خالية من الجماعات المسلحة، سواء المحلية منها أو الوافدة من خارج الحدود”، لافتًا إلى أن الأمن في غرب “نينوى” يقع ضمن صلاحيات الحكومة الإتحادية.

وأكد على: “رفض العراق استخدام أراضيه من قِبل جماعات مسلحة للإعتداء على جيرانه، سواء الجار التركي أو الجار الإيراني وباقي جيراننا”.

وعبر رئيس مجلس الوزراء، عن “شكره لبعثة الأمم المتحدة في العراق لدعمها جهود الحكومة؛ فيما يخص ملف عودة جميع النازحين وإعادة الاستقرار إلى مناطقهم”، كما شكر وفد حكومة “إقليم كُردستان”، الذي ساعد في التوصل إلى هذا الاتفاق، كما ثمّن “جهود المسؤولين الحكوميين الذين بذلوا جهدهم في سبيل تحقيق هذا الإتفاق وأنصاف أهلنا الأيزيديين”.

ولفت المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، إلى أن: “اتفاق إعادة الاستقرار في قضاء سنجار يتضمن نقاطًا إدارية وأمنية وخدمية عديدة، ويتم الإتفاق بشأن الجانب الإداري مع حكومة إقليم كُردستان ومحافظة نينوى، مع الأخذ بنظر الاعتبار مطالب أهالي القضاء”.

وتابع، أنه: “يدخل كل ما هو أمني ضمن نطاق وصلاحيات الحكومة الإتحادية بالتنسيق مع حكومة إقليم كُردستان، أما الجانب الخدمي فسيكون من مسؤولية لجنة مشتركة بين الحكومة الإتحادية وحكومة الإقليم ومحافظة نينوى”.

ترحيب أممي وأميركي..

ورحبت بعثة “الأمم المتحدة” لمساعدة العراق، (يونامي)، بالاتفاق بين الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة “إقليم كُردستان” بشأن وضع قضاء “سنجار”، في “نينوى”، باعتباره: “خطوة أولى ومهمة في الاتجاه الصحيح”، وأعربت البعثة عن أملها في أن يمهّد هذا الاتفاق الطريق لمستقبل أفضل.

من جانبها؛ أعربت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة السيدة، “غينين بلاسخارت”، عن سعادتها للتوصل إلى هذا الاتفاق، مؤكدة أنه يوم تاريخي لـ”‍سنجار”، بعد المجازر التي عاشها أبناؤه على يد عصابات (داعش)، والمصاعب التي عانوا منها بعد طرد (داعش).

وأضافت أنها بداية حقيقية لعودة النازحين إلى مناطقهم، وإن “الأمم المتحدة” مستعدة لدعم الاستقرار في هذه المنطقة.

كما هنأت “الولايات المتحدة الأميركية”، الحكومة العراقية وحكومة “إقليم كُردستان”، على التوصل إلى اتفاق تعاون مشترك في “سنجار”. وقالت السفارة الأميركية لدى العراق: “نحن نتطلع إلى تنفيذه بالكامل ونأمل أن يؤدي هذا الاتفاق إلى أمن واستقرار دائم للشعب العراقي في شمال العراق”.

يعزز سلطة الحكومة..

وكشف “أحمد ملا طلال”، الناطق باسم رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، عن اتفاق وصفه بـ”التاريخي” لتعزيز سلطة الحكومة في قضاء “سنجار”.

وقال “ملا طلال”، في تغريدة على حسابه بموقع (تويتر)، إن: “رئيس مجلس الوزراء، رعى اليوم اتفاقًا تاريخيًا يعزز سلطة الحكومة الاتحادية في سنجار وفق الدستور، وينهي سطوة الجماعات الدخيلة، ويمهد لإعادة إعمار المدينة، وعودة أهاليها، وبالتنسيق مع حكومة إقليم كُردستان”.

تطبيع الأوضاع يضمن الاستقرار للأهالي..

كما أصدر رئيس حكومة إقليم كُردستان، “مسرور بارزاني”، بيانًا بشأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الحكومة الاتحادية لتطبيع الأوضاع في مدينة “سنجار”. قال فيه إن: “الاتفاق المهم الذي تم التوصل إليه مع الحكومة الاتحادية لتطبيع الأوضاع في سنجار؛ جاء نتيجة أشهر من العمل الجاد والمفاوضات بين المسؤولين في أربيل وبغداد، مما سيسمح لنازحي سنجار، الذين ذاقوا الأمرين على يد تنظيم (داعش)، بالعودة إلى أرض أجدادهم بأمن وكرامة، ولا سيما أن تطبيع الأوضاع في سنجار، سيضمن لأهالي المدينة أن يقرروا مستقبلهم بأنفسهم”.

