18 نوفمبر، 2024 3:10 ص
Search
Close this search box.

يا ايها الشرفاء : هل من جديد في وثيقة شرفكم ؟

يا ايها الشرفاء : هل من جديد في وثيقة شرفكم ؟

بعد ان عجز القادة السياسيون لعقد مؤتمر وطني شامل يضم في وعائه  كل أطياف اللون العراقي المزركش بفصائله وأحزابه وطوائفه وأقلياته لتحقيق مآرب الشعب في الجنوح إلى الاستقرار والأمان وتلافي كل الأزمات الخانقة التي اعترت مسيرتنا السياسية الوليدة  وكبلتها بالعوائق والقيود وإحالتها إلى مسيرة عرجاء تتعكز عليها الحكومة لتبرير فشلها وإخفاقها وتلكؤها بانجاز ما كنا نصبوا إليه في جميع المجالات الخدمية والامنيه وفي البناء والأعمار والتحرير من الخوف والعقد النفسية التي خلفتها دياجين وظلمات النظام البائد.
 تفتق ذهن البعض من القوامين على هذه المسيرة وبحركة التفافية يراد منها إخماد الأمل في عقد هذا المؤتمر الذي يتطلع إليه الشعب والفصائل السياسية المنضوية في صلب العملية الجارية في العراق.
 فتمخضت حركتهم عن مولود كسيح هزيل برقعوه بيافطة ساطعة البريق بغية التظليل والخداع تحت مسمى   وثيقة الشرف.
 وهل هناك اسمى وأقدس مفردة يعتز بها العراقيون من الشرف؟؟؟
ولو القينا نظرة فاحصه متجردة لهذا الضجيج الذي صاحب عقد هذه الوثيقة والتصديق عليها لألفيناها عبارة عن لقاء عابرا وبروتوكوليا دبلوماسيا لايتعدى عن كونه صيغه من التواصل الاجتماعي المشحون بالعناق والقبل الصورية لتطيب الخواطر وتهدئة النفوس  بين الأحزاب والشخوص التي شوهتها المشاحنات والاختلافات على المناصب والامتيازات وفرقتها المنافسة على المصالح والمنافع في سوق المتاجرة العراقية والتي لاتمت بأي صله عن بنود وفقرات هذه الوثيقة التي طبلو وزمجروا لها إعلاميا ومنذ شهور.
 
ولو أمعنا النظر  في مستوى الحضور وشكله وطبيعته الذي غصت به قاعة القصر الجمهوري لوجداناه ممثلا لطيفا واحدا مقتصرا على  الطبقة الحاكمة المسيطرة على كل مقدرات هذا الوطن من برلمانين ووزراء ووكلائهم ومحافظين والكثير من المسئولين المتنفذين المحسوبين على القادة المتصدرين لعمليتنا السياسية والذين  لايحتاجون إلى لقاء أو اجتماع يوحدهم لكونهم أصلا متواصلون ومتفاهمون عن كيفية اقتسام الغنيمة وتوزيعها فيما بينهم.
 ولغرض تطعيم وتعطير اجتماعهم كحلوه بالنزر اليسير  والحاضر دائما للطلب من رجال الدين وشيوخ العشائر كي يضفوا عليه مسحة من اجماع الرأي والتوافق الاجتماعي .
كما غابت عن هذا الاجتماع الشخصيات السياسية والحزبية التي لها وزنها وثقلها في المجتمع العراقي وتقرير سياسته والحفاظ على توازنه   واستقراره ناهيك على إن اغلب المحافظات المأزومة والمنتفضة ومنذ عشرة شهور والتي تلقى الإهمال و اللامبالاة وعدم الإصغاء لمطالبها ودعواتها   والذي يفترض بحضورها  وتفاعلها مع بنود وأهداف الوثيقة المزعومة يتحقق الكثير من الاستقرار والهدوء التي تتوخاها وثيقة الشرف والسلم الاجتماعي .
ثم أين هو التيار الديمقراطي الحقيقي وأحزابه ورموزه الذي يشكل الركيزة الاساسيه لبناء الديمقراطية على أصولها وجوهرها وليس على أساسها الصوري والشكلي ؟؟
وأين هي منظمات المجتمع المدني والحراك الجماهيري الفاعل والمؤثر من الشباب الواعي ومظاهراتهم ومطالبهم المشروعة والنبيلة في تقويم المسيرة السياسية لهذا البلد بما يرضي طموح وأماني الشعب العراقي  وتطلعاته نحو البناء والتحرير والحد من ظواهر الفساد ومحاربة المفسدين وكشف كل مساوئ وتبعات القيادة السياسية وتناثيراتها على المسيرة المترهلة التي يعاني منها عراق اليوم.
فما هو الجديد الذي إضافته هذه الوثيقة للواقع السياسي العراقي المتهرئ والمتشظي.
 الم يسبقها الكثير من الوثائق والاجتماعات التي زخرت ببياناتها ومعسول لغتها ونبل أهدافها ؟؟
فتلك هي وثقة مكة المكرمة التي عقدت في 2006 بين مختلف الطوائف والأديان والأصول العراقية والعشائرية والتي حاولت رأب  الصدع الذي طغى على المجتمع العراقي وجرفه على شفى أتون حرب أهليه جامحة  فهل استطاعت هذه الوثيقة بكل ما جمّلها من آيات قرانيه وأحاديث نبوية من تقويض الإرهاب أو تخفيف  الهجوم على المساجد والحسينيات ودور العبادة أو الاحاطه والحفاظ على أرواح الناس وقتل النفس البشرية التي حرم الله قتلها كما ورد في ديباجة الوثيقة أبدا لم يتراجع العنف الدموي في العراق سواء من الإرهاب المتأسلم والحاقد على شعب العراق أو من الميليشيات والموتورون المشاركون في قيادة العمليه  السياسيه لهذا البلد.
ولازالت وثيقة اربيل التي مهدت الطريق لتشكيل مايسمى بحكومة الشراكه الوطنيه’ لازال شرخها متأصلا وفاقعا في جسم هذه الحكومة ويأبى الاستسلام والرضوخ للأمر الواقع حتى نهاية الدورة البرلمانية الحالية.
ثم ماذا حققته المصالحه الوطنيه ووزارتها وكل مؤتمراتها واجتماعاتها واحتفالياتها وهي تضج بالأهازيج والهتافات والبيانات المنمقة والمهذبة  عن الوحدة والوئام والانسجام بين كل شرائح المجتمع العراقي والادعاء المفرط والمزعوم  بانخراط اغلب الفصائل المسلحة والمعارضة للعملية السياسية في ركب المسيرة الظافرة التي تقودها هذه الشخوص والأحزاب التي حضرت لتوقيع وثيقة العهد والسلم الاجتماعي .
أليس البنود والفقرات التي وردت وزينت وثيقة الشرف مستوحاة من أهداف وطبيعة هذه الوزاره وغايتها.؟؟
 لكن الشعب العراقي لن تنطلي عليه هذه الفهلويات والمفبركات التي يصنعها الساسة وأحزابهم  فالعشر سنوات التي خلت من عمر تبؤ هؤلاء القادة منحت هذا الشعب ألقدره والتبصر والذكاء للوقوع على كل دمرات والاعيب ومرامي هؤلاء السياسيون ومقاصدهم .
فوثيقة الشرف في نظر الشعب ماهي إلا محاولة يائسة من قبل الساسه لذر الرماد في العيون وتصوير هذه الوثيقه والمصادقه عليها على انها إعادة الثقة بين الأحزاب المتنافرة والمتنابزة ورموزها وهي محاولة عقيمة  لكسر الجمود وتأصير التقارب ونبذ الاختلاف بين هذه الفصائل وشخوصها فضلا على انها محاولة يائسة و هزيلة يراد منها إيصال رسالة إلى الدول صاحبة القرار المؤثر في السياسة العراقية والدول الاقليميه والعربية عن مدى  التوافق والانسجام في الرؤى والسلوك وتجاوز كل العقبات والمشاحنات والأزمات  التي وصمت المرحلة الحالية  وقادتها وسياسيها .
ويبقى الشرف الحقيقي ايها الساده هو الحفاظ على المال العام والبراءة من السراق والمفسدين الذي تغرق به صفوف أحزابكم ومسؤليكم .
والشرف ترويج ملفات الفساد إلى المحاكم المختصة لمحاسبة المقصرين والمتلاعبين بقوت العراق وثروته وليس بالتستر على الفاسدين من أحزابكم الذين اثروا على حساب جوع الشعب وفقره .
والشرف هو حرمة الدم العراقي  والحرص على أرواح العراقيين والذود عنهم وحمايتهم عما يعتريهم من الإرهاب الوحشي الذي يفتك بأوصالهم وييتم عوائلهم وأبنائهم دون إن أي رادع أو اكتراث منكم و من لدن قياداتكم الامنيه والعسكريه .
 والشرف كل الشرف ايها الساده الابتعاد عن الاستئثار بالسلطة ومؤسساتها  وتغليب مصلحة الشعب على مصالحكم ومصالح أحزابكم ومنتسبيكم وأقاربكم ومن يلوذ بكم ويتمسح بأذيالكم من الطفيليين والانتهازيين .
والشرف هو تقديم أقصى ما تستطيعون من خدمات وأعمار وبناء لتعيدوا الثقة والاطمئنان في نفوس الشعب الذي غيبتموه طيلة هذه السنين .
وان  تولوا العراقيين جميعا وبكل مللهم وأجناسهم وتوجهاتهم وانتمآتهم بالعدالة والمساواة وبلا تميز  في الحقوق والواجبات .
وهذا هو الشرف وليس قُبل وأحضان وابتسامات  وتواقيع ومسميات ستبقى حبر على ورق ولم يحصد منها الشعب إلا الخيبة والخذلان.

أحدث المقالات