18 نوفمبر، 2024 7:50 م
Search
Close this search box.

أفضل الوسائل لمواجهة التخرصات الايرانية تجاه العرب/6

أفضل الوسائل لمواجهة التخرصات الايرانية تجاه العرب/6

الحلقة الأخيرة
الجوانب الإقتصادية
ان العلاقات التجارية الثنائية هي المرآة العاكسة للعلاقات السياسية بين بلدين كما يفترض في السياسة الدولية وتصنف طرديا، فكلما تطورت العلاقات السياسية إنعكس ذلك على العلاقات الإقتصادية والعكس صحيح. لكن في العلاقات العربية- الإيرانية تنقلب هذه المعادلة رأسا على عقب فهي تعكس وضعا شاذا في العلاقات الثنائية لا يمكن تصوره.
العلاقات العربية – الإيرانية في الجانب السياسي تقع في الحضيض بعد ان تولى ملالي طهران سدة الحكم، وأخذوا بنظرية تصدير ثورتهم البائسة والمنحرفة الى دول الجوار، وتدخلوا في الشؤون الداخلية للدول العربية وامتد نفوذهم الى بعض الدول في افريقيا، وقاموا بإحتلال الجزر العربية الثلاث، وتصرفوا كالقوارض في ابتلاع شط العرب، وتنصلوا من اتفاقيتهم مع العراق في إعادة الأجزاء المحتلة منه.
صحيح انهم نجحوا في أربعة دول هي العراق ولبنان وسوريا واليمن، لكنهم أخفقوا في بقية الدول العربية. لكن العلاقات الايرانية ـ العربية في الجانب الإقتصادي تتربع على القمة! والأنكى منه إن أرقى العلاقات التجارية تحتضن أسوأ العلاقات السياسية. فالدول التي تعاديها إيران هي التي ترتقي معها بعلاقات تجارية مميزة كدول الخليج العربي والإمارات وقطر بشكل خاص. حتى أن الحصار الدولي على بعض السلع المحظور تصديرها لايران فأن دول الخليج هي من تكسره لصالح إيران! في الوقت الذي كانت فيه قبضتها أشد من قبضة الأجانب على رقاب اشقائهم العراقيين خلال فترة الحصار الإقتصادي الظالم في التسعينيات من القرن الماضي والذي راح ضحيته أكثر من نصف مليون فرد معظمهم من الشيوخ والأطفال.
هذه بعض المؤشرات التجارية بين إيران والإتحاد الأوربي ومقارنتها فيما بعد مع بعض الدول العربية لأخذ صورة عن حجم تلك التناقضات. تشير ( يوروستات ) أي الدائرة الإحصائية للإتحاد الأوربي بأن دول الإتحاد ( 27 دولة )، فقد صدرت لإيران ما قيمته ( 13 ) مليار دولار عام 2005 وتصاعد المبلغ إلى ( 11 ) مليار يورو العام الماضي، وبفعل الحصار الإقتصادي بسبب تعنت إيران لإمتلاك الأسلحة النووية بدأ العد التنازلي لقيمة الصادرات الأوربية لإيران. في حين تعتبر دول الخليج العربي أفضل شريك تجاري للنظام الإيراني. فقد بلغ حجم التبادل التجاري عام 2003 حوالي ( 180 ) مليون دولار مع الكويت. و (2) بليون ريال مع السعودية. و ( 86 ) مليون دولار مع البحرين. أما الكارثة الكبرى فهي مع الإمارات العربية التي تعتبر الشريك التجاري الثالث لإيران وخامس دولة مصدرة لها رغم إحتلالها الجزرالإماراتية الثلاث! فقد بلغت قيمة التبادل التجاري بين البلدين عام 2003 ما قيمته ( 16) مليار دولارا! أي أكثر من قيمة التبادل التجاري بين إيران وجميع دول الإتحاد الأوربي.
الطريف أن سوريا بإعتبارها المعبر الإيراني للفتن والإضطراب والتآمر في المنطقة العربية لم يزد حجم تبادلها التجاري مع إيران عام 2010 عن ( 400 ) مليون دولارا. وكفة الميزان بالطبع لصالح إيران وهذ ما عبر عنه (حسام اليوسف) مدير هيئة تنمية وترويج الصادرات في وزارة الاقتصاد” بأن حجم التبادل التجاري الإيراني السوري يفوق بعشرة أضعاف التبادل السوري”. المصيبة الأخرى مع العراق المحتل امريكيا وصهيونيا وإيرانيا. حيث يزيد حجم التبادل التجاري عن (12) مليار دولار كما جاء في تصريح رئيس لجنة التنمية الاقتصادية العراقية الإيرانية حسن كاظمي قمي- سفير إيران السابق لدى العراق- مضيفا بأن الطرفين يتطلعان لزيادتها إلى (10) مليارات دولار وإلى ( 20 ) مليار دولار في الأعوام الخمسة القادمة. وهذا ما صرح به الرئيس الايراني روحاني خلال زيارى رئيس الوزراء العراقي الأخيرة الى طهران، علما ان هذه الأرقام لا تعبر عن واقع الحال، لأن مزاد العملة ما زال يضخ ملايين الدولارات يوميا الى ايران دون حسيب أو رقيب، بل في بداية شهر تشرين الاول 2020 زار السفير الايراني البنك المركزي العراقي في حالة لا تتوافق مع السياقات البروتوكولية المتعارف عليها، للتنسيق في هذا المجال، وتأمين ضخ الدولارات الى ايران، وهذا ما اعترف به اللواء (يحيى رحيم صفوي) المساعد والمستشار العسكري للمرشد الإيراني، علي خامنئي، في 27/9/2020 بأن تدخلات إيران في دول المنطقة لم تكن مجانية، بل تمت مقابل الحصول على أموال العراق وسوريا. ووفقا لوكالة “مهر” الإيرانية، فقد أكد صفوي في كلمة له في 27/9/2020 أنه “في كل مرة كنا نساعد فيها العراقيين، حصلنا على المال بالدولارات”. كما أضاف: “وقّعنا عقودا مع السوريين وسنحصل على أشياء بالمقابل”،
صرحت النائبة ماجدة التميمي عضو اللجنة المالية النيابية في 1/6/2020 في حديث متلفز” اكتشفت ان مزاد العملة في البنك المركزي تذهب الى اربع جهات هي: بعض موظفي البنك المركزي، الأحزاب، التجار، والربع الاخير فيذهب الى تمويل الارهاب، فتمويل الارهاب كان عن طريق مزاد العملة”. علما ان المزاد باع (300) مليار دولار. بالطبع التجار والشركات وتمويل الارهاب المقصود بهم اقزام ايران في البنك المركزي.
ان السلع الإيرانية التي تصل العراق هي في الغالب إستهلاكية كالأدوية والمواد الغذائية والمشتقات النفطية وهي من أسوأ السلع، وغالبا ما تكون الأغذية المستوردة فاسدة بحكم إن التجارة العراقية بقبضة عملاء إيران، علاوة على الفساد المالي والإداري المتفشي في كل مؤسسات الحكومة العراقية وهذا الفساد يخدم الإقتصاد الأيراني. فأكثر الوزارات فسادا في العراق تحكمها إيران من خلال عملائها الوزراء وكبار المسئولين فيها كالداخلية والنفط والتجارة والصحة والنقل. وهؤلاء الأوباش يجهضون أية جهود تنموية في القطاعات التقنية والنفطية والصناعية والزراعية والغذائية لخدمة المصالح الإيرانية، فقد اعترف وزير الصناعة العراقي خلال وزارة عادل عبد المهدي بأن الاحزاب الشيعية الحاكمة لا تسمح له بتصنيع اي شيء.
فالزراعة على سبيل المثال في العراق تدمرت بسبب البزل الإيراني وضخ الأملاح للأراضي العراقية، بالإضافة إلى قطع المياه وتحوير مجاري الإنهار كنهر الكارون وهي مخالفة صريحة للقوانين الدولية التي تحكم الدول المتشاطئة. وآخرها قطع نهر الوند الذي يغذي الزراعة في محافظة ديالى وهي أكبر محافظة منتجة للمحاصيل الزراعية والفواكه في العراق. لم نسمع من الحكومة العراقية أي تصريح حول تلك التجاوزات الإيرانية أو رفعها إلى الجامعة العربية أو مجلس الأمن. وهذا أمر بديهي لأن العملاء في خدمة الأسياد ولايجوز لهم الشكوى! هذه هي الحقيقة المرًة فالإيرانيون يتاجرون معنا بإرهابهم ونحن نتاجر معهم بثرواتنا!
على سبيل المثال يستورد العراق من إيران ما قيمه ( 5 ) مليار دولارسنويا من المشتقات النفطية وأهمها الغاز الطبيعي. في حين إن الغاز العراقي يحرق دون الإستفادة منه، ومجموع ما إستورده العراق منذ الغزو لحد الآن من الغاز الطبيعي الإيراني بلغت كلفته حوال ( 25 ) مليار دولار. وهو مبلغ يمكن العراق من شراء أفضل المصانع لإنتاج الغاز تقنية وتطورا بل يمكنه من تصديره إلى دول العالم! والأسعار الايرانية للوقود المصدر للعراق تزيد عن الأسعار الدولية للغاز، وعلى الرغم من عرض السعودية تزويد العراق بالمشتقات بأسعار أقل، لكن الحكومة العراقية ترفض هذه العروض بسبب الضعط الايراني.

الخلاصة:
إن مفعول السلاح الإقتصادي يكون أحيانا أشد من السلاح الحربي لو أحسن إستخدامه. فالحصار الأمريكي على النظام الايراني دمر الإقتصاد الايراني، وقد اعترف الرئيس الايراني روحاني بأن نظامه خسر ما يقارب(150) مليار دولار منذ ان فرض الحصار على بلاده، لذا يمكن للدول العربية سيما المتضررة من نظام الملالي أن تقلم براثن النظام من خلال التعاون مع الولايات المتحدة في تشديد الخناق على رقبة النظام الايراني، وايقاف الصفقات السرية معه والتي غالبا ما تكشفها الولايات المتحدة، وهي صفقات تثير العشرات من علامات الاستفهام.
هناك بالطبع وسائل فاعلة أيضا يمكن إعتمادها، تشمل جوانب إقتصادية وسياسية أخرى لم نتطرق إليها، كذلك جوانب عسكرية ونفسية ودينية وحتى رياضية، نتركها لغيرنا ليكمل هذا المشوار الطويل.

أحدث المقالات