لا تقتصر الفوضى السائده فى المجتمع على الفساد الادارى والسرقات المستفحله فى مؤسسات الدوله وسيطرة المليشيات على الشارع وارهاب المواطنين…الخ وانما كثرة الكلام والتصريحات التى يطلقها السياسيون والوعود الكاذبه التى لم تتحقق وكذلك اللجان التى تشكل دون ان تقدم نتائج, من ناحية اخرى كثرة القنوات التلفزيونيه التى تعمل لساعات طويله وخسرت رسالتها ودورها التنويرى واصبحت اداة لقوى وكتل سياسيه قامت بتاسيسها وتمويلها ماليا تستخدمها لمختلف القضايا ذات الاهميه للكتله ورئيسها. انه ليس تحديا على المعنيين ان نصف ظهور هذه الاعداد الكبيره من القنوات التلفزيونيه بانها فوضى وتمثل انعكاسا للاوضاع الفوضويه اللاخلاقه المدمره التى تحكم بلدنا العزيز ان الاوضاع المزريه التى يعيشها الشعب والبلد يجب ان تأخذ محمل الجد من وسائل الاتصال خاصة فى متابعة الوعود التى يطلقها السياسيون وما هى النتائج التى ترتبت عليها ولماذا لم تتحقق وكيف يمكن ان تبتكر افكار ووسائل اخرى من شأنها ان تكون اكثر جديه. ان الفشل والفساد فى اجهزة الدوله لا يقتصر على النوايا الخبيثه المعشعشه فى البنية النفسيه والتنشئه الاجتماعيه لعدد كبير من اصحاب القرار, وحتى بين الخط الاول من النخبه, وانما ايضا انهم لم يحصلوا على مؤهل علمى وتجربة عمليه, وهم على جهالتهم يعتقدوا بانهم امتلكوا الحقيقه. انه اسلوب لايجدى نفعا حينما نعري هذا السياسى وذاك وننشر الفضائح والاخطاء التى تحصل قى القرارات التى قد اتخذها, وندفعه الى العناد والاعتزاز بجهالته وبنفسه وبذلك يزداد اثما خاصة انه يعلم بانه محتال وحرامى. الافضل ان نبين له بهدوء وعقلانيه وتسلسل منطقى موطن الخلل والخطا فى القرار الذى اتخذه والنتائج التى ترتبت عليه, ان هذا الاسلوب يقرب المواطن للمشاهده والسماع لمنطق العقل, نقرب اليه المعلومه ونجعله مساهما فيما يدور عليه وحوله.
ان حقول ومواضيع كثيره يجب ان تكون موضع اهتمام كبير للقنوات التلفزيونيه, مثل الاف اللجان القديمه والحديثه التى اصدر بتشكيلها امر ديوانى, ولكننا لانعرف النتائج التى توصلت اليها, اهل حصلت اجراءات “عقابيه” قد اتخذت بشأنها ام انها وضعت على الرفوف يغلفها الغبار والنسيان. يجب ان لا ينحصر الاهتمام باللجنه فى الفتره التى فرضت تشكيلها, وانما يعاد التذكير بها والتاكيد ثانية على اهميتها, ان لا يطوى عليه النسيان ويصبح هذا الاسلوب منهجيه فاعله فى بعث اليأس والاحباط واللامبالاة لدى المواطنين. ان اهمية عمل القنوات التلفزيونيه فى قدرتها فى الوصول برسالتها الى اعداد هائله من المتلقين, وغالبا ما يكون هؤلاء فى اوضاع مريحه, فى البيت بين افراد العائله يشرف الشاى او القهوه ويود الاستمتاع بمادة تقدم له موضوعا ينال اهتمامه, ان تقدم له خدمه حول ما يحصل من مختلف انواع المستجدات والتى يمكن ان يشارك بها مع زملائه فى العمل. لا اعلم عدد القنوات القنوات التلفزيونيه التى اخذت تشق الارض كالاعشاب المضره والبعض منه ذو قائده, ومع هذه الاعداد ظهرت مواهب اعلاميه وشخصيات رصينه تقدم مادتها وتطل علينا بوجه صبوح وبين الحين والحين ابتسامه رقيقه, ان هذه المواهب تتمتع بالقدره على متابعة الاراء التى تطرح واداره الحلقه النقاشيه بحيث يحصل المحاورين حصتهم الزمنيه فى المشاركه وابداء الرأى ويظهر ذلك جليا من انهم قد استعدوا لها وعملوا بجد مع محررى البرنامج , ان ما كانت تقدمه الاعلاميه سحر عباس جميل كمقدمه لموضوعها فى تقديم قصة قصيره تربط بين الماضى والحاضر قكرة جميلة رائعة وعمل مميز” والعاقل يفهم”. انها ظاهره جيدة جدا وسوف تؤسس لاحقا مع السنين وتراكم التجربه الى مدرسه اعلاميه عراقيه لها خصوصيتها. ان النساء الاعلاميات قد اخذوا مكانا مرموقا فى التلفزيون, لا يقتصر على قراءة نشره الاخبار او الاعلان عن المواد اللاحقه او نشرة المناخ والطقس وانما ايضا فى تقديم البرامج وادارة الحوارات بجداره كبيره.ان هذا التطور يوازى الحالة السائده فى الدوله المتقدمه والمساهمه الكبيره للنساء فى العمل الاعلامى, حتى ان الكثير منهن قد اسسوا شركات اعلاميه خاصه بهم تقدم افلام وثائقيه ومواد اخرى تبيعها للتلفزيون, انه تطورنوعى فى استقلالية العمل. ان كثرة القنوات التلفزيونيه قد افرز حاجة ماسه الى اعداد من المراسلين فى المدن واخرين يرسلون لتغطية الاحداث المستجده, ومما لاشك فيه لابد ان يكون البعض منهم جديدا وتنقصه الخبره والشجاعه, ويظهر لدى البعض ايضا عدم الاحاطه بالموضوع الذى يغطيه وتراه لا يجيد طرح الاسئله ولا يساعد المتكلم على الاسترسال فى كلامه ويعبر عن انطباعاته حول الموضوع, او يقاطعه فى امل ان يسمع منه ماهو فى نظره مهما ويجب ان يحتل مكانه. من الاهميه بمكان ان ينال هؤلاء المراسلين اهتماما من قبل هيئة التحرير وتساعدهم على تخطى نقاط الضعف فى ادائهم. ان العمل الاعلامى يرتبط مثل كل الحقول بالخبره والتجربه والتى يمكن ان تساعد فى الحصول عليها هيئة التحرير.
ان البرامج الحواريه تأخذ مكانا واسعا فى البرامج التلفزيونيه وموضوعا يحضى باهتمام شرائح واسعه من الجمهور. يتم التحضير لهذه البرامج من قبل المحررين ومقدم البرنامج ويقوم مقدم البرنامج بدعوة بعض الخبراء والمختصين بعدد يتراوح بين 2 – 4 من المحاورين ويبلغهم بموضوع الذى سوف يتم حوله النقاش وذلك من اجل ان يحضروا انفسهم يقدموا وجهات نظرهم حول المواضيع القديمه والمستجده. والقاعده تقوم على دعوة المحاورين, الخبراء, المحلليين السياسين, الخبراء فى الشأن العراقى, فى قضايا الارهاب والاسلام السياسى, المعروفيين بمواقفهم وارائهم السياسيه المختلفه المتباينه واحيانا المتضاده تماما. لللاسف الشديد ان اغلب هذه النقاشات غير مثمره ولاتقدم معلومه مفيدة للمتلقى يستطيع التفاعل معها, فما يقدمه المحاورالاول يتناوله الثانى بالنقد وعدم المصداقيه وان الموقف مسيس مسبقا. ترتقع الاصوات ويقاطع الاول المتكلم الثانى وهذا يشتكى من انه قى هذه الحاله لايستطيع عرض فكرته مع الاستمرار فى مقاطعته. يتدخل مقدم البرنامج ويلتمس الهدؤ وانه سوف يعطى الفرصة كاملة لكل المحاورين, ويكرر طلبه ورجاؤه فى عدم المقاطعه اثناء الوقت المحدد للنقاش عدة مرات. ياتى دور الخبير الثالث الذى يتكلم محاولا الابتعاد عن الذين سبقوه فى ما طرحوه من تطرف, ويقدم من كلاهما شيئا مخففا هو فى الحقيقه ليس لحما وليس سمكا وليس دما, انها غالبا خضروات متوفره فى الاسواق لم تعد شفافه وطريه ولكنها مغلفة بلغة جميله توحى بان صاحبها على درايه وفوق الميول والاتجاهات. عموما ان هذا النقاشات, الجلسات التلفزيونيه يسودها جوا من الفوضى وعدم الانسيابيه واحيانا التجاوز بين الحضور وتبادل الاتهامات,الى حد الشتيمه والتخوين, وفى كثير من الاحيان لايستطيع مقدم البرنامج ان يحافظ على مسار متحضر للجلسه, ليس لضعفه وعدم مهارته فى ادارة الجلسه وانما لان الحضور قد وصل كل منهما الى الحقيقه التى لا شك فيها, والحقيقه ان الجلسه التلفزيونيه فقدت وظيفتها كمبر لتبادل الاراء والتعلم المشترك وتقديم رسالة تنوريه لمئات الالاف من المتلقين وذلك لان الاراء مجهزه وجاهزه سلفا وهى لاتعتبر محاوره بقدر ما تكون نقاشا حادا متضاربا يفتقد الكثير من الموضوعيه. من القضايا المهمه التى يجب مراعاتها من قبل مقدم البرنامج تحديد فترة الكلام بـ 3 دقائق وفى حال التجاوز على الوقت المخصص, كان من يكون هذا, منصبه ومكانته, يتم قطع الخط من قبل مخرج البرنامج ويعطى الخط للمتحدث الاخر. اننى أامل ان يتم اختيار الخبراء بعتايه والحرص على تنوع الشخصيات,ان الوجوه تتكرر الى حد الملل بحيث يفرض السؤال فيما اذا عقم الفكر والعقل واغتصبت الشجاعه للمثقفين العراقيين.
ان التلفزيون صديق العائله , وحينما توضع الاصول والمقدمات التى يجب ان تسرى على المشاركين وتحترم من قبلهم, تاخذ صيغة الاعراف والتقاليد وتتطور الى ان تصبح قوانين تؤثر فى المتلقى ويمكن مع التكرار ومع الزمن ان تكون احد مقومات سلوكه الشخصى. ان فوضى قنوات التلفزيون وفوضى الاداء ونقص المواضيع التربويه الهادفه افقده القدره على وظيفته التنويريه.