22 نوفمبر، 2024 7:29 م
Search
Close this search box.

رحل رجل السلام .. “بابا الشيخ” عامل الناجين للأيزيديين بكل احترام !

رحل رجل السلام .. “بابا الشيخ” عامل الناجين للأيزيديين بكل احترام !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

أعلن في مدينة أربيل العراقية الشمالية، أمس الجمعة، عن وفاة الأب الروحي للديانة الأيزيدية في العراق والعالم، “بابا الشيخ”، عن 87 عامًا، بعد صراع مع المرض. ووصف القادة العراقيون الراحل بأنه رجل السلام الذي واجه جرائم تنظيم (داعش).

وتوفي “بابا الشيخ” في مستشفى سردم بأربيل فيما سيتم نقل جثمانه إلى مسقط رأسه في شيخان في محافظة دهوك في إقليم كُردستان، حيث سيوارى الثرى في مراسم دينية خاصة.

و”بابا الشيخ”؛ اسمه الحقيقي “خرتو حاجي إسماعيل”، هو المرجع الأعلى لعموم الأيزيديين في العراق والعالم وعضو المجلس الروحاني للديانة الأيزيدية.

وقال مصدر أيزيدي إن رحيل “بابا الشيخ” سيترك فراغًا كبيرًا لدى الأزيديين.

ونعت الطائفة الأيزيدية في العراق، أمس الجمعة، زعيمها الروحي “بابا شيخ”، حارس المعبد لمدة ربع قرن، والذي عُرف بتبنيه سياسة متسامحة تجاه الناجين من طائفته التي ذاق أبناؤها الويلات على أيدي تنظيم “الدولة الإسلامية” المتطرف.

وولد “بابا الشيخ خرتو حجي إسماعيل”، في قرية “إيسفنة” في قضاء شيخان من عائلة دينية من الأب والجد وأصبح المرجع الديني الأعلى للأيزيديين منذ عام 1995.. وكان الراحل يعاني من مرض في الكلى وتدهورت حالته الصحية قبل يومين مما استدعى نقله إلى المستشفى.

بابا الشيخ” رجل السلام..

وقدمت الرئاسات العراقية ومسؤولو إقليم “كُردستان” تعازيهم برحيل “بابا الشيخ”، وقال الرئيس العراقي، “برهم صالح”، إن الراحل كانت له مواقف وطنية في مواجهة الظلم والإرهاب ومواقفه الإنسانية وحكمته في مواجهة جرائم (داعش) ضد الأيزيديين.

ومن جهته؛ وصف رئيس الوزراء، “مصطفى الكاظمي”، الراحل بـ”رجل السلام والثبات في أوقات عصيبة مرّت على العراقيين”. وقال: “بهذه المناسبة الأليمة نعرب باسم أطياف الشعب العراقي المتآخية كافة، عن التضامن الوجداني مع ذوي الراحل ومحبّيه وسائر الأيزيديين وتقاسم الحزن كما نتقاسم المصير والعيش المشترك في هذا الوطن المعطاء”.

أما رئيس مجلس النواب العراقي، “محمد الحلبوسي”، فقال: “بمزيد من الحزن وببالغ الأسف تلقينا نبأ رحيل المرجع الأعلى للديانة الأيزيدية في العراق والعالم”.

ومن جهته، قال زعيم الحزب الديمقراطي الكُردستاني، “مسعود بارزاني”، إن بابا الشيخ: “كان شخصية دينية بارزة ووطني كُردي أيزيدي ساهم بجهوده الخيرة في جميع الظروف ولم يتوان أبدًا في نشر الوفاق والتعايش كما كان رمزًا دينيًا ومعنويًا”. معتبرًا وفاته في هذه الظروف خسارة كبيرة.

وأشار رئيس إقليم كُردستان، “نيجيرفان بارزاني”، إلى أن: “بابا شيخ كرس حياته لخدمة الأزيديين وطوال سنوات كان لديه دور ملحوظ في ترسيخ التعايش وقبول الآخر وسيبقى خالدًا بالأثر الذي تركه”.

ونعى رئيس حكومة إقليم كُردستان، “مسرور بارزاني”، رحيل الأب الروحي للديانة الأزيدية قائلاً إن: “لبابا شيخ مكانة مهمة في كُردستان والعالم ومشهود له بدوره المهم والجلي في ترسيخ التعايش الديني في إقليم كُردستان”.

داعش” والديانة الأيزيدية..

