خطت مملكة السويد قرارات وخطط عملية جريئة وحكيمة لمواجهة جائحة كورونا منذ يومها الأول في الاعلان عن أنتشارها أنه ( كوفيد١٩ ) ، أختلفت مضامين تلك الخطط مع قرارات ويوميات وتسلكات دول العالم في مواجهته ، مما عرضت مملكة السويد نفسها الى أنتقادات شديدة من أغلب دول العالم وعلمائه الى حد تهمة الأستهانة بحياة الناس ، أنها السويد حيث تبنت سياسة مناعة القطيع ، أي حملة شعبها والساكنين على أرضها طولاً وعرضاً في مواجهة تلك الآفة من خلال تحمل مسؤولية مواطينها في مواجهة ومقاومة تلك الآفة بعيداً عن أجراءات أقرب الى الأستنفار بغلق الحدود وشل الحياة وتعطيل المؤسسات الحكومية والمدارس وأرباك طبيعة الحياة الطبيعية والعامة وترك المطاعم والكازينوهات والبارات على رتابة عملها اليومي مع تحذير أن لاتتعدى القاءات والمناسبات العامة والشخصية وأن لاتتجاوز عن خمسين شخصاً ، ومن خلال تعزيز تلك الأجراءات دعوك أن تشعر بالآمان وبعيداً عن كوامن الخطر ، وخففوا القلق عند المواطنين عن طريق توفير المعلومات للحد من أنتشار العدوى في السويد . في الاسبوع الذي مضى سافرت خارج السويد مع زوجتي وأصدقاء لنا ، وهذه المرة الأولى منذ أنتشار الوباء ، وبعد أن تجاوزنا آخر نقطة للحدود شعرنا بخطورة جائحة كورونا من خلال الأجراءات والقيود المفروضة على حياة الناس في المطارات والشوارع ومرافق الحياة العامة ، ولم نشعر بحريتنا الا في عودتنا الى أرض السويد بعد عشرة أيام وهذه حسنة كبيرة .
رافقت تلك التطورات والمخاطر في مملكة السويد توعية عامة وأصرار على مواصلة الحياة من خلال اللقاءات اليومية والصحف والمؤتمرات اليومية لرئيس الوزراء ستيفان لوفين ومسؤولي الدولة . وكان الدور الأكبر في أتخاذ تلك القرارات الجريئة والأستثنائية لعالم الأوبئة السويدي أندرش تينغيل ، والذي قلل من فاعلية فرض بعض القيود على الناس في تقليل نقل العدوى بل أشار في أحدى مؤتمراته أضرارها الصحية . وكانت السويد حكومة وشعباً عند منزلة هذا العالم الجليل وفريقه في أتخاذ التدابير اللازمة في مواجهة هذا الوباء من خلال متابعته اليومية في مواكبة تطورات الوقاية ومكامن الخطر على حياة الناس من خلال طرق التوعية والأرشادات اليومية ومناعة القطيع .
وقد أعتمد السويدين الى الفعل الطوعي ومسؤولية الأفراد فعلى سبيل المثال توصي السلطات الاشخاص الأكثر عرضه للاصابة والاشخاص فوق سن السبعين عاماً بالبقاء في المنزل بدلاً من أن تفرض حظراً كاملاً على مستوى الدولة والبلد .
في البدء وبسبب تلك السياسة تعرضت السويد الى إنتقاد كبير من مواطينها قبل دول الجوار وشعوب العالم وحكامها ، لكن سرعان ما تحولت تلك الانتقادات الى الأشادة بمملكة السويد في تلك القرارات الناجعة في مواجهة الازمة من خلال دعم المؤسسات المدنية والنشاطات الاجتماعية والاقتصاد السويدي وزرع روحية التحدي وبث الآمان في سلوكيات مواطينها ومتابعة حياتهم الطبيعية في الشارع والمدرسة ومكان العمل . وهذه نقطة تحسب للسويد في تلك الخطوات العملية والتي لاقت الاستحسان والرضا من المواطنين السويديين .
أجراءات أقتصادية فاشلة ؟.
وفي مواجهة تلك الازمة أقتصادياً ، ورغم الأعلان الحكومي عن تحديد مبالغ كبيرة في دعم الشركات والمؤسسات ومنظمات مجتمع مدني في دعمها من آجل عدم تعرضها للأفلاس وفي مواصلة ومتابعة نشاطاتها والتي أقترنت بحزمة تصريحات يومية عبر وسائل الأعلام والقنوات المرئية والمسموعة ، لكن على المستوى العملي والفعلي لم يحدث هذا ولم تشهد ولم تحصل تلك الشركات ولو على النزر اليسير من تلك المساعدات بل تعرضت عدة كبيرة من تلك الشركات والمؤسسات الى أزمات أقتصادية طيحت ببعضها وأغلقت .
وفي تجربة شخصية عشتها في معمعة تلك الأزمة في تقديم عدة طلبات من أجل الدعم المالي في تكاليف الآجارات والدفع الضريبي وجزء من رواتب العمال لكني لم أحصل على شيء من هذا القبيل وفي ذروة الأستفسار لا جواب شافي الا فقط في تقديم طلبات تلو الطلبات والتي أصبحت مملة وتسويفية .
وفي حديث شخصي مع دائرة الضرائب فقط لتأجيل الدفوعات الشهرية أو تقسيطها المترتبة عليك كشركة مساهمة لا تلقى جواباً الا تهديداً ضمنياً ، أذا لم تدفع تلك الأموال سوف نعرض شركتك للافلاس ؟.
أين هو صدى الصراخ اليومي من مسؤولي الدولة وقرارات البرلمان والوعود الحكومية في مواجهة الازمة بدعم الشركات من أجل دعم الاقتصاد وحرية التجارة وتجاوز تداعيات الازمة . ولم تستطيع تلك السياسة من تخفيف الأثار المترتبة من الجائحة على مستوى الافراد والشركات . وقد تلقى الاقتصاد السويدي ضربة خلال جائحة كورونا لكنها أخف وطأة من الدول الأخرى .
الوضع الاجتماعي ( العائلي ) .
تشير أحصائية سويدية أن نسبة الطلاق أزدادت أطراداً في أشهر جائحة كورونا . وينسب تصريح الى جونار أندرسون أستاذ الديموغرافيا بجامعة أستوكهولم الى تداعيات فيروس كورونا ( كوفيد ١٩ ) الاجتماعية حول الأسر والعوائل التي ألتزمت البقاء في البيت تجنباً من العدوى ، وأن العديد من الأزواج أمضوا وقتاً أطول مع بعضهم البعض تحت سقف البيت مما تركت ظلالها السلبية على تلك العلاقة الزوجية أدت الى الانفصال ، ولكن هذا لايعني أن هناك العديد من العوائل تعاني من أزمات سابقة في حميمية العلاقة .
ومنذ شهر آذار عام ٢٠٢٠ والسويد تتبنى تلك السياسة بل دول وشعوب أشادت بها وتبنت تلك الخطوات بعد كانت معارضة لها ومحط أنتقادات . وفي جرد يومي للاصابات من قبل وزارة الصحة السويدية والجهات المعنية تسجل أصابات متفاوته وقليلة جداً مع تلك الدولة التي سدت حدودها ومطاراتها وحجرت مدنها ومنعت مواطنيها من حرية الحركة . وأنت كمواطن على أرض السويد الطويلة لا تشعر بخطورة تلك الآفة من خلال حركة الناس وسير المجتمع وعمل مؤسسات الدولة وهذه تشكل نقطة مهمة لعبقرية السويديين في مواجهة الجائحة .