بكل عناوين العز والشموخ القى جبل احد ( المطعم التركي ) نظراته الى جموع المنتفضين الصامدين الصابرين وهم يتوافدون الى ساحة التحرير يوم الاول من تشرين الاول ذكرى انتفاضة الشعب الاولى على كل مظاهر الفساد التي رافقت العملية السياسية التي ولدت كسيحة بسبب المحاصصة باسوا انواعها وما افرزته من ضياع كل فرص حياة حرة كريمة لشعب تحمل الكثير .. كأنه كان على موعد موعد معهم ينتظرهم بلهفة وشوق لتجديد عهد وفاء لشهداء ثورة تشرين الشعبية السلمية .
كمواطن وقفت صباح ذلك اليوم التشريني الخالد اتطلع واقرأ ما بقي من كلمات كتبها الشباب الابطال على جبل احد .. عبارات بسيطة لكنها عميقة المعنى تجسد مستوى وعي متقدم لشباب ( البوبجي ) الابطال وهم يتطلعون الى استعادة وطن سرقه سياسيون خانوا ثقة الشعب وتاجروا بالدين .. على الارض كانت صور الشهداء تطرز ارصفتها .. الغالبية منهم في ريعان الشباب لاتتجاوز اعمارهم الخامسة والعشرين ممن حرموا من التمتع بربيع عمرهم الطري حيث الفقر والبطالة والحرمان من ابسط الحقوق بات يجهز على احلامهم .. شباب اختاروا الشهادة على حياة الذل والخنوع فكانوا هم الافضل والاوعى والاسمى والارفع مكانة من كل من اعتاد ان يسطر المقالات وابيات الشعر والتحليلات وهو يتفرج من بعيد من دون ان تتطهر روحه بالمشاركة الرمزية في ساحات العز والكرامة ساحات الانتفاضة التشرينية في بغداد ومحافظات الجنوب والفرات الاوسط .
جبل احد كان مزهوا وهو يسمع هتافات ابناء البصرة وذي قار وميسان والديوانية وهي تمتزج مع صوت شباب بغداد فيؤكدون استمرار الثورة من اجل التغيير والانتصار للعراق برغم كل محاولات الاحزاب الاسلاموية الطائفية للالتفاف على الثورة وتسويف مطالب المعتصمين وركوب موجة الانتفاضة بعد ان لمسوا فشل جرائم القتل والاختطاف للناشطين وحرق خيمهم ..
قد لا تكون تظاهرات الاول من تشرين الاول 2020 بنفس زخم العام الماضي ، غير انه اثبت للعالم استمرار زخم الثورة وعنفوانها وعدم الركون الى وعود من هنا او هناك تارة باجراء انتخابات مبكرة نزيهة واخرى بتشكيل لجان لمحاربة الفساد والقيام بحملات لاعادة هيبة القانون ووضع حد للسلاح المنفلت .. لقد ولى زمن التخدير والتسويف والشعب يريد افعال شجاعة تنصف الوطن والمواطن وليس اقوال !
الاول من تشرين ذكرى ورسالة وفرصة يمكن ان يستثمرها رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي ان كان جادا فعلا في تحقيق مطالب المتظاهرين وفي مقدمتها الكشف عن هوية قتلة ابناء الشعب الشهداء في ساحات العز والكرامة وتوفير اجواء حقيقية لاجراء انتخابات شفافة ونزيهة .. لاندعي ان للكاظمي عصا سحرية ونعي مدى تغلغل ما يسمى بالدولة العميقة ، غير ان واجب المسؤولية وهي امانة امام الله والشعب تتطلب موقفا شجاعا وحكيم .
اخيرا .. بشراك جبل احد وبشرى ساحات الاعتصام في كل مكان ، فقد بدأ الشباب السير نحو طريق الحرية والتغيير .. ولامكان بعد اليوم للسياسيين الفاسدين ..