وتعرضت هذه الأقلية الدينية، في صيف 2014، داخل موطنها التاريخي، في “سنجار”، إلى مذبحة مروعة على يد تنظيم (داعش)؛ الذي حول آلافًا من نسائها إلى سبايا وأطفالها إلى جنود مستعبدين وعثر على مقابر جماعية لهم تضم مئات الجثث ولدى الحكومة العراقية أدلة تفيد بأنّ هناك نساء وأطفالاً من المقتولين دفنوا أحياء، وهي فظائع صنفتها الأمم المتحدة على أنها “إبادة جماعية”.

وقد تم إنقاذ حوالي 20 ألفًا من بين 40 ألف لاجيء أيزيدي حوصروا في الجبال شمال العراق إثر احتلال الموصل، حيث بدأ اللاجئون بالتدفّق عائدين إلى الأراضي العراقية بعد أن إجتازوا رحلة شديدة الخطورة عبر الأراضي السورية.

بعد ثلاث سنوات من احتلال التنظيم الجهادي مناطقهم، في 2014، غادر ما يقرب من 100 ألف شخص البلاد ونزح آخرون إلى كُردستان العراق. وبحسب السلطات الكُردية، فقد اختطف الجهاديون أكثر من 6400 أيزيدي وأيزيدية، ولم يتمكن سوى نصفهم من الفرار أو النجاة. ولا يزال مصير الآخرين مجهولاً.

والأيزيديون هم أتباع ديانة شرق أوسطية ذات جذور قديمة. جميع أبناء الديانة اليزيدية هم من الأكراد ويعيش معظمهم حول الموصل وسنجار في العراق وهناك أيضًا مجموعات في سوريا، تركيا، إيران غورغيا وأرمينيا. ويُقدّر العدد الإجمالي للأيزيديّين بحوالي 800 ألف إلى مليون.

ويقول الكثير من الباحثين بأنّ اسم الأيزيديّين جاء من اسم الخليفة من الأسرة الأموية “يزيد” الأول ابن معاوية. وقد اعتُبر هذا الخليفة في نظر الأيزيديّين تجسيدًا للشخصية الإلهية ويُسمّى “سلطان عازي”.

وتعتبر الثقافة الأيزيدية ثقافة كُردية ويتحدّث معظمهم اللغة الكُردية، “الكورمانجي”، فيما يتحدث القليل منهم أيضًا العربية نظرًا لقربهم وعيشهم في ظلّ دول عربية مثل العراق وسوريا.

وتحرم هذه الأقلية التي يعود تاريخها إلى أربعة آلاف سنة زواج نسائها خارج الطائفة، وفي حال تقرر تطبيق قانون الأجداد، فلا يمكن للأيزيديات اللواتي زُوجن قسرًا من خاطفيهن العودة الى المجتمع. لكن في مواجهة وضع استثنائي، قاد “بابا شيخ” المجلس الروحي الأيزيدي الأعلى إلى الدعوة بطريقة غير مسبوقة للترحيب بالناجيات.

ونعت “نادية مراد”، الحائزة على جائزة “نوبل” للسلام، والبالغة من العمر 26 عامًا، وهي واحدة من السبايا السابقات، على حسابها على (تويتر)، “بابا شيخ”، الذي قالت إنه كان “منارة” يستنير بها مجتمعها، وإنه “عامل الناجين الأيزيديين بحب واحترام”.

وصرح مسؤولون أنه من المتوقع أن يحل نجله الذي جرى إعداده لذلك منذ فترة طويلة، مكانه بمجرد انتهاء أسبوع الحداد. وأوضحوا أن الوظيفة روحية بحتة، بينما تقع الشؤون الاجتماعية والسياسية في يد أمير الأيزيديين، “حازم تحسين بك”، الذي عين في، تموز/يوليو 2019، بعد وفاة والده.

وتعمل “مراد” جنبًا إلى جنب مع المحامية والناشطة اللبنانية البريطانية في مجال حقوق الإنسان، “أمل كلوني”، مع هيئات دولية لتقديم جرائم تنظيم (داعش) إلى العدالة. وتعرض المجتمع الأيزيدي الصغير الناطق باللغة الكُردية والذي يمارس دينًا توحيديًا باطنيًا خاليًا من كتاب مقدس، للاضطهاد لقرون من قبل المتطرفين الذين يعتبرونهم عبدة “الشيطان”.

ويؤمن الأيزيديون المتحصنون في معقلهم في “سنجار” في الشمال الجبلي العراقي، بمعتقدات خاصة ويعبدون سبعة ملائكة، أهمها ملك طاووس (ملاك الطاووس). وقد بلغ عددهم 550 ألفًا في العراق في عام 2014، فيما يبلغ مجموعهم 1,5 مليون حول العالم.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة