شاءت الاقدار ان اقيم في تركيا لمدة اسبوعين وقد رأيت ما رأيت ولكن اثار اهتمامي عدة امور اذكر بعضها هنا:
مساجد مستباحة:
شهدت تركيا ستة قرون من السلطنة الاسلامية جعلت كل مدينة وقرية فيها تحتوي العشرات وبعض الاحيان المئات من بيوت العبادة من مساجد وكنائس يعود عمر بعضها الى عدة مئات من السنين صمد بعضها بوجه الحروب والمتغيرات السياسية والفكرية والاجتماعية والمؤثرات المناخية والبيئية والجوية وبقي شامخاً راسخاً في مكانه في حين تحول البعض الاخر من دور العبادة الى مؤسسات حكومية او هدم بعضها للاستفادة من اماكنها في تشييد مدارس ومستشفيات ومرافق خدمية اخرى وهنا يجدر الحديث عن الباقية القائمة منها حيث تم تخصيص جزء صغير من تلك المساجد للصلاة وفتح بقية المكان للسياح كمعلم سياحي اثري ولكن من يدخل الى هذه الاماكن يرى انها مستباحة ومنتهكة بكل انواع البشر وبأحذيتهم وملابسهم الخليعة وتصرفاتهم الماجنة والغير محترمة وشخصياً عفت نفسي عن الصلاة في مثل هذه الاماكن وفضلت تأخير الصلاة على ان اؤديها في مكان مستباح كتلك (المساجد!) التي يفترض ان تكون لله وليس للسياح! واذا كان غيرنا قد استباح دور عبادته بالغناء والفسوق فنحن لا يجب ان نفعل المثل ويجب ان يبقى للمسجد احترامه وان لا يتحول الى تجارة بالدين واماكن الدين للسياحة وغيرها.
تنوع طبيعي وبشري
لا يخفى على احد ان المساحة الكبيرة لتركيا وموقعها الجغرافي بين اربع بحار وثلاث قارات جعلها محط رحال كل جميل وابداعي من طبيعة خلابة وبشر متنوعي الاصول وانماط بناء تقليدية عثمانية ومن قبلها يونانية ورومانية وحديثة اوربية وعربية واسلامية ومن اجمل ما يلاحظ هناك التعايش السلمي بين كل البشر من مختلف الخلفيات والاصول والمشارب الفكرية والعقائدية فلا شان لأحد بأحد ومن شاء ان يعبد ربه فليفعل ومن شاء ان لا يعبد فهذا شانه ولا دخل لأحد به كما يلاحظ التمازج المتناسق بين الابنية التراثية والحديثة والطبيعة الخضراء بتنوعها بشكل يمثل لوحة فنية لا يجيد رسمها اي فنان في الكون الا انها نتاج ابداع رباني وجهد بشري منظم.
الطائفية تعبر الحدود!
بالصدفة تعرفت على عائلة سورية لاجئة في تركيا هرباً من الحرب القائمة في سوريا منذ سنين وبعد اخذ ورد وتعارف سألتهم هل هم لاجئين او سياح فقالوا انهم لاجئين فقلت لهم من اي طرف هربتم قالوا انهم هربوا من الطرفين فكلاهما الجيش الرسمي والجيش الحر يقصفون بشكل عشوائي فوق رؤوس المدنيين والضحية هو الشعب وبناه التحتية وكيان الدولة القائمة التي لن تعمر وتستعيد طبيعتها الا بعد قرون وهنا سألوني عن عقيدتي بقولهم (انت مسلم او شيعي!) فقلت لهم ان الشيعي مسلم ايضاً ففاجأوني بتكرار نفس العبارة (انت مسلم لو شيعي!) فقلت لهم انا مسلم شيعي والحمد لله فبدت على وجوههم نظرة الامتعاض وعلت وجوههم غبرة غريبة! فقلت لهم الحمد لله الي هدانا جميعاً للإسلام فديننا واحد ونبينا واحد وقبلتنا واحدة وربنا واحد احد لا شريك له فقالوا على مضض (كل خلق ربنا خير وبركة) وسارعوا الى تركي والهروب مني بسرعة بعد ان استذكروا امامي امجاد صدام فلعنته ولعنت يوم رأه العراق وحمدت الله على خلاصنا منه فلم يقبلوا مني ذلك وعيروني بالوضع المزري الحالي للعراق وسارعوا مبتعدين. لا تعليق لي على ما حدث سوى الدعاء للباري عز وجل ان يوحد القلوب والعقول كما توحد الدين والنبي و القبلة والتاريخ وان يوفق الله الجميع لقراءة الواقع والتاريخ قراءة منصفة للتقارب بعد الفراق والله ولي التوفيق.