وأضاف أنه: “اتفق الجانبان على إدارة سنجار من النواحي الإدارية والأمنية والخدمية بشكل مشترك، وهو اتفاق سيكون بداية لتنفيذ المادة 140 من الدستور”.

وتابع: “لقد سُعدت بالحديث مع رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، بعد فترة وجيزة من توقيع الاتفاق، وشكرنا فريقي التفاوض لإنجازهما هذا الاتفاق المهم؛ والذي هو بمثابة إشارة إلى ما يمكن لحكومة إقليم كُردستان والحكومة الاتحادية أن تحققاه سويةً بالاحترام المتبادل والأهداف المشتركة”.

داعش” وإقليم “سنجار”..

وفي السياق؛ أكد المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، “علي عباس”، أن أغلب المخيمات التي تحتضن العوائل الإزيدية النازحة موجودة في “دهوك” بواقع 29 إلى 30 ألف عائلة إيزيدية أغلبهم لديهم رغبة بالعودة إلى منازلهم مشروطة بتوفر الخدمات والإندماج المجتمعي وحسم الملف الأمني.

يُذكر أنه بعد سيطرة (داعش) على “الموصل”، في حزيران/يونيو 2014، اجتاح مسلحو التنظيم، “سنجار”، في الثالث من آب/أغسطس من نفس العام، حيث أرتكبوا جريمة الإبادة الجماعية بحق الكُرد الإيزيديين واستعبدوا النساء وجنّدوا الأطفال الصغار كما نزح مئات الآلاف الآخرين، قبل أن تحررها (البيشمركة)، في 13 تشرين أول/أكتوبر 2015.

وفي 2014، أَمرَ “نيجيرفان البارزاني”، الذي كان رئيس حكومة “إقليم كُردستان”، آنذاك، بإنشاء مكتب تحرير الكُرد الإيزيديين المختطفين على يد تنظيم (داعش)، والذي تمكن من تحرير الآلاف منهم.

وقال مدير شؤون الإيزيديين في وزارة أوقاف إقليم كُردستان، “خيري بوزاني”، إنه في الفترة من 3 – 8 -2014 وإلى 29 – 07 – 2020؛ من إجمالي 6417 إيزيديًا خُطفوا من (داعش)، تم تحرير 3530 منهم، ولا يزال 2887 إيزيديًا – أي ما يعادل 45% – بقبضة (داعش) أو أنهم واجهوا مصيرًا مجهولاً.

ومن مجموع 550 ألف كثردي إيزيدي في “إقليم كُردستان”، هنالك 360 ألف نازح منهم، فيما هاجر 100 ألف آخرين لخارج البلاد، (جُلُّهم إلى ألمانيا)، ولم يتجاوز عدد العائدين إلى “سنجار” نسبة 20%، حيث يقيم أغلبهم في 14 مخيمًا بمحافظة “دهوك”.

وتشير “منظمة العفو الدولية” إلى أن نحو ألفي فتاة وطفل إيزيدي لا يزالون يعانون من مشاكل نفسية بسبب ما تعرضوا له على يد (داعش)، مشيرةً إلى ضرورة ضمان عدم تعرض من تلقى العلاج النفسي منهم لأي صدمات جديدة.

رفض إعادة “البيشمركة” والحزب الديمقراطي الكُردستاني..

عن المحادثات، أبدى رئيس (حزب التقدم الإيزيدي)، “سعيد بطوش”، الجمعة، رفض أبناء “سنجار” أي تسوية سياسية تهدف لإعادة (البيشمركة” و(الحزب الديمقراطي الكُردستاني) إلى القضاء.

وقال “بطوش” إن: “على الحكومة الاتحادية عدم الاستسلام لضغوطات (الديمقراطي الكُردستاني) التي تهدف لإعادة الشخصيات التي تخلت عن سنجار وسلمتهم بيد عناصر (داعش) الإرهابي، ومن بينهم القائممقام، محما خليل، الذي ينتمي للحزب”.

وأضاف أن: “سنجار تنعم بالأمن وينقصها فقط الاهتمام من قبل بغداد بتخصيص الأموال للتعويضات وإعادة الأعمار، والتي ستساعد العوائل النازحة على العودة والاستقرار مجددًا”.

وأشار إلى أنه: “لسنا على استعداد للوقوع مجددًا ضحايا بيد عناصر تنظيم (داعش) الإرهابي، وأي عودة لبيشمركة الحزب الديمقراطي وعناصر الحزب مرفوضة رفضًا قاطعًا”.

يعيد سيطرة الحكومة ويقطع الطريق أمام تركيا..

