18 ديسمبر، 2024 9:36 م

ماذا لو كانت مصالح العراق مع أميركا وإسرائيل وليس مع الشعارات الغوغائية ؟

ماذا لو كانت مصالح العراق مع أميركا وإسرائيل وليس مع الشعارات الغوغائية ؟

العقل العربي سياسيا لايفكر بمصلحة الشعب لأن الإنسان ليس له قيمة في الثقافة الحزبية التي تعبد الأفكار والشعارات ، ولدى عموم الساسة ، ولهذا قرارات الحكام العرب معظمها ضد مصالح شعوبها ، والاستثناء الوحيد هم حكام دول الخليج العربي الذين حولوا ضعفهم الى حكمة وإتخذوا خيارات سياسية في منتهى الذكاء أدت الى فائدة شعوبهم من كافة النواحي .

معيارنا في المقارنة هو نجاح دولة الإمارات العربية في خياراتها السياسية .. وفشل العراق السياسي بعد إنقلاب 1958 العسكري وبدء مرحلة التدهور المتواصل .. دول الخليج أدركت ضعفها عسكريا ، وعدم وجود كوادر محلية تدير شؤون بلدانها ، وكانت امام خيارين : إما الخضوع للشعارات الغوغائية .. واما الإهتمام بمصالح شعوبها وفائدتهم ، والنظر الى الإنسان بإعتباره قيمة أكبر من الأيديولوجيات والأفكار مهما كانت براقة وطنانة … وقد إختارت دول الخليج تقديم مصالح شعوبها أولا ونجحت وقدمت لأول مرة بتاريخ العرب نموذجا للذكاء السياسي .

بخصوص دولة الإمارات العربية التي تعد أفضل تجربة سياسية على الإطلاق في الدول العربي من كافة النواحي … الإمارات حاليا حليف للولايات المتحدة الأميركية وفيها قواعد عسكرية أميركية وفيها مكاتب للمخابرات CIA وكذلك تواجد للمخابرات البريطانية وكل هذا بعلم وموافقة الإمارات ، ومؤخرا أصبحت علاقتها مع إسرائيل معلنة ، وهي ليست علاقة تقليدية ، بل تحالف عميق وسيأتي جهاز الموساد لمساعدة الإمارات في حمايتها وشعبها من الخطر الإيراني وغيره .. وماتحققه الإمارات من نجاحات وفوائد يدل على صواب سياستها وضرورة إستفادة الدول العربية الفاشلة من أسباب هذا النجاح الذي تحقق بفضل مغادرة الإمارات فكريا وسياسيا لمحيطها العربي – الإسلامي ، وإنفتاحها على أوروبا وأميركا و اسرائيل ، علما هذا النهج كانت تسير عليه الطبقة السياسية العراقية في العهد الملكي التي أرادت إخراج العراق من سجن محيطه العربي – الإسلامي ونقله الى العالم المتحضر ، لكن جهل الناس وتآمر الحزب الشيوعي ومجموعة الضباط أدى الى انقلاب 1958 وغطس العراق في حفرة التخلف الذي نعيشه لغاية الآن !

والسؤال المنطقي : إذا كانت العلاقة مع أميركا وإسرائيل تحقق الحماية والفائدة لبلدان الخليج .. أليس هذا نموذجا عمليا امامنا يجب علينا الإقتداء به وتطبيقه في العراق إن كنا نفكر بعقولنا الطبيعية الخالية من التلوث الإيديولوجي والأفكار العدوانية التدميرية ؟

العقل السياسي العراقي بحاجة الى مغادرة حقبة الغوغائية التي بدأت بعد إثر إنقلاب 1958 وإنتشار الأفكار الشيوعية والقومية والإسلامية التي ثبت بالتجربة فشلها وهزيمتها ومعاداتها للمنطق ومصالح الشعوب .. وان العراق مدعو لإسترداد هويته السياسية الفكرية التي سادت في العهد الملكي ، والقصد هنا الهوية الفكرية وليس النظام السياسي ، فقد كان العراق تقوده طبقة سياسية حملت الكثير من التنوير والليبرالية والبراغماتية .. وكان العراق مصدر إشعاع سياسي تنويري للوطن العربي .. لذلك تم إستهدافه من الإنقلابيين في مصر وسوريا ودول المعسكر الشيوعي .

وفي الوقت الذي نعمت فيه دول الخليج بالإستقرار والأمان والإعمار ورفاهية وسعادة المواطنين .. كان العراق يعاني من كوارث الاضطرابات والانقلابات والحروب التي سببت العذاب والفقر والموت لأبناء الشعب نتيجة الفكر السياسي الخاطيء ، والفشل في إدارة العراقيين شؤونهم .

منذ إنقلاب 1958 ولغاية الآن والسياسي العراقي تخلى عن المنطق والحكمة والإهتمام بمصالح شعبه ، وإنشغل في التمسك بكرسي السلطة ، وترديد الشعارات السخيفة ، وسار في طريق تدمير البلد ، لايوجد لدى السياسي العراقي رؤية واقعية نافعة لوطنه .. لأنه شخص فاقد شرف الإنتماء الوطني الحقيقي ، ولايحمل قيم الوطنية التي تحركه مثل حكام الخليج العربي للبحث عن الخيارات التي تدعم قوة بلدانهم وتحقق لهم أفضل النجاحات ، ولعل واحدة من أروع صفات العقل السياسي الخليج انه يتعامل بواقعية مع مفهوم التحالفات وآمن عن طيب خاطر بتبادل المصالح ووافق على دفع الثمن المقابل للتحالف مع أميركا ، ولم ينظر على انه هيمنة وإستعمار ونهب لخيرات الشعوب مثلما يفكر العقل العربي التقليدي الغوغائي !
ختاما .. التجربة هي المقياس .. والتجربة أثبتت دولة الإمارات العربية حليفة أميركا وإسرائيل هي أفضل دولة ناجحة سياسيا في الوطن العربي .. وعلى جميع المعترضين ان يخرسوا ويرموا أيديولوجياتهم وشعاراتهم في مزبلة الفشل .