قضية غسيل الأموال في العراق ومساراتها إلى خارج البلاد، في ظل استحداث العديد من الهيئات والدواوين واللجان الرقابية في دوائر ومؤسسات الدولة (( وتطبيق نظرية أكل ولاتوصوص)) والمال مال العراق وهم حراس غليه من سرقة الاجنبي وحاميها حراميها بس الزمان لبسهم قوط واحذية لحاسي جدر القيمة والزردة والهريسة وبصل ماشبعانين!!!
أسباب ارتفاع الفساد في العراق وغسيل الاموال والجهات المسؤولة عن ذلك، فضلا عن الأسباب التي تقف وراء تصنيف العراق في المركز السادس بين أسوأ الدول في مجال مكافحة غسل الأموال، الأمر الذي دعا الاتحاد الأوروبي إلى وضعه في يوليو 2016 على قائمة الدول التي تفتقر إلى تطبيق المعايير الدولية
فبينما تكافح حكومة مصطفى الكاظمي لضمان الاستمرار في تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين والمستفيدين من شبكة الحماية الاجتماعية، بعد الانخفاض الحاد في إيرادات الخزينة العامة جراء تراجع أسعار النفط تحت ضغط تفشي فيروس كورونا، تلقت جهودها ضربة قوية إثر إعادة الاتحاد الأوروبي في مايو 2020 وضعَ العراق على لائحة الدول عالية المخاطر في غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إلى جانب كوريا الشمالية وإيران وأفغانستان وسوريا واليمن؛ وهي الخطوة التي سيكون لها تداعيات اقتصادية ومالية سلبية على العراق.
بيئة مثالية لغسل الأموال
شكّل العراق في مرحلة ما بعد الغزو الأمريكي عام 2003، أرضاً خصبة لنشوء شبكات غسل الأموال التي استفادت من تداعيات التغيير الجذري للنظام السياسي وما رافق ذلك من فوضى سياسية واقتصادية وأمنية أذكاها التنافس المحموم بين الفرقاء السياسيين ومُمثلي المكونات العرقية-الطائفية، على حيازة أكبر قدر ممكن من السلطة والنفوذ، بما يسهل استغلال موارد الدولة وجمع الأموال التي وجدت طريقها إلى الخارج من خلال عمليات غسل أموال منظمة ومغطَّاة سياسياً، الأمر الذي كان السبب الرئيس وراء تعطيل آليات الرقابة على حركة الأموال والتجارة مع الدول الأخرى في ظل حالة انفتاح شامل على الاقتصاد العالمي.
وبالرغم من استحداث العديد من الهيئات الرقابية، مثل هيئة النزاهة العامة، ومكاتب المفتشين العموميين في الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية، فضلاً عن ديوان الرقابة المالية، ومديرية الجرائم الاقتصادية في وزارة الداخلية، وقسم الأمن الاقتصادي في جهاز الأمن الوطني، إلا أن هذه الهيئات جميعها عجزت عن مكافحة هذه الظاهرة بفعل التداخلات السياسية التي اتخذت من الانفلات الأمني والحرب الطائفية ستاراً وذريعة للتنصُّل لأكثر من عقد من ضغوط البنك الدولي والمؤسسات المالية العالمية التي هددت مراراً بوضع العراق على القائمة السوداء إن لم يُشرِّع قانوناً لمكافحة غسل الأموال، وهو الأمر الذي لم يتم حتى عام 2015 بتمرير البرلمان لقانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم 39، الذي أقر إنشاء “مجلس مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب”، الذي منح صلاحيات واسعة، فضلاً عن تشكيل مكتبٍ في البنك المركزي يسمى “مكتب مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب”.
وكان أول تقرير لـ”مؤشر بازل لمكافحة غسل الأموال” عام 2012 قد صنّف العراق في المركز السادس بين أسوأ الدول في مجال مكافحة غسل الأموال، وهو ما دعا الاتحاد الأوروبي إلى وضعه في يوليو 2016 على قائمة الدول التي تفتقر إلى تطبيق المعايير الدولية. ورغم أن الاتحاد وفي بادرة حسن نية، عاد عام 2018 ورفع اسم العراق من قائمته السوداء حتى مع احتلاله المركز الأول في تقرير مؤشر بازل لعام 2017 كأخطر دولة في مجال غسل الأموال، إلا أن الحكومة العراقية فشلت في استغلال هذه الفرصة لتحسين صورة البلاد عبر الخطو باتجاه تلبية انشغالات شركائها الدوليين.
مصادر غَسْل الأموال: تغذَّت تجارة غسل الأموال في العراق خلال السنوات الماضية من مصادر عدة، أهمها
الموازنات الاستثمارية: شكَّلت الموازنات الاستثمارية التي رصدتها الحكومات العراقية المتعاقبة بعد عام 2003، والتي تتراوح التقديرات بشأن حجمها ما بين 300 إلى 500 مليار دولار أمريكي، من أجل إعادة تأهيل البنية التحتية وتطوير المرافق العامة، مصدراً رئيساً من مصادر تربُّح الأحزاب الحاكمة عبر إحالة العقود والمقاولات الفاسدة إلى شركات وهمية أو غير مؤهلة أو غير مختصة، مقابل عمولات ضخمة يُعتقد بأن قيمتها لم تقل عن خُمْس قيمة كل عقد، والتي غالباً ما جرى تنفيذها بصورة غير مطابقة للمواصفات أو تم تمديد فترة تسليمها لسنوات إضافية بذريعة عدم الاستقرار الأمني.
تهريب النفط: فضلاً عن بقاء منصات تصدير النفط الجنوبية من دون عدّادات حتى نهاية عام 2017، واستخدام طريقة “الذرعة” لقياس حجم حمولة ناقلات النفط، وهو ما كان يكلّف العراق خسارة آلاف براميل النفط في كل شحنة مقابل كل سنتيمتر غير مُحتسَب، فإن أنابيب النفط الممتدة بين الحقول والموانئ، التي تعمل حتى اليوم من دون عدادات سواء على مستوى حقول النفط أو محطات الضخ الثانوية أو المصافي، لا تزال الهدف المفضل لعمليات سرقة النفط الخام ومشتقاته، وهي الممارسات التي يُقدر بأنها تستحوذ على ما بين 100 ألف و250 ألف برميل يومياً من إنتاج النفط العراقي، فضلاً عن أوجه الفساد الإداري الأخرى في احتساب كميات النفط الداخلة إلى المصافي والخارجة منها. أما في الوسط والشمال فإن حقول النفط وشبكات تهريبه التي كانت تمول تنظيم “داعش” إثر سقوط مدينة الموصل منتصف 2014، فتواصل عملها كالمعتاد لكن لصالح المليشيات الشيعية الموالية لإيران، وبالتعاون مع الأحزاب الكردية التي تنشط من جانبها في تهريب النفط المنتج في إقليم كردستان؛ وهو ما يراكم الحجم الهائل من الأموال التي يجب غسلها من أجل تسهيل إدماجها في النظام المالي العالمي.
تهريب المخدرات وتجارة الأسلحة: بات استهلاك المخدرات محلياً بعد الغزو الأمريكي واحداً من أكثر التجارات ربحية وأسرعها نمواً بفعل انخراط المليشيات الشيعية والعشائر المسلحة فيها، لاسيما في محافظة البصرة التي تشهد صراعاً شرساً على احتكار طرق تهريبها من إيران إلى داخل العراق، والذي يتمظهر غالباً في شكل نزاعات عشائرية مسلحة.
المنافذ الحدودية: ظلت المنافذ الحدودية البرية والبحرية والجوية حتى مطلع شهر يوليو الماضي، خارج سلطة الدولة تماماً، بفعل سيطرة القوى الشيعية التقليدية والميليشياوية عليها، فضلاً عن منافذ إقليم كردستان التي ترفض حكومته منذ عام 2003 تمكين الحكومة الاتحادية من الإشراف عليها طبقاً للدستور، وهو ما يكلّف الخزينة العامة خسائر تقدر ما بين 5 و10 مليارات دولار سنوياً نتيجة التهرب الجمركي والتهريب المنظم الذي يمارس هناك.
طرق غَسْل الأموال: لا يزال مزادُ العملة اليومي – الآلية التي اعتمدها البنك المركزي للسيطرة على سعر صرف الدينار العراقي عند حدود 1200 دينار للدولار الواحد عبر توفير حاجة السوق والتجار والمستوردين من الدولار الأميركي – القناةَ الكبرى التي تستخدمها الأحزاب السياسية والمليشيات لغسل الأموال المشبوهة من خلال المصارف ومحلات الصرافة المرتبطة بها، والتي حازت بصورة دائمة على الأفضلية للمشاركة في المزاد، بالرغم من المخالفات التي سُجِّلت بحقها، وأهمها تقديم أذونات استيراد مزورة بالنيابة عن التجار الذين يفترض بأنهم اشتروا الدولارات منها، والقيام بتحويل مبالغ ضخمة غير معروفة المالك إلى مصلحة مؤسسات مالية أجنبية وهْمية، مثلما تُظهر إحدى وثائق البنك المركزي من عام 2014، التي كشف عنها موقع “بغداد اليوم”، وقضت بتحويل مبلغ 1.8 مليار دولار من مصرف أهلي إلى مصرف أردني من دون التحقق من هوية مالكها ولا الجهة المستلمة التي لم يستطع البنك المركزي الأردني – عند مراجعته من قبل لجنة مكافحة غسل الأموال في البنك المركزي العراقي – تأكيد وصول المبلغ إلى المصرف الأردني المعني من عدمه
وهذا الأمر يُلقي بعض الضوء على أسباب تضاعف حجم مبيعات الدولار إلى حدود 60 مليار دولار سنوياً، رغم أن مجموع التبادلات التجارية المعلنة من قبل شركاء العراق التجاريين بالكاد تصل إلى عتبة 40 مليار دولار، ما يعني بأن ثلث التحويلات المالية العراقية، على الأقل، تذهب إلى خدمة عمليات غسل الأموال. وهو ما كان ألمح إليه رئيس ديوان الرقابة المالية الأسبق عبد الباسط تركي الحديثي بين عامي 2004 و2014 حين أكد أن حاجة الاقتصاد العراقي لتحويل العملة الأجنبية لا تتعدى 500 مليون دولار أسبوعياً، وأي دولار أكثر من ذلك فهو تهريب للعملة وغسل أموال.
خدمة إيران ووكلائها : في حين جرى طوال الأعوام الماضية توزيع الاتهامات بالجملة على القوى السياسية باستغلال موارد الدولة والاستيلاء على الأموال العامة وتهريبها إلى الخارج، إلا أن الحقيقة غير المعلنة هي أن رئيس الوزراء العراقي بين عامي 2006 و2014 نوري المالكي، كان اللاعب الأبرز في استنزاف مقدرات البلاد خدمةً لمخططات “حزب الله” اللبناني، الذي قاد مبعوثه في بغداد محمد كوثراني جهودَ إقناع أقطاب البيت الشيعي بتجديد ولاية زعيم ائتلاف “دولة القانون” على رأس الحكومة العراقية عام 2010، لتحويل العراق إلى قاعدة لنشاطات الحزب الاقتصادية ومركز غسل أموال المافيات الدولية التي يرتبط معها بعلاقات عمل في إطار عملياته الخارجية في أمريكا اللاتينية. وهو الأمر الذي كان يجري بهدوء حتى اندلاع الثورة السورية التي سرّعت خطة السيطرة على البنك المركزي، من خلال إقالة رئيسه سنان الشبيبي بتهمة الفساد عام 2012، وتكليف رئيس ديوان الرقابة المالية عبد الباسط تركي بإدارته وكالةً، بالرغم من تضارب المصالح الواضح بين المنصبين؛ لتتضاعف بعدها حجم مبيعات البنك المركزي من الدولار الأمريكي بصورة كبيرة وغير مبررة، بالتزامن مع تدفق المليشيات الشيعية العراقية للقتال إلى جانب النظام السوري.
ودشَّنت تلك الخطوة عهد سيطرة “خلية الدكتور علي المؤمن”، الموصوف بمؤرخ حزب “الدعوة” الإسلامية، والتي تضم محمد كوثراني وعدنان كوثراني وياسين مجيد، على القطاع المالي العراقي من خلال “التحكم بإجازات البنوك والصيرفات في العراق وشركات التحويلات المالية الكبيرة في حرب الظل بين إيران من جانب والولايات المتحدة وحلفائها مـن جانـب آخـر”، وصولاً إلى “إساءة استغلال موارد وزارات الزراعة والصناعة والنقل والاتصالات والهجرة والمهجرين في حكومة عادل عبد المهدي”، فضلاً عن سعي الخلية إلى “توطيد سلطتها في العراق بالتعاون مع الحرس الثوري والفصائل الولائية العراقية المتمثلة بالشيخ أبو صافي محمود الربيعي التابع للمكتب الاقتصادي لعصائب أهل الحق، وهو المتحدث باسم المكتب السياسي، بالإضافة إلى النائب أحمد الأسدي المتحدث باسم تحالف الفتح الذي يرأسه هادي العامري المقرب من إيران، والقيادي في منظمة بدر أبو مريم عبد الكريم الانصاري (وزير البلديات الأسبق)، والقيادي في كتائب حزب الله العراقي باسم الماجدي”، كما كشف عن ذلك تقرير منسوب إلى الخبير الأمني هشام الهاشمي الذي اغتيل في بغداد مطلع شهر يوليو الماضي .
هذا دون الحديث عما يُعرَف سلفاً عن حصول الشركات التابعة لحزب الله اللبناني على عقود حكومية مربحة في مجالات البناء والاتصالات والخدمات اللوجستية لشركات النفط العالمية العاملة في العراق، إلى جانب استثماراته الأخرى في مجالات السياحة والمطاعم الفاخرة والفنادق والصناعات الغذائية الخفيفة، ودخوله شريكاً في عدد من أكبر مراكز التسوق في العاصمة بغداد، المملوكة من الباطن لشخصيات شيعية سياسية وأخرى تتخذ من الفصائل المسلحة غطاء لها، والتي يوجد إجماع بين المطلعين على كواليس السوق العراقي بأنها مجرد واجهات لغسل أموال أنشطة غير مشروعة أخرى، نظراً لتقديمها خدمات بأسعار غير منطقية بحسب المعايير المحلية.
الدلالات والتداعيات : عقب قرار مفوضية الاتحاد الأوروبي، أصدر وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين بياناً أعرب فيه عن استغرابه من إدراج العراق على لائحة الدول عالية المخاطر في غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وذكّر بالتدابير التي اتخذها العراق خلال العامين الماضيين، معتبراً بأنه استوفى من خلالها جميع الشروط لخروج من القائمة السوداء. إلا أن حالة الإنكار، التي أفصح عنها بيان الوزير، تشي بجملة من الدلالات، أهمها:
تجذُّر غسل الأموال في بنية النظام السياسي، باعتبارها وجهاً من وجوه الفساد المالي الذي وضع العراق على رأس قائمة الدول الأكثر فساداً في العالم
أهميته الاستراتيجية بالنسبة لخطط إيران في تأمين الدعم المالي لحلفائها ووكلائها في سوريا ولبنان واليمن والبحرين، بالاستفادة من وضع العراق الملتبس في رؤية الإدارة الأمريكية، التي لا يبدو بأنها في وارد القطيعة التامة مع بغداد، بانتظار نضوج عناصر الرفض العراقي الداخلي للهيمنة الإيرانية على البلاد.
عدم وجود إرادة لدى الحكومة الانتقالية برئاسة مصطفى الكاظمي لفتح هذا الملف نظراً لتورط كل القوى الداعمة أو المحايدة أو غير المعارضة لحكومته، شيعية وسنية وكردية في عمليات غسل الأموال، لاسيما الكردية التي خسرت قرابة مليار ونصف المليار دولار من عائدات النفط المهرَّب من الإقليم، جراء إفلاس المصارف اللبنانية.
تخلُّف النظامين الضريبي والمصرفي في العراق، ما يجعل من العسير مواكبة حركة الأموال والتحقق من أصحابها، فضلاً عن التحاسب ضريبياً معهم.
عدم وجود غطاء قانوني لمتابعة الأشخاص الذين تظهر عليهم مظاهر ثراء لا تتناسب مع الوظائف والأعمال التي يزاولونها، أو لا تستقيم مع أسعار الخدمات والسلع التي يبيعونها، لا سيما إن كانت أقل من سعر التكلفة أو حتى لا تغطي تكاليف النقل مثل الخضروات والفواكه المستوردة من إيران، كما حصل في شهر يونيو الماضي حين سجل استيراد العراق ما قيمته سبعون مليون دولار من الطماطم الإيرانية، في الوقت الذي كان فيه الفلاحون العراقيون في إقليم كردستان يرمون إنتاجهم في الشوارع بسبب عدم وجود مَن يشتريه.
عدم وجود ضوابط واضحة للمصارف ومحلات الصرافة التي يتم اختيارها للمشاركة في مزاد العملة الصعبة، لاسيما تلك التي لا تقدم خدمات مصرفية فعلية، والتي تحفل سجلاتها بقائمة مخالفات طويلة.
تغاضي المؤسسات الرقابية والقضائية عن متابعة الأشخاص الذين تظهر بيانات البنك المركزي العراقي بأنهم أخرجوا مليارات الدولارات بأذونات استيراد مزورة، مثل حمد الياسري صاحب مصرف “الهدى” المقرب من زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، الذي أشار إليه وزير المالية الأسبق هوشيار زيباري من دون ذكر اسمه، بحديثه عن تحويل أحد الأشخاص مبلغ 6.5 مليار دولار إلى بنوك في الأردن خلال فترة حكومة المالكي الثانية.
النفوذ الكبير الذي باتت الفصائل الولائية، ومن خلفها “حزب الله” اللبناني، تتمتع به داخل مؤسسات الحكم، مما يجعل من الصعوبة وقف عمليات غسل الأموال التي تمارسها داخل العراق وترتبط بشتى النشاطات غير المشروعة؛ بدءاً من تهريب النفط والمخدرات والسلاح، ووصلاً إلى أعمال الخطف وفرض الإتاوات على رجال الأعمال والمستثمرين، لا سيما في المحافظات السنية.
أما على صعيد التداعيات، فإن القرار الأوروبي سيُضِر بسمعة العراق السياسية والمالية، ما سيؤدي إلى إخضاع التحويلات المالية من دول الاتحاد الأوروبي إلى العراق لشروط أكثر صرامة وأكثر بيروقراطية، الأمر الذي سيرفع كلف التأمين والتحويل، كما أنه سيؤدي إلى تخفيض التصنيف الائتماني للعراق إلى ما دون -B، مما يؤثر سلبياً في جذبه الاستثمارات الأوروبية وحتى الأجنبية، وفي حصوله على القروض والمنح من المؤسسات الأوروبية والدولية؛ وتلك التأثيرات ستُضاعِف الأزمة الاقتصادية التي يعانيها العراق، كما ستزيد معاناة الشعب العراقي.
خلاصة واستنتاجات : أعاد الاتحاد الأوروبي في مايو 2020 وضعَ العراق على لائحة الدول عالية المخاطر في غسل الأموال وتمويل الإرهاب؛ وهي الخطوة التي تعني إخضاع التحويلات المالية من دول الاتحاد إلى العراق لشروط أكثر صرامة، وتخفيض التصنيف الائتماني للعراق إلى ما دون -B، مما يؤثر سلبياً في جذبه الاستثمارات الأوروبية وحتى الأجنبية، وفي حصوله على القروض والمنح من المؤسسات الأوروبية والدولية.
تأتي الأموال غير الشرعية من الموازنات الاستثمارية وتهريب النفط وتجارة المخدرات والأسلحة والتهريب الجمركي. وتتم معظم عمليات غسل الأموال من خلال مزاد العملة اليومي؛ فثلث التحويلات المالية العراقية، على الأقل، تذهب إلى خدمة عمليات غسل الأموال.
من أسباب تفشِّي ظاهرة غسل الأموال تخلّف النظامين الضريبي والمصرفي في العراق، وعدم وجود غطاء قانوني لمتابعة الأشخاص الذين تظهر عليهم مظاهر ثراء لا تتناسب مع الوظائف والأعمال التي يزاولونها؛ وعدم وجود ضوابط واضحة للمصارف ومحلات الصرافة التي يتم اختيارها للمشاركة في مزاد العملة الصعبة؛ وتغاضي المؤسسات الرقابية والقضائية عن متابعة الأشخاص الذين تظهر بيانات البنك المركزي العراقي بأنهم أخرجوا مليارات الدولارات بأذونات استيراد مزورة وتحظى عمليات غسل الأموال بأهمية استراتيجية بالنسبة لخطط إيران في تأمين الدعم المالي لحلفائها ووكلائها في سوريا ولبنان، والنفوذ الكبير الذي باتت الفصائل الولائية تتمتع به داخل مؤسسات الحكم يجعل من الصعوبة وقف هذه العمليات .