تعليقًا على تلك الخطوة، قال “د. حيدر حميد”، رئيس مجلس خبراء دعم صناع القرار، لـ (كتابات)، أن هذا الاتفاق يعد خطوة مهمة لإعادة التطبيع في قضاء “سنجار” وإعادة الاستقرار فيه؛ وسوف يتيح الاتفاق إلى عودة النازحين من المكونات كافة إلى منازلهم بعد أن هجروا منها قسرًا بعد سيطرة (داعش) على المنطقة، وبعد طرد تنظيم (داعش) تعذر على السكان العودة إلى منازلهم بسبب سيطرة (حزب العمال الكُردستاني) وجماعة مسلحة تدين بالولاء لهذا الطرف أو ذاك واتخذت “تركيا” من تواجد (حزب العمال) ذريعة في قصف المنطقة والقيام بعمليات عسكرية في داخل الحدود العراقية بحجة مطاردة (حزب العمال الكُردستاني)     مما أعاق عملية عودة النازحين وتحقيق الاستقرار في القضاء.

موضحًا “حميد”؛ أن هذا الاتفاق سوف يعيد سيطرة الحكومة الاتحادية على القضاء، وسوف تتولى إدارة الملف الأمني فيه بالتنسيق مع حكومة “إقليم كُردستان”؛ وهذا بدوره سوف يقطع الطريق أمام “تركيا”، التي كانت تتذرع دائمًا بوجود (حزب العمال) في المنطقة، لكن لم تعرف لحد الآن الآلية التي سوف تقوم بها الحكومة الاتحادية في إبعاد (حزب العمال)، لكن بإعتقادي أن هذا الاتفاق سوف يجبر الحزب على الانسحاب طواعية إلى “جبال قنديل”، لاسيما وأن طرفي الاتفاق هما الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم اللتان مصممتين على إعادة الاستقرار في “سنجار” وإنهاء أي وجود مسلح خارج إطار السلطة الاتحادية، وهذا الاتفاق إذا ما وضع موضع التنفيذ سيتيح لآلاف الأسر الأيزيدية والكُردية والعربية العودة إلى منازلهم، وفي كل الأحوال يعد مكسبًا سياسيًا لحكومة السيد “الكاظمي”؛ إذ أنها نجحت في حل واحد من أعقد المشكلات بالطرق السياسية بإنتهاج الدبلوماسية الهادئة على قاعدة المناصفة في حل المشكلات العالقة بين الحكومة الاتحادية والإقليم .

إنطلاقة لمرحلة جديدة لحل الأزمات العراقية..

كما أوضح “هاشم الشماع”، عضو مركز “العراق” للتنمية القانونية، لـ (كتابات)؛ أن قضاء “سنجار” أحد أقضية محافظة “نينوى”، حيث تحول من قضاء آمن إلى قضاء ضحية عصابات (داعش) الإجرامية، وتعرض أهله الأيزيديين إلى التشريد والخطف والقتل وانتشار المجاميع المسلحة التي تعث فيه فسادًا سواء كانت خارجية أو داخلية، وهذا القضاء أيضًا يعد من المناطق المتنازع عليها بين “بغداد” و”إقليم كُردستان” حسب المادة 140 من دستور العراق 2005، كما أن هذا القضاء تعرض للدمار شبه الكامل بسبب العمليات العسكرية ضد تنظيم (داعش) الإرهابي .

وذكر “الشماع”؛ أن اليوم كان حدثًا تاريخيًا بكل المقاييس من عدة جهات منها: أن اتفاقًا بين “بغداد” و”أربيل” عقد برعاية رئيس مجلس الوزراء، “مصطفى الكاظمي”، ومتابعة “الأمم المتحدة”، وأن هذا الاتفاق سينهي معاناة النازحين والعودة إلى ديارهم بعد بناءها من جديد لتكون صالحة للسكن، والاتفاق سينهي تواجد المجاميع المسلحة التي تسيطر على القضاء وستكون إدارة مشتركة بين “بغداد” و”أربيل” لإدارته أمنيًا وإداريًا وخدميًا وإعادة الحياة التدريجية إليه مع عمل دوائر الدولة لمتابعة شؤون المواطنين، والنقطة الجوهرية والمهمة في الاتفاق سيقطع الطريق على “تركيا”، التي تتدخل بشكل سافر في شؤونه عسكريًا بحجة ملاحقة عناصر (حزب العمال)، وأن إعتداءات تصدر منه.

وأضاف أن الاتفاق أيضًا أثبت نقطة مهمة هي الأخرى؛ أن العراق وقضاء “سنجار” لن يكونا منطلقصا للإعتداء على دول الجوار كـ”إيران” و”تركيا”، وهو أيضًا بداية لحلحلة الكثير من النقاط الخلافية مع “إقليم كُردستان” التي ظلت عالقة وتسببت بالكثير من الأزمات، وهو منطلق لإحياء المادة 140 من دستور العراق المتضمة حل المناطق المتنازع عليها، ويبدو من خلال المؤشرات أن اتفاق “سنجار” سيكون إنطلاقة لمرحلة جديدة من حل الأزمات العراقية الأخرى.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة